اصحاب هيرو

مـــَع قــَصـص ـآ‘لــقـــرٍـآن ...!! 081129042406Busf
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

اصحاب هيرو

مـــَع قــَصـص ـآ‘لــقـــرٍـآن ...!! 081129042406Busf
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه

اصحاب هيرو

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى عربى شامل اسلاميات وافلام وبرامج واغانى عربيه واجنبيه وفيديو كليب


5 مشترك

    مـــَع قــَصـص ـآ‘لــقـــرٍـآن ...!!

    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 مـــَع قــَصـص ـآ‘لــقـــرٍـآن ...!!

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 17:54



    قــــصـــة ـآ‘صـحـَــاب ـآ‘لـأخـدُوٍـوٍد

    الملك الظالم

    فى نجران بأرض اليمن كان يعيش ملك ظالم اسمه ذو نواس يوسف بن ثنا أسعد أبي كريب .. وكان له ساحر يساعده
    علي ظلمه وكان هذا الملك يدعي الألوهية ..ويجبر الناس علي عبادته .. كما كان منتشر فى أهل نجران الشرك ..

    وكان كثير منهم يعبدون الأوثان وكان هذا الملك يستولي علي أموال الناس ولا يحكم بينهم بالعدل وكان فاسقاً فاجراً جباراً

    متكبراً ..

    ومرت السنوات وكبر ساحر الملك ولم يعد قادراً علي ممارسة أعمال السحر والشعوذة فذهب إلي الملك ذات يوم وقال له :

    أيها الملك إني قد كبرت سني وأري أنني سأموت قريباً فأحضر لي غلاماً أعلمه السحر حتي يقوم مكاني ويكون مساعداً لك

    فقال الملك : وهل يستطيع أحد أن يقوم بما تقوم به إنك بسحرك تفعل أشياء خارقة وتقنع الناس إني إلههم الذي يستحق

    العبادة فمن ذا الذي يستطيع أن يفعل ما تفعله ؟ فقال الساحر : ياسيدي إذا أتيتني بغلام صغير ذكي أستطيع أن أعلمه

    ماأقوم به تماماً فيفعل لك ماأفعله تماماً فأصدر الملك أمراً بالبحث عن غلام صغير يتصف بالنبوغ والذكاء فانتشر جنود

    الملك وأعوانه فى اليمن كلها يبحثون عن غلام صغير يتصف بالفطنة والذكاء والنبوغ ..

    الغلام الذكي

    أحضر أعوان الملك مجموعة كبيرة من الغلمان ليختار منهم الساحر غلاماً يعلمه السحر فاستعرض الساحر الغلمان وراح

    يسألهم بعض الأسئلة .. ويختبرهم ويمتحنهم حتي وقع اختياره علي أذكي غلام فيهم ..وكان غلاماً صغيراً إلا أن عقله

    كبير يتصف بالفطنة وظهر من كلامه النبوغ وشدة الذكاء .. وكان اسمه عبدالله بن التامر من أهل نجران باليمن فأخبر

    الساحر بأنه اختار هذا الغلام فأصدر الملك امره أن يقيم هذا الغلام فى القصر الملكي تحت رعاية الملك وأمام عينيه وأن

    يذهب كل يوم إلي بيت الساحر يتعلم منه السحر ثم يعود إلي القصر وان تكاليف حياة الغلام علي الملك .. فله أن

    يعيش فى القصر يأكل ويشرب ويلبس مايريد علي نفقة الملك فسوف يكون هذا الغلام بعد ذلك هو ساحر الملك وساعده الأول

    فى المملكة ..

    تعلم السحر

    عاش الغلام عبدالله بن التامر فى قصر الملك أياماً قبل أن يذهب إلي الساحر وقد تعمد الملك أن يفعل ذلك حتي يضمن

    ولاء الغلام له ..ويطلعه علي الحياة الملكية التي سيكون هو المحرك لها بعد ذلك ..وفى هذه الأيام تعرف الغلام علي

    مايدور داخل القصر وعلي مايقوم به الملك من أعمال شريرة وأعال خبيثة حتي يوهم الناس أنه إله .. ودارت فى هذه

    الأيام حوارات ومناقشات بين الملك والغلام حاول فيها الملك دائما أن يبرر مايقوم به من أعمال ويقنع الغلام بأن يساعده فى

    ذلك ويغريه بالمال والطعام والحياه المترفه..وذات يوم قال يابني إنك ستكون وزيري ومساعدي الأول فى الحياة فبسحرك

    سوف يخضع الناس لي ويسمعون اوامري ويتقربون إلي خاضعين أذلاء لذلك لابد أن تتقن السحر جيداً وتتعلم كل مايعرفه

    الساحر الكبير ولا تنس فضلي وكرمي عليك ولا تنس أنك ستكون فى مكانة عالية ومنزلة عظيمة .. يحسدك الناس عليها

    فتذكر دائماً أنك ستكون مساعد الملك ووزيره الأول ..فقال الغلام: سمعاً وطاعة ياسيدي أنا في خدمتك ورهن إشارتك فلما

    إطمأن الملك إلي الغلام وتأكد من أنه هرة بالملك والمال .. بدأ يرسله إلي الساحر ليتعلم منه السحر .. فتعلم الغلام

    السحر وفنونه ونبغ فيه نبوغاً كبيراً حتي صار أقدر من الساحر الكبير ..

    الراهب والغلام

    كان الغلام عبدالله بن التامر رغم تعلمه السحر وبراعته فيه إلا أنه يري أن ذلك ضلال وكذب وافتراء وتضليل ولكنه لا

    يري طريقاً غيره ولا يعرف بديلاً خيراً منه ويري أنه سوف يحصل علي المال الكثير إلي جانب مكانته الكبيرة فى القصر

    الملكي .. وذات يوم مر الغلام علي خيمه فى بطن الجبل تقع فى الطريق بين قصر الملك وبيت الساحر فدفعه الفضول

    وحب الاستطلاع أن يدخل إلي تلك الخيمة ويري ما بها .. فدخل فإذا به يري رجلاً عجوزاً لحيته بيضاء كبيرة وأمامه

    كتاب يقرأ فيه ووجه الرجل كأنه قطعة من البدر يتلألأ نوراً .. فوقف الغلام يتأمل ويسمع مايقوله الرجل فوجده يسبح

    الله ويذكره فتعجب الغلام مما سمع وقال للرجل : من أنت ؟ ولماذا تعيش هنا وحدك؟وما هذا الكلام الذي أسمعه منك

    وماسمعت مثله قط ؟ فالتفت إليه الرجل وقال له : أقبل يابني أقبل لا تخف .. فدخل الغلام ووقف بجانب الرجل

    فقال له: اجلس بأمان فجلس الغلام ، فقال له الرجل : أنا راهب أعبد الله وحده وهذا الكتاب فيه كلام الله واوامره

    فسأله الغلام :و من الله الذي تعبده ..؟ .. فقال الراهب :الله سبحانه وتعالي خالق هذا الكون بما فيه من أرض

    وسماء وجبال وبحار...هو خالقنا ورازقنا وهو الذي أحيانا ثم يميتنا ثم يحاسبنا يوم القيامة ..هو الله المستحق للعبادة

    وحده لا شريك له ..فقال الغلام :الله! أو لهذا الكون إله غير الملك الذي يحكمنا ونعبده..؟

    فقال الراهب : يابني إن الملك يدعي أنه إله وهو فى الحقيقة بشر مثلنا ولد طفلاً ثم كبر وسيموت يوماً ما وهو كذلك

    ياكل ويشرب ويمرض وينام .. أما الله سبحانه وتعالي فهو الأول بلا بداية وهو الأخر بلا نهاية هو الحي القيوم لاتأخذه

    سنه ولا نوم..المدبر لهذا الكون بما فيه يعلم عدد حبات الرمال وعدد قطرات البحار والأنهار .. وعدد أوراق الأشجار

    كل شئ فى الكون بأمره..هو القادر علي كل شئ ولا يقدر غيره علي أي شئ يحب لعباده الخير والعدل ويكره لهم

    الشر والظلم .. فقال الغلام:حديثك عجبني وأري فيه الصدق والحق ولكني .. فقال الراهب : ولكنك ماذا يابني ؟؟

    فقال: ولكني أعمل مع الملك لقد أتي بي وأرسلني إلي الساحر لأتعلم منه السحر وقد تعلمته وبرعت فيه ..

    فقال الراهب: يابني إن السحر باطل وهو من أعمال الشيطان يستعين به الظالمون حتي يوهموا الناس بالضلال فهو كفر بالله

    عز وجل ..فقال الغلام :ولكن الملك إذا قلت له ذلك ربما عذبني أو قتلني ..فقال الراهب:لذلك أنصحك أن تكتم الخبر

    وتظل مع الساحر والملك وتأتيني كل يوم تسمع مني حتي تظهر لك الحقيقة التي يطمئن لها قلبك ..فوافق الغلام علي ذلك

    وكان كل يوم يمر علي الراهب ويجلس معه ويسمع منه فكان يتاخر علي الساحر فيضربه فاشتكي الغلام إلي الراهب فدله

    الراهب علي حيلة ذكية وهي أن يخبر الساحر بأن أهله هم الذين يؤخرونه ويخبر أهله بأن الساحر هو الذي يؤخره ففعل

    الغلام ذلك ..وظل يتردد علي الراهب كل يوم ويسمع منه حتي اطمأن قلبه إلي كلام الراهب وشعر أن ذلك هو طريق

    الحق وصراط الله المستقيم وأن ماعليه الساحر والملك كذب وكفر وضلال ولكن الغلام كان يحتاج إلي مايؤكد له صدق هذا

    الشعور وذلك الاحساس ..

    الحجر ..والدابة

    ذات يوم..سمع الغلام بأن دابة كبيرة عظيمة وقفت علي مدخل الطريق الرئيسي إلي المدينة ومنعت الناس من الخروج من

    المدينة أو الدخول إليها ..ولا أحد يستطيع أن يتعرض لهذه الدابة القوية..فذهب الغلام إلي مدخل المدينة فرأي بالفعل هذه

    الدابة واقفة وقد فتحت فمها تريد إبتلاع أى انسان يقترب منها .. فقال الغلام فى نفسه: اليوم أعلم أمر الساحر أحب

    إلي الله أم أمر الراهب..؟ ثم اخذ حجراً من الأرض وقال اللهم أن كان أمر الراهب أحب إليك وأرضي من أمر

    الساحر فاقتل هذه الدابة حتي يعبر الناس . ثم رمي الدابة بالحجر فأصابها الحجر فى رأسها فقتلها في الحال،وعبر الناس

    داخل المدينة وخارجها وهم يشكرون الغلام ويشيدون بشجاعته ..

    أسرع الغلام إلي الراهب وأخبره بما قال وقد تأكد أن الراهب علي حق وصدق واطمأن قلبه إلي الإيمان بالله الواحد الأحد

    فلما علم الراهب بذلك قال له:يابني أنت اليوم أفضل مني واعلم أن الله سيختبرك ويبتليك فإذا ابتليت فلا تدل علي ولا

    تخبر عني فإني أخشي علي نفسي من ذلك الملك الظالم فوافق الغلام علي ذلك وترك الراهب وخرج وهو يشكر الله ويحمده

    علي نعمة الإيمان به..

    أحس الغلام عبدالله أن عليه واجباً عظيماً وهو أن ينشر دين الله فى الأرض ويدعو الناس إلي عبادة الله الواحد الأحد حتي

    ينقذهم من الكفر والشرك وظلم الملك الذي يدعي أنه إله.. فبني الغلام لنفسه خيمة وراح يدعو الناس إلي زيارته خاصة

    المرضي وأصحاب العاهات حتي يدعو الله لهم بالشفاء فسمع الناس بأمره فكانوا يذهبون إليه فكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص

    وسائر الأدواء ويشفيهم الله عليه يديه .. وكان يقول للناس : أنا لا أشفي إنما يشفي الله فإن آمنتم بالله دعوته أن

    يشفيكم فإذا آمنوا بالله الواحد دعا لعم الغلام فيشفيهم الله تعالي..وانتشر هذا الخبر فى المدينة كلها حتي سمع به أحد

    جلساء الملك وكان كفيفاً لا يبصر فجمع هدايا عظيمة وذهب إلي الغلام وقال له:كل هذه الهدايا لك إن أنت شفيتني ..

    فقال الغلام: أنا لاأشفي أحداً إنما يشفي الله تعالي فإن آمنت بالله دعوت الله شفاك فآمن الرجل بالله الواحد فدعا له

    الغلام فشفاه الله تعالي فخرج من عنده وهو يبصر.. وفى اليوم التالي ذهب جليس الملك إلي الملك فلما رآه الملك تعجب

    وسأله: من رد إليك بصرك؟ فقال الرجل: ربي .. فقال الملك: أنا ؟؟

    فقال الرجل :لا بل ربي الله .. فقال الملك : أو لك رب غيري ..؟ قال الرجل : نعم ربي وربك الله ..

    فسأله الملك :من علمك ذلك..؟ فلم يجبه ، فأمر الملك بتعذيبه ، فعذبوه عذاباً شديداً حتي أخبرهم بأمر الغلام ، فأرسل

    الملك بجنوده ليأتوه بالغلام فقبضوا غليع وأتوا به إلي الملك ..

    مؤمرات فاشله

    وقف الغلام أمام الملك الظالم ، فقال له الملك: أي بني لقد بلغ من سحرك أنك تبرئ الأكمه والأبرص وتداوي الناس

    فقال الغلام: أنا لا أشفي أحداً إنما يشفي الله تعالي .. فقال له الملك : أو لك إله غيري ..؟

    قال الغلام:إلهي وإلهك واحد ، رب الكون الله عز وجل .. فغضب الملك ، وقال للغلام: من علمك هذا ..؟

    فلم يجب الغلام ، فأمر الملك بتعذيبه عذاباً شديداً فلم يستطع الغلام أن يتحمل ذلك العذاب الأليم فاعترف علي الراهب

    ودل علي مكانه فأمر الملك بإحضار الراهب ، فذهب الجنود إلي صومعة الراهب ، وقبضوا عليه وأتوا به إلي الملك

    فقال له الملك: ارجع عن دينك فرفض الراهب ، وتمسك بعبادة الله الواحد الأحد فأمر الملك بحفر حفرة ووضع الراهب

    فيها وجاء بمنشار ووضعه فى منتصف رأس الراهب وظل متمسكاً بدين الله ، فأمر الملك جنوده أن يشقوه نصفين ، فشقوه

    أمام جليس الملك والغلام ، ثم قال الملك لجليسه الذي كان أعمي : ارجع عن دينك وإلا فعلنا بك كما فعلنا بالراهب

    فرفض جليس الملك أن يرجع عن دينه وتمسك بدين الله الحق فأمر الملك جنوده فشقوه نصفين بالمنشار أمام الغلام .. ثم

    قال الملك للغلام: ارجع عن دينك ، فرفض الغلام ذلك فأمر الملك بعض جنوده أن يأخذوه إلي الجبل ويلقوا به من أعلي

    الجبل فأخذوه فلما صعدوا به أعلي الجبل رفع الغلام يديه إلي السماء وقال: اللهم أكفيتيهم بما شئت فاهتز الجبل فسقط

    الجنود جميعاً من الجبل ، فقتلوا ، بينما نجا الغلام بقدرة الله ، فعاد إلي الملك ماشياً .. فلما دخل عليه تعجب الملك

    وسأله: ماذا حدث للجنود ..؟ فقال الغلام:كفانيهم الله تعالي.. فأمر الملك مجموعه أخري من الجنود أن يأخذوا الغلام

    فى مركب وينزلوا به البحر فإذا وصلوا وسط البحر يقذونه فيه فأخذوه ووضعوه فى مركب وساروا به حتي منتصف البحر

    فرفع الغلام يديه وقال: اللهم أكفينيهم بما شئت.. فانقلب المركب وغرق الجنود جميعاً ونجا الغلام بقدرة الله .. فعاد

    إلي الملك فزاد تعجب الملك ودهشته ، وبدأ الخوف يدخل قلبه وزاد رعبه من هذا الغلام ، وسأله : ماذا حدث للجنود؟

    فقال الغلام: كفانيهم الله تعالي .. فوضع الملك يديه علي رأسه وراح يفكر ماذا يفعل حتي يتخلص من ذلك الغلام ..

    وقد فشلت كل المحاولات التي قام بها ..

    استشهاد الغلام

    لما رأي الغلام أن الملك قد وقع فى حيرة ويريد أن يتخلص منه بأية وسيلة ، قال له الغلام:أيها الملك إنك لست بقاتلي

    حتي تفعل ماآمرك به ، فإن أنت فعلت ماآمرك به قتلتني ، وإلا فإنك لا تستطيع قتلي .. فقال الملك: وماهو ..؟

    قال الغلام:تجمع الناس فى مكان واحد كبير ، ثم تصلبني علي جذع شجرة وتأخذ سهماً من كنانتي ،

    ثم تقول بصوت عال: بسم الله رب الغلام فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني ..

    لم يفهم الملك أن الغلام يريد بذلك نشر الدين بين الناس وليعلم الجميع أن الملك لا ينفع ولا يضر ولا يحيي ولا يميت

    وأن الغلام مات بأمر الله عز وجل وليس بأمر ذلك الملك الظالم الجاهل وكان هذا ذكاء كبير من ذلك الغلام الصغير ،

    ففعل الملك كما قال له الغلام ، وصلب الغلام علي جذع الشجرة وأخذ سهماً من كنانة الغلام ، ووضع السهم فى القوس

    وقال بصوت عال أمام الناس جميعاً : بسم الله رب الغلام ثم رماه بالسهم فأصاب السهم صدغ الغلام فوضع الغلام يده

    علي صدغه فمات..فلما رأي الناس ذلك قالوا جميعاً:آمنا بالله رب الغلام ، آمنا بالله رب الغلام..

    أخاديد النار

    أسلم أهل نجران جميعاً ووقع الملك فى حيرة شديدة لقد كان يحارب مؤمناً واحداً وهو الآن أصبح أمام أعداد لا حصر لها

    من المؤمنين وانتشر الإيمان بالله الواحد الأحد فى المدينة كلها وقال أعوان الملك له: أرأيت ماكنت تحذر فقد والله نزل بك

    حذرك ..قد آمن الناس كلهم فجن جنون الملك ، وزاد غضبه فأمر بحفر الأخاديد وأضرمت فيها النيران وقال لأعوانه كل

    من آمن بالله إما أن يرجع عن دينه وإلا فأقمحوه فيها فأحرق يومئذ من المؤمنين عشرين ألفاً حتي جاءت امرأه معها طفل

    رضيع فخافت علي نفسها وعلي رضيعها فأنطق الله الرضيع فتكلم الطفل وهو فى المهد ، وقال لأمه : ياأماه ، أصبري

    فإنك علي الحق . فألقوها وابنها فى أخاديد النيران ، وقد ذكر الله عز وجل فى القرآن قصة أصحاب الأخدود ، وما فعله

    ذلك الملك الظالم بالمؤمنين ....


    قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ .. سورة البروج 4-10
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( حـــُُوٍوٍوٍت يـــُوٍنـــس )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 17:56

    رساله يونس

    كان أهل نينوي يعيشون فى الموصل فى أرض العراق فى رغد من العيش ..فقد أنعم الله عليهم بنعم كثيرة من الماء العذب الوفير , وكثرة الزروع والثمار ,فكان عندهم التمر الجيد,

    وأنواع الفاكهه المختلفة ..وكان عدد أهل نينوي يزيد قليلاً عن مائة ألف شخص ..ورغم هذه النعم الكثيرة التي أنعم الله بها علي أهل نينوي فإنهم لم يكونوا يعبدون الله الواحد الأحد

    بل انحرفوا عن طريق الله ومنهجه وتركوا عبادة الله واتبعوا الشيطان فكانوا يعبدون الأصنام من الحجارة والأخشاب .. كما زاد فيهم الفسق والفجور والعصيان وظلوا علي هذا الحال

    مدة من الزمن..ولم يكن لله عز وجل أن يترك الناس ى ضلالهم ولا يعذبهم حتي عليهم الحجة ويرسل إليهم من يدعوهم إلي الله ,فإن عصوا عذبهم فى الدنيا والآخرة , قال تعالى:

    وماكنا معذبين حتي نبعث رسولاً.. الاسراء 15 .

    فأراد الله عز وجل بأهل نينوي خيراً ,فأرسل إليهم رسولاً منهم ونبياً من أفضلهم وهو يونس بن متي عليه السلام وأوحي الله عز وجل إليه أن يدعو قومه أهل نينوي إلي عبادة الله الواحد وترك

    عبادة الأوثان التي لا تنفع ولا تضر ..

    وبدأ يونس عليه السلام يدعو قومه .. ويبين لهم طريق الحق والرشاد , طريق عبادة الله عز وجل وراح يكلمهم عن الله عز وجل وأنه هو الذي خلقهم ورزقهم , وهو القادر على

    موتهم وإحيائهم وهو وحده النافع لهم وهو خالق كل شئ .

    ومن ناحية أخري راح يونس عليه السلام يبين لهم عجز آلهتهم الوثنية التي يعبدونها وانها لا تستطيع شيئاً فهي لا تسمع ولا تبصر ولا تتكلم وهي غير قادرة على النفع أو الضر فهي حجلرة

    صماء لا قيمة لها ولا فائدة منها ..

    كفر وعناد

    كان يونس عليه السلام مثل كل الأنبياء ..متحمساً لدعوته..قائماً بها علي أكمل وجه..يدعو قومه فى الصباح والمساء ..وكلما استطاع إلي ذلك سبيلاً..وراح يدعوهم بدعوة

    الأنبياء والرسل جميعاً من قبله ويقول لهم : ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره , ولكن اهل نينوي قابلوا دعوة يونس بالرفض والإنكار فلم يستجيبوا له ولم يصدقوا رسالته ورفضوا

    أن يؤمنوا بالله وأصروا علي عبادة الأصنام وجحدوا نعم الله الكثيرة عليهم ..ورغم ذلك تحمل يونس عليه السلام كبرهم وغطرستهم وصبر علي هذا العناد الشديد واستمر فى دعوته

    لهم بالحكمة والموعظة الحسنة .. لا يدخر وسعاً في نصحهم ولا يألو جهداً فى إرشادهم إلي الخير .. ويذكرهم بيوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم

    ويأمرهم بالمعروف وفعل الصالحات والتزام الطاعات وينهاهم عن المنكر ويحذرهم من الفسوق والعصيان ..لكن موقف قومه لم يتغير وإصرارهم علي الكفر والعناد لم ينته وظلوا متمسكين

    بعبادة الأصنام ورفضوا أن يستجيبوا لنبي الله يونس عليه السلام ..


    خروج يونس

    استمر يونس عليه السلام يحاول إقناع قومه بعبادة الله الواحد بكل الوسائل الممكنه وبمختلف الطرق لكنهم صموا آذانهم عن الاستماع إليه .. وكأن قلوبهم حجارة وعقولهم لا تعي

    وأبصارهم لا تري .. حتي ضاق صدر نبي الله يونس عليه السلام بسبب إعراض قومه وضلالهم وامتلأ قلبه غضباً منهم,وسخطاً عليهم ..وشعر باليأس من إصلاحهم أو هدايتهم

    وأحس أنهم لن يستجيبوا له أبداً ..فقرر أمراً خطيراً .. قرر الرحيل عنهم تاركاً إياهم فى كفرهم وضلالهم ..

    وبالفعل استعد يونس عليه السلام للرحيل .. وقد امتلأ قلبه بالحزن والأسي علي قومه .. وقبل أن يرحل أنذرهم بحلول العذاب بهم وتوعدهم قائلاً :إن العذاب والهلاك والدمار سوف

    يحل بكم وبقريتكم خلال ثلاثة أيام أو ثلاث ليال إن لم ترجعوا عن وكفركم وتتوبوا إلي الله وذكرهم بالعذاب الذي نزل علي الأمم السابقة التي كانت قبلهم كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ..

    ثم تركهم وخرج من بينهم ..وأعلن أنه يخرج من أجل النجاة من عذاب الله الذي يوشك أن يحل بهم لكفرهم وطغيانهم ..وغادر يونس عليه السلام مدينة نينوي وحرص علي أن يكون

    خروجه علي مرأي ومشهد من قومه قال تعالي:وذا النون إذ ذهب مغاضباً .. الأنبياء 87 .

    خرج يونس عليه السلام من قومه ولم يكن أمر الله قد صدر إليه بالرحيل عن هذه القرية فلم يكن خروجة عن استئذان من الله تعالي أو عن وحي من الله إليه .. ولكنه ظن أن مافعله

    لا يحتاج إلي إذن وإنما هو عمل متاح وغاب عن ذهنه من شدة غضبه علي قومه أن المفروض عليه أن يبقي وأن يستمر فى دعوته وأن يتحلي بالصبر وضبط النفس بدلاً من الغضب والتسرع

    بالرحيل ..فهو كنبي عليه أن يصبر وألا ييئس من رحمة الله .. ويستمر فى الدعوة ..ولا شأن له بالنتيجة فليس علي الرسول إلا البلاغ .. وخرج يونس عليه السلام ولم يكن

    يدري إلي أن يذهب ..فظل يسير حتي وصل إلي شاطئ البحر فرأي سفينه بعض الرجال فأشار إليهم وطلب منهم أن يأخذوه معهم ..فسأله قائد السفينه : إلي أين؟ فرد يونس عليه

    السلام : إلي أى مكان بعيد عن هذه القرية الكافرة .

    ثم ركب يونس عليه السلام معهم .. وأبحرت السفينه في البحر .. عليها يونس عليه السلام .. وكثير من الرجال والبضائع وكان ذلك وقت غروب الشمس .


    توبة أهل نينوي

    لما خرج يونس عليه السلام من مدينه نينوي .. وترك قومه .. تحققوا من نزول العذاب بهم .. وأيقنوا أن الهلاك سوف يصيبهم وبدأ الخوف والرعب يدب فى قلوبهم ..

    ويتغلغل فى نفوسهم وراحوا يتذكرون صدق نبيهم وأمانته وحبه لهم وحرصه عليهم .. وأخذوا يراجعون أنفسهم .. ويرددون الأحاديث الطيبة عن يونس عليه السلام .. وكيف أنه

    لم يكذب عليهم مرة , ولم يخدعهم أبداً وتأكدوا أن العذاب سوف ينزل بهم لأن الله عز وجل يعذب كل من كفر وأخذوا يفكرون فى العذاب وألوانه ومصائبه .. فربما تنزل عليهم صاعقه

    من السماء أو تأتيهم صيحة من الأرض أو يخسف بهم أو يغرقهم الطوفان ..وعلم القوم أن ترك يونس للقرية معناه اقتراب العذاب .. فالله عز وجل عندما يريد أن يهلك قرية ظالمة

    يوحي إلي نبيه أن يخرج منها وهذا ماحدث مع نبي الله صالح ونبي الله لوط وراح أهل نينوي يفكرون ماذا يفعلون .. فاجتمعوا وتشاوروا فيما بينهم وانتهوا إلي اتفاق عام وهو التوبة

    إلي الله والإيمان به.. واستغفاره حتي يرفع عنهم العذاب وبالفعل قاموا وجمعوا نساءهم وأطفالهم ولبسوا ثياب الرهبان والزهاد وصعدوا الجبل وقد ندموا ندماً شديداً علي مافعلوا مع نبيهم

    يونس عليه السلام وراحوا يبكون .. ويتضرعون إلي الله ويصرخون ويرفعون أيديهم إلي الله يطلبون منه المغفرة والعفو .. وظلوا علي هذا وقتاً طويلاً خوفاً من العذاب .. فلما

    رأي الله عز وجل صدق توبتهم وندمهم وشدة بكائهم كشف عنهم العذاب ورفع عنهم العقاب ونجاهم وعفوه..

    وقد كانت قرية نينوي هي القرية الوحيدة من الأمم السابقه التي آمنت كلها بالله الواحد فرفغ الله عنها العذاب والهلاك,قال تعالي : فلولا كانت قرية آمنت فنفعها ايمانها إلا قوم يونس لما

    آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي فى الحياة الدنيا ومتعناهم إلي حين .. يونس 98 .

    فلما رفع الله عز وجل وعفا عن أهل نينوي فرحوا بذلك وشكروا الله عزوجل شكراً وعظيماً وحمدوه حمداً كبيراً وتوجهوا في عبادتهم لله الواحد , ولم يشركوا به شيئاً .

    يونس فى السفينه

    ظلت السفينه تسير فى عرض البحر , وتشق الأمواج بقوة وسرعة .. وفيها يونس عليه السلام علي وجهه علامات الأسي والحزن , وهو لايعلم أن قومه قد تابوا وآمنوا وأن الله عز

    وجل رفع عنهم العذاب , وقبل توبتهم .. وراح يونس عليه السلام يتذكر العذاب الذي توعد به قومه .. ولا يدري ما سيكون مصيرهم كما لا يدري ماذا يكون مصيره هو ..

    وبعد عدة ساعات .. غابت الشمس تماماً .. وجاء الظلام وخيم اللون الأسود علي الكون.. واستمرت السفينة فى السير .. وبها الناس بين الخوف والرجاء .. يتمنون

    الوصول إلي الشاطئ الآخر بخير وسلام..

    وما أن وصلت السفينة إلي منتصف البحر حتي هبت عاصفة شديدة .. وهاجت الريح ..وارتفعت الأمواج كالجبال..فتمايلت السفينة بشدة وسط الأمواج..وأصبحت علي حافة

    الغرق بكل من فيها .. ودب الخوف فى نفوس الركاب.. وأحسوا أنهم غارقون لا محالة .. وراح قبطان السفينة يفكر مع الراكبين فى كيفية النجاة وسبل موجهة تلك الكارثة

    فاتجه فكره إلي تخفيف حمولة السفينه فأشار علي الراكبين بذلك فوافقوا وأسرعوا إلي مامعهم من أحمال وأشياء ثقيلة فألقوها فى الماء وهم يظنون أن تخفيف حمل السفينة سوف يقلل من

    خطورة الأمر وبعد أن ألقوا الأمتعه والأشياء الثقيلة انتظروا أن يهدأ الحال وأن تعود السفينة إلي طبيعتها ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث فقد زادت الأمواج إرتفاعاً واشتد هياج الريح ومازالت

    السفينة تتأرجح وتنذر بالغرق والهلاك..فقال قائد السفينة : لقد ثارت العاصفة فى غير وقتها المعهود .. لابد أن معنا شخصاً خاطئاً حدثت بسببه تلك العاصفة, وسنجري القرعة

    علي الراكبين جميعاً.. ومن خرج من اسمه ألقيناه فى البحر.. وذلك من أجل الباقيين وسلامتهم من الغرق والهلاك .

    وكان هذا الأمر شيئاً طبيعياً ومعهودا بين الركاب وتقليداً من تقاليد البحارة عندما يواجهون مثل هذه العاصفة ..لذلك وافق الجميع على هذا الأمر ..

    وأجريت القرعة ..فوقعت علي نبي الله يونس عليه السلام ولكن الركاب رفضوا أن يرمي يونس نفسه فى البحر..وقد رأوا أخلاقه الحسنة..وصفاته الطيبة..فأصروا أن تجري

    القرعة مرة ثانية..فأعادوا القرعة ثانية فوقعت علي يونس أيضاً.. فقام يونس عليه السلام وخلع ملابسة وأراد أن يلقي نفسه فى البحر ولكن الركاب أبوا عليه ذلك ..ثم أعادوا

    القرعة للمرة الثالثة..فوقعت عليه أيضاً..وذلك ليتحقق مايريده الله به من أمر عظيم وقدر محتوم..

    ابتلاع يونس

    لما وقعت القرعة علي يونس عليه السلام ثلاث مرات .. قام وألقي بنفسه فى البحر .. وقدر أدرك أنه أخطأ حين ترك قومه غاضباً بغير إذن من الله ورايح يونس يسبح ويلاطم الموج

    ويطفو علي سطح الماء.. بينما سارت السفينة بعد ذلك فى أمان تواصل رحلتها ناجية بمن فيها..

    وبعد لحظات ..رأي يونس حوتاً كبيراً يتجه نحوه..فأخذ يسبح بقوة ضارباً الماء بذراعيه ..وأصبح معرضاً للموت المؤكد وإن لم يكن غرقاً فسيكون هلاكاً من مهاجمة ذلك الحوت

    الشرس .. وحاول يونس أن يبتعد عن الحوت .. ولكن الحوت لحق به..وفتح فمه الواسع..وابتلع يونس فى جوفه في لحظه..ثم نزل به إلي أعماق البحر.. قال تعالي:

    وإن يونس لمن المرسلين.إذ أبق إلي الفلق المشحون.فساهم فكان من المدحضين.فالتقمه الحوت وهو مليم .. 139:142 .

    وكان ابتلاع الحوت ليونس عليه السلام بأمر من الله عز وجل أن يبتلعه مره واحده بشرط ألا يأكل منه أي جزء ولو كان صغيراً فهو ليس طعاماً له.. وإنما فقط يبتلعه دون أن يأكل منه

    لحماً أو يكسر له عظماً..فنفذ الحوت أمر الله تماماً وابتلع يونس عليه السلام فى جوفه فقط وراح يطوف به فى البحر وأصبح يونس عليه السلام فى ظلمات ثلاث: ظلمة بطن الحوت

    وظلمة أعماق البحر وظلمة الليل .

    وافاق يونس فى بطن الحوت فوجد نفسه حياً وعلم أن هذا بلاء عظيم من الله فأيقن أنه أخطأ وظلم نفسه عندما يأس من هداية قومه..وظلمهم حينما خرج وتركهم دون أن يأذن الله عز وجل له

    بذلك .

    تسبيح ..ونجاة

    لما استقر يونس عليه السلام فى بطن الحوت توجه إلي الله وخر ساجداً له سبحانه وتعالي وقال: يارب اتخذت لك مسجداً فى موضع لم يعبدك أحد فى مثله.. ثم دعا ربه قائلاً : لا إله

    إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .. الأنبياء 87 .

    واستمر يونس عليه السلام يكرر هذه الكلمات التي ألهمه الله بها .. وقد كان لهذه الكلمات أثر كبير فى نجاته.. لأنها دعوة مستجابة .. لا يدعو بها مكروب إلا فرج الله كربه

    ورفع عنه شدته وقد أخبر بذلك النبي محمد صلي الله عليه وسلم حيث قال : من دعا بدعاء يونس استجب له .

    فأخذ يونس عليه السلام يردد هذا الدعاء فترة من الزمن فى بطن الحوت وأمله كبير فى النجاة وتفريج الكرب .. حتي جاء الأمر من الله عز وجل للحوت أن يلفظ يونس عليه السلام من

    بطنه إلي شاطئ البحر فقد قبل الله توبته واستجاب دعاءه وتسبيحه .. قال تعالي : فلولا أنه كان من المسبحين للبث فى بطنه إلي يوم يبعثون .. الصفات 143:144 .

    واتجه الحوت ناحية شاطئ البحر ولفظ يونس عليه السلام من بطنه فخرج يونس من فم الحوت علي الساحل فى أرض واسعه وقد صار مريضاً عاري الجسد ملتهب الجلد وكانت الشمس

    حارقة فلسعت أشعتها جسده فكاد أن يصيح من شدة الألم ولكنه تماسك وراح يكثر من التسبيح والدعاء ..حتي أدركته رحمة الله فأنبت الله عز وجل له شجرة قرع وهي شجرة أوراقها

    عريضة حتي تحميه من حرارة الشمس وكما أن ثمارها لذيذة أكل منها وجلس فى ظلها حتي شفاه الله واسترد صحته وقوته , قال تعالي : فنبذناه بالعراء وهو سقيم وانبتنا عليه شجرة من

    يقطين .. الصفات 145:146 .

    العودة للوطن


    بعدما استرد يونس عليه السلام عافيته وعادت إليه صحته وقوته أوحي الله عز وجل إليه أن قومه الذين تركهم غاضباً منهم بسبب كفرهم قد تابوا جميعاً وآمنوا بالله وقد قبل الله عز وجل توبتهم

    وكشف عنهم العذاب .. ففرح يونس عليه السلام بذلك فرحاً شديداً فأمره الله عز وجل أن يعود إليهم ويعيش بينهم ويعلمهم شرائع الدين الحق ..فامتثل يونس عليه السلام لأمر الله

    وقام تاركاً الساحل والشجرة التي أنبتها الله له وتجه إلي بلدة نينوي بالعراق عائداً إلي وطنه وقومه.. ولما رأوه أقبلوا عليه بالفرح والسرور وأخذوا يعانقونه ويقبلون يده وقدمه واعترفوا

    بنبوته ورسالته فأخبرهم يونس عليه السلام بأن الله قد قبل توبتهم ورضي عنهم فزادهم بذلك حباً لله ونبيه يونس عليه السلام بينهم ..واستمروا علي عبادة الله الواحد وعاش يونس عليه

    السلام بينهم يأمرهم بالمعروف ويعلمهم شرائع الدين وأصبحت قريتهم مثالاًُ للقرية الصالحة المؤمنة ,قال تعالي : وأرسلناه إلي مئة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلي حين ..

    الصافات 147:148 .
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( شـَـعـيــَا عـلـيـه ـآ‘لـسـلام )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 17:58

    بعد وفاة نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام أصبح تولي أمر بني إسرائيل ملك يصرف شئونهم الدنيوية ويتولي امر تنظيم الجيش والدفاع عن مملكتهم ضد أعدائهم ..

    ويرسل الله لهم أنبياء ,ليوضحوا لهم أمور دينهم فيأمروهم بإتباع أوامر التوراة والابتعاد عما فيها من نواه .. ويذكروهم بأحكام التوراة وماتركوه من الطاعة وغيرها من أمور الدين

    وكان الله إذا ملك عليهم ملكاً , بعث إليهم نبياً ليرشده وينصحه فى أمور الدين فيكون هذا النبي رسولاً بينه وبين الله ..

    وقد جاء علي بني إسرائيل يوم تولي أمرهم فيه ملك يدعي حزقيا..

    فلما تولي حزقيا ملك بني إسرائيل بعث الله تعالي لهم نبياً هو شعيا بن أمصا وكان ذلك الملك سامعاً مطيعاً للنبي شعيا فيما يأمره به من أمر الله تعالي , وما ينهاه عنه وكان حريصاً علي

    مصالح بني إسرائيل ..

    وكان بنو إسرائيل فى ذلك الوقت وقد كثرت فيهم الذنوب وعظمت المعاصي ..ومرض الملك حزقيا مرضاً شديداً وظهرت فى رجله قرحة فلزم فراشه , وقد شعر باقتراب أجله وفى ذلك

    الوقت قرر سنحاريب ملك مملكة بابل غزو مملكة اليهود في بيت المقدس , فحشد جيشاً مكوناً من ستمائة ألف مقاتل وسار على رأسهم قاصداً بيت المقدس ..

    فلما وصل سنحاريب بجيشه إلي مملكة اليهود ونزل حول بيت المقدس ذهب النبي شعيا إلي الملك حزقيا وهو مريض وقال له :ياملك بني إسرائيل إن سنحاريب ملك بابل قد نزل بنا هو وجنوده

    فى ستمائه ألف رايه وقد هابهم الناس وأصيبوا بالذعر منهم ..

    فحزن الملك أشد الحزن وسأل النبي شعيا قائلا:يانبي الله هل أتاك وحي الله فيما حدث فتخبرنا به ماذا سيفعل الله بنا وبعدونا سنحاريب وجنوده ..؟

    فقال له شعيا عليه السلام : لم يأتني وحي حدث إلي فى شانك ..

    وبينما هما على ذلك أوحي الله تعالي إلي نبيه عليه السلام أن يذهب إلي حزقيا , ويأمره أن يوصي بوصيته ويستخلف علي ملكه من يشاء من أهل بيته ..

    فذهب النبي شعيا إلي الملك حزقيا,قال له: إن ربك قد أوحي إلي أن آمرك بأن توصي وصيتك وتستخلف من شئت من أهل بيتك , فإنك ميت .. فلما أخبره بذلك توجه الملك إلي القبلة

    فصلي وسبح لله ثم دعا وأخذ يتضرع إلي الله باكيا بقلب مخلص وظن صادق بالله قائلاً :اللهم رب الأرباب وإله الآلهه القدوس المتقدس يارحمن يارحيم يامن لا تأخذه سنه ولا نوم اذكرني

    بعملي وفعلي وحسن قضائي علي بني إسرائيل وذلك كله منك فأنت أعلم به من نفسي وسري وعلانيتي لك ..

    ويقال إن الله تعالي قد استجاب له لأنه كان ملكاً صالحاً فأوحي الله إلي شعيا وأمره أن يخبر الملك أن ربه قد استجاب له وقبل منه ورحمه وقد رأي بكاءه وقد أخر أجله خمسة عشر عاماً

    وأنجاه من عدوه سنحاريب ملك بابل جنوده ..

    فلما أخبره شعيا عليه السلام بذلك ذهب عنه الوجع وزال عنه الخوف والحزن فخر ساجداً لله تعالي وقال:

    ياإلهي وإله آبائي لك سجدت وسبحت لك كرمت وعظمت أنت الذي تعطي الملك من تشاء وتنزعه ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء عالم الغيب والشهادة أنت الأول والآخر والظاهر

    والباطن وأنت ترحم وتستجيب دعوة المضطرين أنت الذي أجبت دعوتي ورحمت تضرعي .. فلما رفع الملك حزقيا رأسه من سجوده ,أوحي الله تعالي إلي نبيه شعيا عليه السلام

    أن يقول للملك أن يأمر عبداً من عبيده فيأتيه بماء التين فيجعله على قرحته فيشفي من مرضه ..

    ففعل الملك حزقيا ماأمره به النبي شعيا عليه السلام فشفي من مرضه ..

    وقال الملك للنبي شعيا عليه السلام : سل ربك أن يجعل لنا علماً بما هو صانع بعدونا هذا .. فلما سأل شعيا عليه السلام ربه ماطلبه الملك حزقيا أوحي إليه سبحانه أن يقول للملك :

    إني قد كفيتك عدوك وانجيتك منهم وإنهم سيصبحون موتي كلهم إلا سنحاريب وخمسة من أصحابة ..

    فلما أصبح الصباح جاءه مناد فنادي على باب المدينة قائلاً : ياملك بني إسرائيل إن الله قد كفاك عدوك فاخرج فإن سنحاريب ومن معه قد هلكوا ..

    فخرج الملك فرأي جيش سنحاريب قد هلك عن آخره وأن وعد الله تعالى له قد تحقق ..

    وبحث الملك ومن معه بين الجثث عن سنحاريب فلم يعثروا له على أثر فعرفوا أنه قد هرب ..

    وأرسل حزقيا من يبحث عن سنحاريب فعثروا عليه مختبئاً فى مغارة مع خمسة من أصحابه كان أحدهم يدعي بختنصر وهو القائد البابلي الذي سيكون علي يديه خراب بيت المقدس وتدمير

    مملكة اليهود ..

    قبض أتباع الملك حزقبا علي سنحاريب والخمسة الذين نجوا من الهلاليك معه وأحضروهم إلي الملك حزقيا مكبلين بالقيود فلما رآهم حزقيا ، خر لله تعالي ساجداً ، فلما انتهي سجوده تحدث

    إلي سنحاريب قائلاً : كيف رأيت فعل ربنا بكم ؟ ألم يقتلكم ؟ بحوله وقوته ، ونحن وأنتم غافلون ..؟

    فقال له سنحاريب : قد أتاني خبر ربكم ونصره إياكم ورحمته التي رحمكم بها ، وذلك قبل أن أخرج من بلادي فلم استمع لنصح من نصحني ، ولم يلقني فى الشقوة والهلاك إلا قلة عقلي

    فلو أنني سمعت أو عقلت ماغزوتكم ، ولكن الشقوة غلبت علي وعلي من معي ..

    فقال الملك حزقيا: الحمدلله رب العزة الذي كفانا إياكم بما شاؤ إن ربنا لم يبقك ومن معك لكرامة لك عليه ولكنه إنما أبقاك ومن معك لما هو شر لك ولمن معك لتزدادوا شقوة فى الدنيا ،

    وعذاباً فى الآخرة ، ولتخبروا من وراءكم بما رأيتم من فعل ربنا ، ولتنذروا من بعدكم ،ولولا ذلك ماأبقاكم إن دمك ودم من معك أهون على الله من قراد لو قتلته ..

    يقصد أن قتله وقتل من معه كان أسهل علي من قتل الإنسان حشرة صغيرة ..

    وبعد ان انتهي الملك حزقيا من كلامه أمر رئيس حرسه ، فوضع فى رقبه سنحاريب ومن معه القيود وأخذ يطوف بهم حول بيت المقدس وفى مملكة بني إسرائيل سبعين يوماً ليعذبهم ويذيقهم

    الهوان والذل وكان يطعمهم كل يوم رغيفين من شعير ..

    فقال سنحاريب لحزقيا : القتل أفضل لنا مما تفعله بنا ..

    فأمر حزقيا بإيداعهم فى السجن وأوحي الله تعالي إلي النبي شعيا عليه السلام أن يأمر الملك حزقيا أن يرسل سنحاريب ومن معه إلي بلادهم فى مملكه بابل لينذروا قومهم بما قد حل بهم ،

    وأمره أن يكرمهم ويحملهم إلي حدود بلادهم ..

    فلما بلغ النبي شعيا عليه السلام أمر ربه إلي الملك حزقيا أطلق سراح سنحاريب ومن معه، فوصلوا بلادهم ..وفى بابل جمع سنحاريب الناس وأخبرهم بما فعله الله به وبجنوده ، فقال

    سحرة وكهنة بابل : ياملك بابل قد كنا نقص عليك خبر ربهم وخبر أنبيائهم ووحي الله إلي أنبيائهم فلم تطعنا ...

    ثم توفي حزقيا ملك إسرائيل ، فكثر الفساد بينهم وكثرت المعاصي فأوحي الله تعالي إلي نبيه شعيا عليه السلام فقام فيهم خطيباًُ فوعظهم وذكرهم وحدثهم عن الله وأنذرهم بأسه وعقابه

    إن هم خالفوه وكذبوه واستمروا فى معاصيهم وحاولوا قتله ، فهرب منهم ..

    ويقال إنه مر بشجره فنادته وانفتحت فدخل فيها ، ثم أغلقت الشجرة عليه ، فرآه أبليس فجذب طرف ردائه ، فرأوه ونشروا الشجرة وبداخلها شعيا عليه السلام فتوفاه الله تعالي .. وكان

    ذلك إيذانا بخراب مملكة بني إسرائيل ...
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( قـــَآ‘رٍوٍن وٍ كـنــُـوٍوٍزٍـه )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 17:59

    سر الثراء

    أرسل الله عز وجل موسي عليه السلام إلي فرعون وومه يدعوهم إلي عبادة الله الواحد ويطلب منهم أن يتركوا بني إسرائيل

    ويرفعوا عنهم العذاب المهين .. فلم يستجب فرعون لدعوة كليم الله موسي عليه السلام وراح يحارب دعوته ويعذب من

    يؤمن بالله الواحد ..

    وكان بنو إسرائيل يرون أن موسي عليه السلام هو المخلص لهم مما هم فيه من ذل واستعباد ولكن بعضهم كان يحقد علي

    موسي عليه السلام ويحسده .. خاصة الذين ينتفعون من فرعون ، ويقتربون ويحصلون علي مايريدون من فرعون وقومه .

    وكان من هؤلاء رجل اسمه قارون يصهب وهو ابن عم موسي عليه السلام ولكنه كان يتقرب إلي فرعون ويقف بجانبه ضد

    نبي الله موسي عليه السلام .. وقد اشتهر قارون بثرائه الفاحش وثروته المالية الطائلة .. حتي صار مثلاً لكل غني

    وثري مهما بلغ غناه أو ثراؤه فى كل مكان وزمان ..

    وقد تحدث المفسرون عن سر ثراء قارون .. فذكر بعضهم أنه كان يقوم بعمليات كيميائية يحول من خلالها النحاس إلي

    ذهب ثم يبيع هذا الذهب بأموال طائلة وقال بعض المفسرين :إن قارون جمع هذه الثروة من أعمال غير مشروعة .. وكان يستغل صداقته لفرعون وهامان

    فى نماء هذه الثروة ..

    ويحصل علي كثير من التسهيلات التي تتيحها له هذه الصداقة .. فتكون هذه التسهيلات سبباً فى نماء ثروته بشكل أو بآخر وقال فريق ثالث : إن قارون

    كان يفعل ذلك كله ..يستغل علمه الكيميائي فى نماء ثروته كما يستغل صداقته بفرعون وقومه كما يقوم بأعمال كثيرة غير مشروعة ..لذلك نجده يقول عن

    هذا المال : إنما أوتيته علي علم عندي .. القصص 78

    وإذا كان المفسرون قد اختلفوا فى سر ثراء قارون وكيفية جمع أمواله فإنهم اتفقوا علي أن ثروته كانت كبيرة جداً ولم يكن أحد يملك مثلها آنذاك إلا فرعون

    وهامان فقد كان الثلاثة أغني أغنياء عصرهم .. بل ربما كان قارون أغني الثلاثة لذلك عندما أراد الله عز وجل أن يصف ثراء قارون الفاحش لم يذكر

    مقدار هذا الثراء ولا كثرة الكنوز .. ولكنه سبحانه أشار فقط إلي مفاتيح الخزائن فقال تعالي :وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه بتنوء بالعصبة أولي القوة

    فإذا تصورنا أن هذه هي المفاتيح فكيف تكون الخزائن ؟ وكيف يكون مابداخلها ؟

    وقد ذكر بعض المفسرين أن هذه المفاتيح كانت مصنوعة من الجلود وكانت تحمل علي ستين بغلاً ويصعب علي مجموعة من الرجال الأشداء حملها ..

    ولم تكن ثروة قارون ما في خزائنه من أموال فحسب بل كان لديه أيضاً عدد كثير من الخيل والمركبات والحرس .. وكانت مركباته مطعمه بالفضة والذهب

    وكانت سروج خيله مصنوعه من الجلد المزين بالذهب الخالص وكان قصره عظيماً يشبه قصر فرعون أعمدته من الرخام المحلي بالذهب والفضة وأرضيته

    من الرخام ونوافذه من خشب الصندل المعطر ..

    بخل وغرور

    لم يشكر قارون ربه عز وجل علي ماأنعم عليه من مال كثير وثروة طائلة ولم يعرف حق الله فى هذا المال فلم يخرج منه للفقراء والمحتاجين ولم يسخره في

    نصرة دين الله والوقوف مع نبي الله موسي عليه السلام .. ولكنه فعل عكس ذلك وحمله ثراؤه علي أن يقف بجانب فرعون وهامان ضد موسي عليه السلام

    لأنه أحس أن طبقة الأغنياء والأمراء هي أقرب إليه من طبقة الفقراء من قومه بني إسرائيل .. فنظر قارون إلي قومه نظرة احتقار واستهزاء .. واغتر

    بماله وثروته وراح يتكبر علي موسي وبني إسرائيل وإلي جانب الغرور والكبر الذي اتصف به قارون كان أيضاً بخيلاً شحيحاً يجهل فضيلة الإحسان للفقراء

    والمحتاجين ولا يعرف قيمة العطف علي المساكين أعطاه ثراؤه إحساساً بالعظمة وملأ قلبه بالفرحة فصار يشعر بالقوة والغني والنفوذ وظن أنه خالد فى الدنيا

    وأن ماله خالد معه فانغمس فى ملذات الدنيا فكان يأكل أفضل الطعام وأغلاه ويرتدي أفخر الثياب وأجملها ويستغل الفقراء فى خدمته ويسخرهم فى الأعمال

    الشاقة ولا يعيطيهم مما يستحقون إلا القليل مستغلاً حاجتهم وفقرهم الشديد فكان يظلمهم ظلماً شديداً ويعتدي عليهم وكان يفسد فى الأرض ولا يعينه أن يموت

    غيره جوعاً طالما أن ثروته تزيد وماله يكثر وكان كلما زاد المال وكثرت ثروته ازداد بخلاً وظلماً وكبراً وغروراً .


    إيمان ... وجحود

    جحد قارون نعمة الله عليه ،وزاد كبره وغروره يوماً بعد يوم وكان يخرج إلي الناس فى موكب مهيب إذ كان موكبه أشهر المواكب عظمة وبهاء بعد موكب

    فرعون وكان إذا سار به تحت أشعة الشمس تلألأ الذهب والنحاس والجواهر .. وخطف وهجه أبصار الناس .. وفتنهم فتنه كبيرة لذلك انقسم الناس

    أمام ثراء قارون وبهائه الشديد إلي قسمين قسم مؤمن بالله الواحد يعلم أن ما فيه قارون امتحان من الله وابتلاء له .. وقسم انخدع بهذا الأمر وصار يتمني

    أن يكون مثل قارون ويحكي لنا القرآن عن هذين القسمين بأن قارون خرج ذات يوم فى موكبه يمر فى المدينة فوقف الناس يشاهدون هذا الموكب ويتأملون أعمدة

    الموكب التي صنعت من الذهب وستائره التي نسجت من الحرير .. وخيوله التي وضع عليها سروج وأدوات مرصعة بالزبرجد والماس والياقوت ..

    وحولها الحرس من كل جانب .. فقال بعض الناس : ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم .. القصص 79

    لقد انخدع هؤلاء بزينة قارون وبدأ الشك والجحود يتسرب إلي نفوسهم وظن بعضهم أن قارون أفضل من موسي عليه السلام وأن الله لو كان يحب موسي حقاً

    لأعطاه مثلما أعطي قارون ..وأمام هؤلاء يقف القسم الثاني من الناس وهم المؤمنون الصادقون حقاً فنجدم لا ينخدعون بهذه الزينه الكاذبة التي يعيش فيها

    قارون وقد عابوا علي هؤلاء ماتمنوا ، وذكروهم بأن مافيه قارون فتنه لا يجب أن يقعوا فيها وأن ماعند الله من ثواب أفضل مما فيه قارون وقالوا لهم : ويلكم

    ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون .. القصص 80

    دعوة ... وعناد

    لما رأي موسي عليه السلام أن ثراء قارون قد صار فتنه علي المؤمنين من قومه أرسل إليه جماعة من المؤمنين لينصحوه ويذكروه بالله عز وجل ويبينوا له

    مايجب عليه فى هذا المال من تصدق وانفاق علي الفقراء والمساكين من قومه فذهب إليه هؤلاء المؤمنون العقلاء وقال له أحدهم ياقارون لقد خلق الله المال ولكن

    بشرط أن يكون المتاع عبارة عن شكر لله المنعم .. فتعطي الفقراء وتصرف الأموال فى طاعة الله تعالي وقال آخر : ياقارون لا تفسد فى الأرض بالظلم

    والبغي إن الله لا يحب المفسدين كما لا يحب الفرحين .

    ولكن قارون لم يقبل هذا الكلام ولم يستجب لتلك النصائح وقال لهم : إن هذا المال ملكي وحدي .. كسبته بنفسي وأوتيته بعلمي وجهدي .. فما لكم

    تفرضون علي الطرق التي أصرفه فيها وتتحكمون فى ملكيتي الخاصة ليس لأحد منكم حق فى مالي هذا .

    ثم قام قارون بطرد المؤمنين من قصره وهددهم بالقتل فخرجوا وقد علموا أن قارون أصبح مغروراً ونسي مصدر نعمته وأصبح مفتوناً بالمال وأعماه الثراء

    عن الحكمة مما أعطاه الله ولم ينتبه إلي أن الله تعالي قد أهلك من قبله أجيالاً كانت أشد منه قوة وأكثر مالاً وعاد هؤلاء العقلاء إلي موسي عليه السلام

    وأخبروه بما فعله معهم قارون فأخبرهم موسي عليه السلام أن كبر قارون وغروره وبخله ذلك سيكون سبباً فى هلاكه ويجب عليهم ألا يفتتنوا بما هو فيه من نعم

    ومال لأن هذا المال اختبار من الله ويجب عليهم أن يحمدوا الله تعالي ويلتزموا بخلق الرضا والقناعة فذلك خير لهم من الدنيا ومتاعها الزائل فاقتنع المؤمنون

    بكلام نبي الله موسي عليه السلام وحمدوا الله عز وجل وشكروه علي نعمه الكثيرة التي من بها عليهم وأيقنوا أن قارون لم ينجح فى الامتحان الذي دخله بل

    رسب فيه لأنه رفض أن يخرج زكاة ماله أو يعترف بفضل الله عليه .

    مؤامرة إجرامية

    وقف قارون إلي جانب فرعون وهامان فى محاربة كليم الله موسي عليه السلام لأنه أحس أن دعوة نبي الله موسي تهدد ثروته الطائلة ونفوذه الكبير فراح يفكر

    فى التخلص من نبي الله موسي عليه السلام محاولاً بثروته وماله أن يقضي علي دعوة موسي ويفرق الناس عنه وأوحي إليه شيطانه بأن ينشر كذباً بالفحشاء

    عن نبي الله موسي وأن يبحث عن فضيحة ولو بالباطل يتهم بها موسي عليه السلام فأمر أحد الحراس أن يذهب ويأتيه بامرأه باغية شريرة مشهورة بالفجور

    والفاحشة فذهب الرجل وجاءه بباغية من بغايا بني إسرائيل فأعطاها قارون مالاً وذهباً وفضة إغراء لها وذلك فى مقابل أن تذهب إلي مجلس موسي أمام الناس

    جميعاً وتدعي أن موسي فعل معها الفاحشة وزني بها ليلاً وبذلك لا يصدقه أحد فيما يقول وينصرف الناس عنه ويقضي بذلك علي دعوته ورسالته .

    وأمام إغراء المال وافقت المرأة علي ذلك فأخذت الذهب والفضة وذهبت إلي مجلس كليم الله موسي عليه السلام لتفعل ما آمرها به قارون فوجدت موسي عليه

    السلام يعلم الناس شرائع الدين ويحدثهم عن الله فوقفت المرأه أمام الناس وقالت : لا تصدقوه إنه ساحر وقد كان معي فى فراشي أمس .

    فنظر الناس جميعاً إلي المرأة فى عجب وقد علت وجوههم الدهشة من هذا الإدعاء إذ كيف تدعي امرأة أن موسي الطاهر العفيف فعل معها الفاحشة ؟؟

    وما الذي جعلها تقول ذلك ؟؟ فسكت موسي عن الكلام ونظر إلي المرأة أنا فعلت ذلك ؟ فقالت فى تبجح وشفور : نعم لقد زنيت بي الليله الماضية .

    فشل المؤامرة

    رأي موسي عليه السلام إصرار المرأة علي الكذب فعلم أن احداً من أعدائه هو الذي سلطها علي ذلك ولكنه فكر : من يكون؟؟ إن فرعون وهامان لا يلجأن

    إلي مثل هذه الأمور لأنهما يواجهان موسي مباشرة ويعذبان بني إسرائيل علانيه وجهاراً .. ولا يلجأ إلي مثل هذه الأساليب الدنيئة إلا ضعيف لا يريد أن

    يظهر العداوة صراحة وأراد موسي عليه السلام أن يعرف حقيقة الأمر .. ولن يدله علي ذلك إلا الله تبارك وتعالي .. فقام وصلي ودعا الله أن يكشف

    الحق أمام الناس .. ثم توجه ناحية المرأه وأقبل عليها واستحلفها بالله قائلاًُ : أيتها المرأة استحلفك بالله هل أنا فعلت معك شيئاً ؟ فارتعدت المرأة

    وشعرت أنها لو كذبت سوف يخسف الله بها الأرض أو يرسل عليها عذاباً شديداً فنطق لسانها بالصدق وخرج الحق من قلبها وفمها فقالت : والله يانبي الله

    إنك لأطهر الناس، وأفضل الناس ومافعلت معي شيئاً ..فسألها : إذن لما قلت ذلك ؟ وماحملك علي هذا ؟ .. فقالت : قارون .. فسألها:

    ماذا فعل ؟ فقالت أمرني أن أقول ذلك أمام الناس وأعطاني مالاً وذهباً ثم استغفرت الله وتابت اليه وعلم موسي عليه السلام أن مال قارون أصبح خطراً كبيراً

    وصار يؤازر السلطة الظالمة فى مواجهة الحق فسجد موسي عليه السلام شكراً لله علي إظهار براءته أمام الناس جميعاً وعرف كل الحاضرين أن قارون هو

    الذي دبر هذه المؤامرة الإجرامية وذلك بسبب حقده وحسده لموسي عليه السلام واستأنف موسي عليه السلام المجلس من جديد .. وجمع المؤمنين من قومه

    واستكمل حديثة معهم عن دين الله .. وشريعته .. وأوامره ونواهيه.. وراح يعلمهم الأحكام والآداب السامية والأخلاق الريعة وينهاهم عن

    الفحشاء والمنكر والبغي .

    خسف قارون

    ذات يوم كان كليم الله موسي عليه جالساً مع جماعة من بني إسرائيل ..يحدثهم عن الله عز وجل وعن دينه الحق وأثناء ذلك مر قارون فى موكبه الفخم وزينته

    الكبيرة حوله الحرس والجنود وقد تلألأ الذهب والياقوت فى مراكبه ونزلت ستائر الحرير حول عربته فلما اقترب الموكب من موسي عليه السلام نادي موسي

    علي قارون فأوقف قارون الموكب ونظر من داخل المركبه إلي موسي عليه السلام نظرة سخرية واستهزاء فسأله موسي عن السبب الذي جعله يحرض عليه

    المرأه البغي فاعترف قارون بأنه فعل ذلك ليقضي علي دعته وأنه سوف يظل يحاربه ويقاتله وقال : ياموسي أما لئن كنت فضلت علي بالنبوة فقد فضلت عليك

    بالمال ولئن شئت لتخرجن فلتدعون علي ولأدعون عليك .فوافق موسي عليه السلام علي ذلك فخرج موسي أمام الناس فدعا قارون أولاً فلم يستجب له فرفع

    موسي عليه السلام وقال : اللهم مر الأرض فلتطعني اليوم فأوحي الله بأن الأرض طائعه لك فأمر موسي الأرض أن تبتلع قارون وكنوزه فابتلعتهم فى بطنها

    قال تعالي : فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين .. القصص 81

    ندم وتوبة

    رأي بنو إسرائيل ماحدث لقارون وقصوره وكنوزه وشاهدوا خسفه بأعينهم وشاهدوه وهو ينهار وتبتلع الأرض داره وأمواله وزينته وهو ضعيف عاجز لا ينصره

    أحد ولا يشفع له مال ولا جاه وسقطت مع قارون الفتنة التي تسبب فيها وخرجت المياه من جوف الأرض مكان قصره وصنعت بحيرة واسعه عرفت باسم

    بحيرة قارون ..

    وهنا ندم الذين كانوا يتمنون مكانته وتابوا إلي الله عز وجل واستغفروه وعلموا أن الثراء ليس دليلاً علي رضا الله تعالي فالله هو الذي يوسع الزرق علي من يشاء

    من عباده ويضيقه علي من يشاء لأسباب ليس بينها السخط أو الرضا .. فلو كان البغي والمال الوفير دليل علي رضا الله ماكانت هذه نهاية قارون

    قال تعالي : وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح

    الكافرون .. القصص 82

    وهكذا كانت قصة قارون وكنوزه عبرة وعظة لبني إسرائيل وغيرهم حتي يعلم الناس أن عزة الله ليست فى كثرة الأموال ولا فى نعيم الدنيا وإنما هو فى طاعة

    الله وعبادته التي يحصل الإنسان من خلالها علي الجنة وثواب الآخرة قال تعالي : تلك الدار الآخرة للذين لا يريدون علواً فى الأرض ولا فساداً والعاقبة

    للمتقين .... القصص 83
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( مــَـاشـطـة بـنـت فـرٍعــوٍـوٍن )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 18:00

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    مـاشطـة بنـت فــرعون

    لم يحفظ التاريخ اسمها، لكنه حفظ فعلها....

    امرأة صالحة كانت تعيش هي وزوجها.. في ظل ملك فرعون.

    وجها مقرب منه.. وهي خادمة ومربية لبنات فرعون، منّ الله عليهما بالإيمان.. فلم يلبث فرعون أن علم بإيمان زوجها فقتله، ولكن بقيت الزوجة تعمل في بيت فرعون تمشط بنات فرعون.. وتنفق على أولادها الخمسة.. تطعمهم كما تطعم الطير أفراخها..

    فبينما هي تمشط ابنة فرعون يوماً.. إذ وقع المشط من يدها..فقالت: بسم الله، فقالت ابنة فرعون: الله.. أبي؟ فصاحت الماشطة بابنة

    فرعون: كلا.. بل الله.. ربي.. وربُّك.. وربُّ أبيك، فتعجبت البنت أن يُعبد غير أبيها..ثم أخبرت أباها بذلك.. فعجب أن يوجد في

    قصره من يعبد غيره

    فدعا بها.. وقال لها: من ربك ؟


    قالت : ربي وربك الله فأمرها بالرجوع عن دينها.. وحبسها.. وضربها.. فلم ترجع عن دينها.. فأمر فرعون بقدر من نحاس فمُلئت

    بالزيت.. ثم أُحمي.. حتى غلاوأوقفها أمام القدر.. فلما رأت العذاب.. أيقنت أنما هي نفس واحدة تخرج وتلقى الله تعالى.. فعلم

    فرعون أن أحب الناس أولادها الخمسة.. الأيتام الذين تكدح لهم.. وتطعمهم.. فأراد أن يزيد في عذابها فأحضر الأطفال الخمسة.. تدور أعينهم.. ولا يدرون إلى أين يساقون.

    فلما رأوا أمهم تعلقوا بها يبكون.. فانكبت عليهم تقبلهم وتشمهم وتبكي.. وأخذت أصغرهم وضمته إلى صدرها.. وألقمته ثديها، فلما رأى فرعون

    هذا المنظر..أمر بأكبرهم.. فجره الجنود ودفعوه إلى الزيت المغلي.. والغلام يصيح بأمه ويستغيث.. ويسترحم الجنود.. ويتوسل إلى

    فرعون.. ويحاول الفكاك والهرب وينادي إخوته الصغار.. ويضرب الجنود بيديه الصغيرتين.. وهم يصفعونه ويدفعونه.. وأمه تنظر

    إليه.. وتودّعه.

    فما هي إلا لحظات.. حتى ألقي الصغير في الزيت.. والأم تبكي وتنظر.. وإخوته يغطون أعينهم بأيديهم الصغيرة.. حتى إذا ذاب لحمه من على جسمه النحيل.. وطفحت عظامه بيضاء فوق الزيت.. نظر إليها فرعون وأمرها بالكفر بالله.. فأبت عليه ذلك.. فغضب فرعون..

    وأمر بولدها الثاني، فسحب من عند أمه وهو يبكي ويستغيث.. فألقي في الزيت.. وهي تنظر إليه.. حتى طفحت عظامه بيضاء واختلطت بعظام

    أخيه.. والأم ثابتة على دينها..موقنة بلقاء ربها، ثم أمر فرعون بالولد الثالث فسحب وقرب إلى القدر المغلي ثم حمل وغيب في الزيت.. وفعل به ما فعل بأخويه، والأم ثابتة على دينها.. فأمر فرعون أن يطرح الرابع في الزيت


    فأقبل الجنود إليه.. وكان صغيراً قد تعلق بثوب أمه.. فلما جذبه الجنود.. بكى وانطرح على قدمي أمه.. ودموعه تجري على رجليها.. وهي تحاول أن تحمله مع أخيه.. تحاول أن تودعه وتقبله وتشمه قبل أن يفارقها.. فحالوا بينه وبينها.. وحملوه من يديه الصغيرتين.. وهو يبكي ويستغيث.. ويتوسل بكلمات غير مفهومة.. وهم لا يرحمونه.. وما هي إلا لحظات حتى غرق في الزيت المغلي.

    وغاب الجسد

    وانقطع الصوت

    وشمت الأم رائحة اللحم.. وعلت عظامه الصغيرة بيضاء فوق الزيت يفور بها، تنظر الأم إلى عظامه.. وقد رحل عنها إلى دار أخرى وهي تبكي.. وتتقطع لفراقه، طالما ضمته إلى صدرها.. وأرضعته من ثديها، طالما سهرت لسهره.. وبكت لبكائه، كم ليلة بات في حجرها.. ولعب بشعرها

    كم قربت منه ألعابه.. وألبسته ثيابه

    جاهدت نفسها أن تتجلد وتتماسك.. فالتفتوا إليها.. وتدافعوا عليها.. وانتزعوا الخامس الرضيع من بين يديها.. وكان قد التقم ثديها.. فلما انتزع منها.. صرخ الصغير.. وبكت المسكينة.. فلما رأى الله تعالى ذلها وانكسارها وفجيعتها بولدها.. أنطق الصبي في مهده وقال لها:يا أماه اصبري فإنكِ على الحق.

    ثم انقطع صوته عنها.. وغيِّب في القدر مع إخوته.. ألقي في الزيت.. وفي فمه بقايا من حليبها، وفي يده شعرة من شعرها، وعلى أثوابه بقية من دمعها، وذهب الأولاد الخمسة.. وهاهي عظامهم يلوح بها القدر..ولحمهم يفور به الزيت.

    تنظر المسكينة.. إلى هذه العظام الصغيرةعظام من؟

    إنهم أولادها.. الذين طالما ملئوا عليها البيت ضحكاً وسرورا.

    إنهم فلذات كبدها.. وعصارة قلبها.. الذين لما فارقوها.. كأن قلبها أخرج من صدرها.. طالما ركضوا إليها.. وارتموا بين يديها..وضمتهم إلى صدرها.. وألبستهم ثيابهم بيدها.. ومسحت دموعهم بأصابعها، ثم هاهم يُنتزعون من بين يديها.. ويُقتلون أمام ناظريها..

    وتركوها وحيدة وتولوا عنها.. و عن قريب ستكون معهم، كانت تستطيع أن تحول بينهم وبين هذا العذاب.. بكلمة كفر تسمعها لفرعون.. لكنها علمت أن ما عند الله خير وأبقى.

    ثم.. لمّا لم يبق إلا هي.. أقبلوا إليها كالكلاب الضارية.. ودفعوها إلى القدر.. فلما حملوها ليقذفوها في الزيت.. نظرت إلى عظام أولادها.. فتذكرت اجتماعها معهم في الحياة.. فالتفتت إلى فرعون وقالت: لي إليك حاجة

    فصاح بها وقال: ما حاجتك ؟

    فقالت: أن تجمع عظامي وعظام أولادي فتدفنها في قبر واحد

    ثم أغمضت عينيها.. وألقيت في القدر.. واحترق جسدها.. وطفت عظامها

    لله درّها..

    ما أعظم ثباتها.. وأكثر ثوابها..

    ولقد رأى النبي صلى الله عليه واله وسلم ليلة الإسراء شيئاً من نعيمها.. فحدّث به أصحابه وقال لهم فيما رواه البيهقي: لما أسري بي مرت بي رائحة

    طيبة، قلت: ما هذه الرائحة؟ فقيل لي: هذه ماشطة بنت فرعون وأولادُها

    الله أكبــر

    تعبت قليلاً.. لكنها استراحت كثيراً..

    مضت هذه المرأة المؤمنة إلى خالقها.. وجاورت ربها

    قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : لو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحاً، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها

    وروى مسلم أنه صلى الله عليه واله وسلم قال: من دخل الجنة ينعم لا يبؤس، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه. وله في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن

    سمعت، ولا خطر على قلب بشر..ومن دخل إلى الجنة نسي عذاب الدنيا

    ولكن لن يصل أحد إلى الجنة إلا بمقاومة شهواته.. فلقد حفت الجنة بالمكاره.. وحفت النار بالشهوات.. فاتباع الشهوات في اللباس.. والطعام.. والشراب.. والأسواق.. طريق إلى النار.. قال صلى الله عليه واله وسلم كما في الصحيحين: حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات

    فاتعبي اليوم وتصبَّري.. لترتاحي غداً

    فإنه يقال لأهل الجنة يوم القيامة: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ‏

    أما أهل النار فيقال لهم: اَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ

    صدق الله العلي العظيم

    تقبلوا تحياتي
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( ـآ‘لـعـُـزٍيــرٍ عـلـيـه ـآ‘لـسـلام )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 18:10

    نسبه : سيدنا العزير عليه السلام هو : عزير بن سوريق بن عديا بن أيوب بن درزنا بن عدي بن تقي بن أسبوع بن فنحاص بن العاذر بن هارون بن عمران

    وسيدنا العزير عليه السلام جاء بعد سيدنا سليمان عليه السلام وقبل سيدنا زكريا ويحيي عليهما السلام عليكم ورحمه ا

    فضله : سيدنا العزير عليه السلام كان حافظاً للتوراة معلما لها وكان دائم الذكر يوصي قومه بالعبادة والإجتهاد فى الذكر وكان صاحب دعوة مستجابة فكان

    يدعو للمريض فيشفيه المولي عز وجل من مرضه ، كان يصوم النهار ويحافظ علي قيام الليل أحبه قومه حباً شديداً لأنه لا يكذب وكان متواضعاً حليماً صبوراً

    وكل هذه الصفات إن توافرت فى شخص كان هذا الشخص محبوباً عند كل الناس والمسلم الحق يجب أن يتحلي بهذه الصفات العظيمة فالأنبياء لنا قدوة .

    قصته : كان عزير عليه السلام عبداً صالحاً حكيماً خرج ذات يوم إلي حديقته فمر علي قرية قد هلكت بأكملها ورأي بعينيه عظام الناس وعظام الحيوانات

    وتهدم المنازل والاسواق قد تعجب سيدنا العزير عليه السلام من هذا المنظر ولكنه استمر فى سيرة حتي اشتدت عليه حرارة الشمس وكان معه سلتان تحتوي

    علي تين وسلة تحتوي علي عنب فدخل إلي هذا المكان الخرب فاستراح وأراح حماره ،ثم أتي بالعنب فعصره ثم وضع الخبز فابتل الخبز وصار طرياً فأكل القليل

    منه ثم القليل من التين ..

    وبعد فترة قام الحمار فوضع سيدنا العزير السلتين علي الحائط ثم ألقي بظهره علي الأرض ودفع قدمه علي الحائط وأخذ يفكر فى هذه القرية التي مر عليها فرأي

    أهلها قد ماتوا وأصبحوا عظاماً وكذلك حيواناتهم وتهدمت بيوتهم وأصبحت خراباً هل سيعودون إلي الحياة مرة أخري ..؟؟

    وفى ذلك قول الحق تبارك وتعالي : أو كالذي مر علي قرية وهي خاوية علي عروشها قال أني يحيي هذه الله بعد موتها ... البقرة 259

    وهذا السؤال الذي سأله سيدنا عزير عليه السلام لم يكن شكاً فى قدرة الله فهو يعلم تمام العلم أن الله هو المحيي وهو المميت وهو الذي سيبعث الناس من قبورهم

    ولكن سبب سؤاله أنه أراد رؤية ذلك أمام عينيه .


    وهنا وبعد هذا السؤال أمات المولي عز وجل العزير عليه السلام وظل ميتاً هو وحماره لمدة أخبرنا بها القرآن فى قول المولي عز وجل : فأماته الله مائة عام

    ثم بعثه .. البقرة 259 .

    نعم أمات المولي عز وجل سيدنا العزير عليه السلام مائة عام ثم بعثه بعد الموت وأرسل إليه ملكاً فقال الملك : ياعزير كم لبثت ..؟

    فقال العزير عليه السلام : أعتقد أنني قد نمت يوماً أو بعض يوم أي جزءاً من اليوم .

    فقال له الملك : بل لبثت مائة عام .

    فتعجب العزير عليه السلام ولم يصدق هذا الكلام فكيف أمكث مائة عام وأنا كما أنا لم يتغير مني شئ ..؟

    وهنا قال الملك : ياعزير إذا أردت أن تشاهد قدرة المولي عز وجل فانظر إلي طعامك فإن التين والعنب كما هو لم يتغير وكذلك الخبز برغم أن التين والعنب

    والخبز يتلفوا بعد فترة قصيرة جداً .

    وانظر إلي الحمار فقد مات وأصبح عظاماً ومعني ذلك أنك لبثت فترة طويلة جداً .

    وانظر يانبي الله إلي مسألة الخلق بنفسك وهنا نادي الملك إلي عظام الحمار ، فأجابت وأقبلت من كل ناحية حتي ركبه الملك وعزير عليه السلام ينظر إليه ثم

    ألبس الملك عظام الحمار العروق والعصب ثم كساها اللحم ، ثم أنبت عليها الجلد والشعر ثم نفخ فيه الملك فقام الحمار رافعاً رأسه إلي السماء ناهقاً يظن

    أن القيامة قد قامت ولنقرأ سوياً قول الحق تبارك وتعالي : أو كالذي مر علي قرية وهي خاوية علي عروشها قال أني يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة

    عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلي طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلي حمارك ولنجعلك آيه للناس وانظر إلي

    الععظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً فلما تبين له قال أعلم أن الله علي كل شئ قدير .. البقرة 259 .

    أمام عينيه أراد أن يعود إلي قريته التي تربي فيها وأحب قومها .. عاد العزير ولكنه رأي الأماكن قد تغير والمنازل قد تغيرت والوجوه قد تغيرت فهو لا

    يعرف أى فرد فى هذه القرية ، واجتهد العزير حتي اقترب من منزل يشبه منزله ورأي أمام هذا المنزل امرأة عجوزاً عمياء لا تستطيع الحركة وكانت هذه المرأه

    جارية فى بيت العزير عليه السلام وكان قد فارقها العزير وهي تبلغ من العمر عشرين عاماً أي : أن سنها قد أصبح مائة وعشرون عاماً

    فقال لها : ياهذه ... أهذا منزل عزير ..؟؟

    فقالت : نعم هذا منزل عزير .. وبكت بكاءاً طويلاً ، ثم قالت : مارأيت أحداً يذكر عزيرا منذ زمن طويل ولقد نسيه الناس .

    فقال لها : فإني أنا عزير كان الله أماتني مائة سنه ثم بعثني .

    فقالت : سبحان الله فإنا قد فقدنا العزير فعلاً منذ مائة سنه ، فلم نسمع له بذكر .

    فقال : فإني أنا عزير .

    قالت : إن عزيراً رجل مستجاب الدعوة يدعو للمريض ولصاحب البلاء بالعافيه والشفاء فادع الله أن يرد عليه بصري حتي أراك فإن كنت عزيراً عرفتك

    فدعا عزير عليه السلام لهذه المرأه فشفي المولي عز وجل عينيها فأبصرت وشفي قدميها فقامت وهي فى غاية النشاط وكأنما عادت بنت العشرين عاما ونظرت

    إلي من يتحدث إليها فعرفته ، وقالت : نعم .. والله إنك العزير .

    ثم أخذته وانطلقت به إلي الأماكن التي يجتمع فيها القوم . وصاحت : هلموا ياقوم .. هلموا ياقوم ...

    فأقبل الجميع وقالوا : ما الخبر ..؟

    فقالت : أنا فلانة مولاتكم ، وأنتم جميعاً تعلمون أني كنت قعيدة وعمياء حتي جاء هذا الرجل فدعا الله لي فرد الله لي بصري وصحتي وعندما أبصرته أقسم

    لكم إنه لعزير .

    فقالوا : ولكن عزير قد مات ..

    فقالت : لا .... هذا عزير وقد بعثه المولي عز وجل لكم آيه .

    ولم تكد تكمل المرأه كلامها حتي أقبل شيخ كبير فى السن تنحي له الجميع واحترموه احتراماً شديداً فنظر إليه العزير وشبه عليه ولكنه لم يتكلم ..

    وكانت المفاجأة عندما تكلم هذا الشيخ وقال : أنا ابن العزير إن كنت أنت العزير ..

    فابتسم العزير وشعر به وقال له : وماذا تطلب من دليل ..؟

    فقال الشيخ : كان لأبي شامة سوداء بين كتفيه .

    فكشف سيدنا العزير عليه السلام عن كتفيه فوجدوا الشامة .. فقال الجميع فى نفس واحد : سبحان الله نعم هو العزير وقام ابنه فاحتضنه وكانت هذه

    عجيبة من عجائب الزمن فالابن قد تجاوز المائة عام وأصبح شيخاً كبيراً والأب يبلغ من العمر أربعين عاماً فقط أي أنه لا زال شاباً قوياً لأن المولي عز وجل

    أمات العزير عند الأربعين عاماً وبعثه بعد الموت أيضاً عند الأربعين عاما ...


    * علمنا التوراة :-

    بعد أن أدرك الجميع أن هذا هو سيدنا العزير عليه السلام قصوا عليه ما حدث فى فترة غيابه فقالوا له : ياعزير فى غيابك تغيرت الأحوال وساء الظلم والظلام

    فقال لهم : كيف ..؟

    فقالوا : حكم الناس رجل ظالم كافر يسمي بختنصر أمر بإحراق التوراة واضطهد رجال الدين فضاعت التوراة ولم نستطع الحفاظ عليها .

    فقال لهم : وماذا فعلتم ..؟

    فقالوا : ياعزير وماذا نفعل أمام هذا الظالم الذي أطاح بكل من يدعو إلي الله ويقف أمامه ..؟

    فقال العزير :إن الظلم لا ينتشر إلا فى أناس قد تركوا حقوقهم ورضوا بالظلم ، أما من يظهر علي الظلم ويحاربه فلابد له من الانتصار وأنتم من ضيعتم التوراة

    فقالوا له : يانبي الله هذا من زمن آبائنا فلا تحاسبنا ولقد سمعنا انك تحفظ التوراة فعلمنا التوراة ياعزير .

    فقلا لهم عزير : لقد حفظت التوراة مكتوبة .

    فقالوا كيف ..؟

    فقال : قوموا معي وسأخبركم فى الطريق .

    فقام القوم مع عزير وانطلقوا وبينما هم فى الطريق قال عزير عليه السلام : إن أبي سروخا قد دفن التوراة فى موضع لا يعرفه سواي أنا وأبي فهيا بنا لنحضر

    هذا الورق ..

    وعندما ذهب القوم عند المكان الذي حدده العزير وحفروا وجدوا التوراة ولكن الورق كان قد انتهي وتعفن وأصبح غير مقروء لأي فرد .

    فقالوا له : إن هذا الورق لن نستفيد مما فيه فقد تعفن وضاعت منه الكلمات فهل يوجد عندك حل أخر ..؟

    فقال :نعم أنا سأعلمكم التوراة .

    وجلس عزير فتره منعزلاً عن قومه يدعو الله أن يذكره التوراة كاملة واستجاب المولي عز وجل لدعاء عبده العزير فألقي التوراة فى قلبه فتذكرها كاملة دون أن

    ينقص منها حرف واحد .

    وعندما تذكر سيدنا العزير التوراة كاملة قام إلي قومه وطلب منهم البدء فأقبلوا عليه وأخذوا يحفظون ويكتبون ما يقوله العزير وظلوا علي ذلك حتي جمعوا

    التوراة كاملة من فم العزير ..

    وبعد أن قام العزير بتعليمهم التوراة قال لهم : إن التوراة يجب أن تحفظ فى الصدور فهي كتاب الله . ولكن يجب أن يكون مع العلم العمل .

    فقال قومه : ماذا تقصد بكلامك ياعزير ..؟

    فقال لهم : أقصد أن كل ماجاء فى كتاب الله طيب وجميل يجب علينا حفظه ولكن هناك ماهو أهم من الحفظ .

    فقالوا له : وماذا أهم من الحفظ ياعزير ..؟

    فقال لهم : العمل ، فربنا عز وجل طلب منا العمل بعد العلم وهذا الكلام ليس فى التوراة وفقط بل هو فى كل الشرائع السماوية فقد قال ربنا عز وجل : وقل

    اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنين .. وقد قال عز وجل أيضاً : قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ..

    فالأيه الأولي تدل علي العمل والثانية تخبر عن فضل العلم ومعني هذا أهمية العلم والعمل فى القرآن كما كان العلم والعمل هاماً فى التوراة كما أمر العزير ،

    والعلم والعمل أيضاً من أهم الأشياء فى الأنجيل وكذا كما قلنا : إن العلم والعمل من أهم الأشياء فى جميع الشرائع ..

    موت سيدنا العزير عليه السلام :-

    زرع العزير عليه السلام التوراة فى قلوب بني إسر ائيل وظل يجتهد فى تعليمه لهم ،حتي أصبحت التوراة عملهم وشغلهم الشاغل وهنا اطمأن نبي الله علي

    الدعوة وعلي سيرها وسط قومه مات وهو مطمئن علي أهله وقد مات عزير عليه السلام قبل بعثة زكريا عليه السلام عليكم ورحمه ا
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( ذـوٍوٍ ـآ‘لـقـرٍنـيـن )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 18:12

    الملك العادل

    كان ذو القرنين أحد ملوك الدنيا الأربعة ، الذين ملكوا الدنيا من مشرقها إلي مغربها ، فقد ملك الدنيا أربعة ، مؤمنان وكافران ، فالمؤمنان

    هما نبي الله سليمان عليه السلام وذو القرنين ، وأما الكافران فهما النمرود وبختنصر .

    وذو القرنين جاء ذكره فى القرآن الكريم فى سورة الكهف وقد اختلف المفسرون فى اسمه وفي بلده وفى زمانه .. وأرجح الأقوال أنه كان

    ملكاً من ملوك اليمن ،من حمير اسمه أبو كرب الصعب بن شمر بن عبير بن أفريقس الحميري ، وأمه رومية ويؤكد علي ذلك أن تبع

    اليماني الحميري قال :

    قد كان ذو القرنين جدي مسلماً .. ملكاً تدين له الملوك وتحشد

    بلغ المشارق والمغارب يبتغي .. أسباب أمر من حكيم مرشد

    وفى خطبة لقس بن ساعدة الأيادي ، قال : يامعشر إياد بن الصعب ذي القرنين ، ملك الخافقين وأذل الثقلين وعمر ألفين ثم كان ذلك كلحظة عين ..

    وكان ذو القرنين عاقلاً حكيماً وسياسياً ماهراً استطاع بعقله وقوته أن يملك المشرق والمغرب ولذلك سمي ذو القرنين لأن ملكه بلغ قرني

    الشمس غرباً وشرقاً ، وقيل سمي ذو القرنين بسبب غديرتين ضفيرتين من شعر كانتا فى رأسه ..

    وقد ملك ذو القرنين الاقاليم كلها ، وقهر أهلها ، وسار في الدنيا بالعدل التام ، والسلطان المؤيد ، والملك المظفر المنصور .. فكان ملكاً

    صالحاً ، رضي الله تعالي عن عمله وأثني عليه في كتابه الكريم ، فقال تعالي : وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا

    إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا .. الكهف : 83-84 ..

    فتوحات ذي القرنين

    وسع الله عز وجل مملكة ذي القرنين ، وأعطاه من آلات القوة ما يستعين به علي تحقيق المهمات العظيمة والمقاصد الجسيمة ، وسخر له

    السحاب وجعله يسير بالليل كمن يسير بالنهار يري كل شئ فى الظلام .. لا تعجزه عتمة الليل عن مواصلة الجهاد وفتح البلاد .. كما

    أيده الله عز وجل بالنصر الدائم .. فقهر الأعداء واستولي علي البلاد واحتوي علي الأموال وفتح القري والمدائن وقتل الرجال وسبي النساء

    والأطفال وجال فى البلاد والقلاع وسار حتي ملك المشرق والمغرب ، وكان إلي جانب ذلك كثير العلم ، عظيم المعرفة يدين بدين الحق

    ويشهد لله بالوحدانية ، وكان كلما دخل مدينة دعا أهلها إلي الإيمان بالله الواحد الأحد ، فإن أطاعوه وتابعةه علي دينه عفا عنهم وترك

    لهم أموالهم ، وأمنهم علي أنفسهم ، وأحسن إليهم .. وإن خالفوا أمره ، وأصروا علي الكفر والعناد وأظهروا العصيان والفساد قتلهم وأخذ

    وأموالهم وشرد أهلهم وسبي نساءهم وأطفالهم ، وعذبهم عذاباً شديداً .. وكان يعلم لغات البشر جميعاً ، فكان إذا غزا قوماً حدثهم بلغتهم ،

    وكان يأخذ من كل مدينة يفتحها أمتعة وطعاماً يكفيه ويعنيه علي أهل المدينة التي تليها ..

    مغرب الشمس

    ظل ذو القرنين يسير من اليمن متجهاً ناحية الجزيرة العربية والشام شمالاً ، يقطع تلك الصحراء الشاسعة ، يفتح البلاد بالإسلام ، وينشر

    دين الله في الأرض .. وظل يسير في هذا الاتجاه حتي وصل البحر المتوسط فى بلاد الشام .. ثم اتجه غرباً فى اتجاه مصر وشمال

    إفريقيا وبلاد المغرب العربي وظل يسير حتي وصل إلي المحيط الأطلنطي في أقصي الغرب .. وكان هذا المكان وقتئذ يعتبر أقصي مايسلك

    فيه من الأرض ناحية المغرب .. فوقف علي ساحل المحيط ، وشاهد مغيب الشمس أي الشمس وهي تغرب فى المحيط وهذا شأن كل من

    انتهي إلي الساحل ، يري الشمس كأنها تغرب فى الماء وهذه في الحقيقة خدعة بصرية ، فالشمس فى مكانها مثبتة لا تفارقة ، ولكن الذي

    يقف علي ساحل البحر أو المحيط يري الشمس كانها تخرج منه صباحاً أو تغرب فيه مساءً والأغلب أن ذا القرنين وصل إلي ذلك المكان

    وقت غروب الشمس ، قال تعالي : فَأَتْبَعَ سَبَبًا

    حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا .. الكهف 85-86 ..

    أي عندما وصل ذو القرنين إلي ذلك المكان وجد قوماً يسكنون مدينة عظيمة ، وكان هؤلاء القوم جبابرة ، يكفرون بالله ، ويشركون به

    وينشر بينهم الفسوق والفساد والعصيان .. فحاربهم ذو القرنين وانتصر عليهم انتصاراً ساحقاً وملك أمرهم فأوحي الله له إما أن يعذبهم أو

    يعفو عنهم ..؟ فقال ذو القرنين : من دخل منهم فى ديننا ، وآمن بالله الواحد الأحد فسوف نحسن إليه ، ومن أصر علي الكفر

    والفسوق والعصيان فسوف نعذبه بالقتل أو السجن أو الحرق ثم يعذبه الله عز وجل يوم القيامة أشد العذاب قال تعالي : حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا

    قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا

    وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا .. الكهف : 86-88 ..

    مطلع الشمس

    بعد أن استقر الحال عند مغرب الشمس ، وأقام ذو القرنين هناك العدل ونشر دين الله الحق سلك طريقاً عائداً فيه من مغرب الشمس إلي

    مطلعها متجهاً من بلاد المغرب إلي بلاد المشرق فكان كلما مر بأمة قهرهم وغلبهم ودعاهم إلي الله عز وجل فإن أطاعوه وإلا أذلهم واستباح

    أموالهم وأمتعتهم واستخدم من كل أمه ماتستعين به جيوشه علي قتال الإقليم الذي بعده ..

    وظل ذو القرنين يسير اثنتي عشرة سنه حتي وصل إلي مطلع الشمس أي منتهي المشرق من الأرض فوجد قوماً حمراً قصاراً أكثر معيشتهم

    من السمك لم يبنوا في قريتهم بناءً قط ولم يبن عليهم بناء قط وكانوا إذا طلعت الشمس واشتد عليهم الحر دخلوا أسرابا لهم قد اتخذوها في

    الأرض شبه القبور أو نزلوا البحر واختفوا في الماء حتي تزول الشمس ، فإذا ارتفعت الشمس وغابت عنهم خرجوا من تلك الأسراب أو

    من الماء .. ولم تكن أرضهم تحتوي علي جبال ولا أشجار .. ولا يستقر عليها بناء ، قال تعالي : ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا

    حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا

    كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا .. الكهف : 89-91 ..

    بين السدين

    اتجه ذو القرنين بعد ذلك من مطلع الشمس شرقاً إلي شمال ناحية بلاد الترك .. وظل يسير حتي وصل مكاناً بين جبلين متقاربين وكان

    هذا المكان مثل الثغرة وكان يخرج منه يأجوج ومأجوج علي بلاد الترك فيعيثون فيها فاسداً ويهلكون الحرث والنسل ..

    ويأجوج ومأجوج هؤلاء قبيلتان من البشر من نسل آدم عليه السلام ومن أبناء يافث بن نوح عليه السلام أعدادهم كثيرة جداً لا حصر لهم

    يؤكد علي ذلك ماجاء عن رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم أنه قال : يقول الله تعالي يوم القيامة : يا آدم . فيقول : لبيك

    وسعديك والخير في يديك . فيقول : قم فابعث بعث النار من ذريتك .. فيقول : يارب ، وما بعث النار ؟ .. فيقول : من كل

    ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلي النار وواحد إلي الجنة ، فحينئذ يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وتري الناس سكاري وما هم

    بسكاري ولكن عذاب الله شديد فلما سمع الصحابة رضي الله عنهم ذلك الحديث اشتد عليهم وحزنوا وقالوا : يارسول الله ، أينا ذلك الواحد

    فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : أبشروا فإن منكم واحداً ومن يأجوج ومأجوج ألفاً مسلم والبخاري .. فهذا يدل علي أن عددهم

    كثيراً جداً جداً ويعتبر يأجوج ومأجوج من جنس المغول إلا أنهم أشد بأساً وأكثرهم فساداً منهم .. وهم من أهل النار كما أخبر النبي

    صلي الله عليه وسلم وقد أطلعه الله عز وجل علي ذلك ، وأوحي إليه أن هؤلاء من اهل الشقاء لأنهم كانوا يرفضون قبول الحق والانقياد له ..

    فلما وصل ذو القرنين إلي هذا المكان استغاث به الترك من يأجوج ومأجوج ، وأخبروه أنهم يستغلون ضعفهم ويهجمون عليهم كل فترة من

    الزمن فلا يتركون مالاً إلا أخذوه ولا زرعاً إلا أفسدوه وأهلكوه ولا خيراً إلا نهبوه ..

    فعلم ذو القرنين أن هجمات يأجوج ومأجوج تتكرر من وقت إلي آخر علي هؤلاء القوم البسطاء ، الذين لا يستطيعون أن يدفعوا علي أنفسهم

    الشر ، أو يمنعوا ذلك العدوان .. فسألهم ذو القرنين : وما تريدون أن أفعل لكم .؟ فقالوا له : نريد أن تمنع عنا هجماتهم وأن تسد

    هذه الثغرة التي يهاجموننا منها فإننا لا نستطيع أن نسدها ، وسوف نعطيك من المال ما تريد جزاء ذلك ، فإنك بقوتك وجيشك تستطيع أن

    تمنعهم عنا فقال لهم ذو القرنين : لا أريد منكم مالاً ولا جزاء إنما جزائي وأجري علي الله ، فما أعطاني الله من الملك والسلطان

    خير مما معكم ، وأحب أن يكون عملي خالصاً لوجه الله تعالي ، ولكن أطلب منكم ان تساعدوني علي إقامة ذلك السد الذي تريدونه

    وتشاركوني فى بنائه حتي يرتفع ، ففرحوا بذلك فرحاً شديداً قال تعالي : حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا

    قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا

    قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا .. الكهف : 92-95 ..

    الحاجز المنيع

    تفحص ذو القرنين المكان بعناية شديدة وراح يفكر فى بناء سد يحجز بين يأجوج ومأجوج وبين هؤلاء الضعفاء البسطاء فوجد أن المكان محاط

    بالجبال الشاهقة والبحار المغرقة من كل جانب غير جانب واحد هو الذي يدخل منه يأجوج ومأجوج وهذا الجانب عبارة عن ثغرة مفتوحة

    بين جبلين ، فأشار ذو القرنين إلي تلك الثغرة وقال : هنا يقام السد ثم طلب من القوم أن يأتوه بقطع من الحديد ، فأتوه بذلك فبني السد

    ووضع قطع الحديد عليه حتي تساوي مع الجبلين طولاً وعرضاً ، ثم أشعل ذو القرنين النار فى البناء كله فانصهر الحديد ، فصار السد

    وكأنه كله حديد ثم صب عليه النحاس المذاب ، فزاده قوة وصلابة ، قال تعالي : قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا

    آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا .. الكهف 95-96 ..

    وبعد ذلك حاول قوم يأجوج ومأجوج أن يهجموا علي هؤلاء الضعفاء كالعادة فوجدوا هذا السد الكبير وذلك الحاجز المنيع فحاولوا أن يخترقوه

    أو يصعدوا فوقه فلم يستطيعوا وباءت محاولتهم بالفشل وحجز بينهم وبين هؤلاء القوم ، فارتدوا علي أعقابهم خائبين ، قال تعالي: فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا .. الكهف 97 .

    وفرح القوم الضعفاء بهذا السد المنيع وعادوا ينعمون بحياتهم الآمنة مرة أخري وسعد ذو القرنين بتوفيق الله وعونه لهم وأخبرهم ان هذا السد

    من فضل الله عليهم وأنه قائم إلي أن يشاء الله تبارك وتعالي ، قال تعالي : قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا .. الكهف:98 ..

    وقد رأي رجل علي عهد النبي محمد صلي الله عليه وسلم سد يأجوج ومأجوج وجاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم وأخبره بما رآه قائلاً

    يارسول الله ، رأيت السد فسأله النبي صلي الله عليه وسلم : وكيف رأيته .؟ قال : مثل البرد المحبر الثوب المنمق .. فقال

    صلي الله عليه وسلم : رأيته هكذا "البخاري وابن جرير " ..

    وروي أن الخليفة العباسي الواثق بالله بعث أحد الأمراء وجهز معه جيشاً لينظروا إلي السد ، ويعاينوه ، ويصفوه له إذا رجعوا فساروا

    من بلد إلي بلد .. ومن ملك إلي ملك حتي وصلوا إليه ورأوا بناءه من الحديد ومن النحاس ورأوا فيه باباً عظيماً عليه أقفال عظيمة

    ورأوا بقية من الطوب اللبن ، والعمل فى برج هناك ، وأن عنده حرساً من الملوك القريبة من هذا المكان ، وأن السد عال شاهق لا

    يستطيع أحد صعوده او نقبه ولا ما حوله من الجبال وقد استغرق هذا الجيش فى ذهابه وإيابه أكثر من سنتين وشاهدوا أهوالاً وعجائب كثيرة

    وقد روي أن يأجوج ومأجوج يحفرون في السد كل يوم فيرجع كما كان .. حتي إذا أراد الله ان يخرجوا قال كبيرهم : نكمل غداً إن

    شاء الله فيستطيعون حفره ويخرجون ، وذلك قبل قيام الساعة ، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد

    كل يوم حتي إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غداً فيعودون إليه كأشد ما كان .. حتي إذا بلغت

    مدتهم وأراد الله أن يبعثهم علي الناس حفروا حتي إذ كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله

    فيستثني فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرون ويخرجون علي الناس فينشفون المياه ويتحصن الناس منهم فى حصونهم فيرمون بسهامهم

    عليهم كهيئة الدم فيقولون : قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء فيبعث الله عليهم نغفاً حشرات فى حجم الطيور فى رقابهم فيقتلهم بها

    والذي نفس محمد بيده إن دواب الأرض لتسمن وتشكر شكراً من لحومهم ودمائهم أحمد ..

    وخروج يأجوج ومأجوج يكون بعد فتنة الدجال وهو من علامات الساعة الكبري ، قال تعالي : حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ

    وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ .. الأنبياء 96-97 ..

    وفاة ذي القرنين

    استمر ذو القرنين يحكم بالعدل وينشر دين الله فى البلاد شرقاً وغرباً وحج بيت الله ماشياً وقيل : أن خليل الله إبراهيم عليه السلام قابله

    ووصاه بوصايا عظيمة وبشره بأن الله قد سخر له السحاب تحمله إذا أراد إلي أي مكان ..

    وظل ذو القرنين علي عهده محباً لله عاملاً علي نشر دينه حتي حضرته الوفاة فأوصي أمه إذا هو مات أن تصنع طعاماً وتجمع نساء أهل

    المدينة وتضعه بين أيديهن ، وتأذن لهن فيه إلا من كانت ثكلي فقدت حبيباً فلا تأكل منه شيئاً فلما مات صنعت امه طعاماً ودعت نساء

    المدينة وامرتهن أن يأكلن إلا من كانت ثكلي ، فلم تضع واحدة منهن يدها فى الطعام فقالت لهن : سبحان الله كلكن ثكلي ..؟

    فقلن : أي والله مامنا إلا من أثكلت فقدت حبيباً وعزيزاً عليها فكان ذلك تسلية وتعزية لها عن فقد ابنها ذي القرنين ..
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( طـــآ‘لــوٍوٍت مـلـكـَــاً )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 18:14

    ضاع تابوت العهد من اليهود فى إحدي حروبهم مع أعدائهم من العمالقة .. سلبه منهم أعداؤهم وفيه السكينة وبقية مما ترك آل موسي و آل هارون _ عليه السلام وقد كانوا ينتصرون

    علي أعدائهم ببركة وجود التابوت معهم ..

    وسلط الله علي اليهود أعداءهم فأذلهم الملوك من بعد عز واحتلوا ديارهم وفرضوا عليهم الجزية يدفعونها وهم صاغرون مستذلون ..

    وقد كان هذا العقاب من الله تعالي جزاء كفرهم وعصيانهم وتحريهم شريعتهم وتكذيبهم لأنبياء الله جميعاً من سبط لاوي وهو سبط الأنبياء فى بني إسرائيل بينما كان الملوك من سبط يهوذا

    ولم يبق من سبط لاوي سوي امرأه واحدة حامل وكان بنو إسرائيل يدعون الله تعالي أن يرسل لهم نبياً من سبط النبوة ..

    لذلك أخذوا هذه المرأة وحبسوها فى بيت وقاموا علي رعايتها حتي تضع مولودها والذي سوف يكون نبياً ..

    وأخذت المرأه تدعو الله أن يرزقها غلاماً فلما وضعت غلاماً أسمته سمعون لأن الله تعالي سمع دعاءها واستجاب لها فوهبها ولداً وهو بالعبرية أشمويل أي إسماعيل ..

    تربي الغلام حتي كبر فأسلمته إلي بيت المقدس ليتعلم التوراة فكفل الغلام شيخ من علماء بني إسرائيل وتبناه حتي بلغ مبلغ النبوة وكان الشيخ يخاف عليه ويرعاه حتي لا ينقطع سبط النبوة من

    بني إسرائيل ..

    وذات ليلة كان أشمويل نائما بجوار الشيخ معلمه وكان الشيخ لا يأمن عليه أحداً غيره .. وأراد الله تعالي أن يرسل أشمويل نبياً إلي بني إسرائيل ، فأرسل إليه الملاك جبريل عليه السلام

    فناداه جبريل قائلاً : ياأشمويل ..

    ونهض أشمويل من النوم فزعاً إلي الشيخ وقال : ياأبتاه هل دعوتني ..؟؟

    تعجب الشيخ لكنه كره أن يفزع أشمويل إذ قال له : إنه لم يناده ولذلك أمره أن يعود إلي النوم ..ورجع أشمويل لينام فناداه جبريل مثلما ناداه فى المرة الأولي فنهض أشمويل فزعا إلي

    الشيخ وسأله : ياأبتاه هل ناديتني ..؟؟

    خاف الشيخ أن يفزعه إن قال له إنه لم يناده ولذلك أمره قائلاً : ارجع فنم يابني فإن دعوتك المرة الثالثة فلا تجبني .

    ومثلما حدث فى المرتين السابقتين عاد أشمويل لينام وفى هذه المرة ظهر له جبريل عليه السلام وقال له : اذهب إلي قومك فبلغهم رسالة ربك فإن الله قد بعثك فيهم نبياً .

    وذهب أشمويل عليه السلام إلي قومه فأخبرهم أن الله تعالي قد أرسله إليهم نبياً ، فماذا كان جواب قومه عليه ..؟؟

    سخروا منه كما سخروا من كل الأنبياء من قبله ومن بعده وكذبوه من قبل ومن بعد .. استخفوا به لصغر سنه قائلين : لقد استعجلت بالنبوة ياأشمويل .. أنت لم تزل صغيراً فكيف

    تكون نبياً ..؟

    وحاول أشمويل أن يقنعهم بأنه صادق فيما يخبرهم به ، فقالوا له : إن كنت ياأشمويل صادقاً فيما تزعم فابعث لنا ملكاً حتي يجمع شملنا ويوحد صفوفنا لكي نقاتل معه فى سبيل الله ..

    وقد كان أشمويل عليه السلام عالماً بما تنطوي عليه نفوس بني إسرائيل من مكر وخديعة وجبن وعند ملاقاة الأعداء ولذلك قال لهم :أخشي أن فرض الله القتال وكتبه عليكم أن تجنبوا عند

    ملاقاة الأعداء وتفروا من ميدان القتال ..

    فرد عليه الوم قائلين : ولماذا لا نقاتل فى سبيل الله وقد أخرجنا الأعداء من أرضنا وديارنا وأسروا أبناءنا وفرضوا علينا الجزية ؟! لماذا لا نقاتل فى سبيل وقد سلب أعداؤنا منا تابوت

    العهد وفيه السكينة وبقية مما ترك آل موسي وآل هارون ..؟

    وقد ظهر فيما بعد أنهم لما كتب الله تعالي _ عليهم القتال جبنوا عن لقاء الأعداء وتولوا راجعين إلا قليلاً منهم ..

    أخبرهم أشمويل بعد ذلك أن الله تعالي قد اختار لهم طالوت ملكاً وأن عليهم أن يطيعوه ويقاتلوا تحت لوائه ..

    وكان جواب بني إسرائيل علي نبيهم أنهم استنكروا اختيار طالوت ليكون ملكاً عليهم برغم أن الله تعالي هو الذي اختاره لهم .. وهذه هي عادة اليهود فى كل زمان ومكان .. المجادلة

    الاستنكار حتي لو كانت المجادلة مع الله وأنبيائه ..

    استنكر بنو إسرائيل أن يكون طالوت ملكاً عليهم لأنه ليس من سبط الملوك فقد كان طالوت من سبط بنيامين ولذلك قالوا لنبيهم : كيف يكون طالوت ملكاً علينا ؟! نحن أحلق بالملك منه

    إن طالوت فقير وليس لديه مال ولذلك لا يحق له أن يكون ملكاً علينا ..

    ورد عليهم أشمويل قائلاً : إن الله فضل طالوت عليكم وزاده عليكم فى العلم والقوة وطول الجسم .. والله تعالي يعطي ملكه لمن يشاء من عباده ، فلا دخل لي ولا لكم فى هذا الاختيار

    ، لأنه اختيار الله وحده

    وظل القوم يلوون أعناقهم ، غير مقتنعين بأن يكون طالوت ملكا عليهم .. وهنا قال لهم أشمويل : ان بركة طالوت عليكم أن الله سوف يرد عليكم تابوت

    العهد الذي سلبه منكم أعداؤكم والذي ستعود إليكم الانتصارات علي أعدائكم ببركة وجوده بينكم سوف تاتي الملائكة وهي تحمل التابوت وسوف ترونهم بأعينكم

    وفي ذلك دلالة علي صحة ولاية طالوت واختياره ملكاً عليكم وهكذا رضي القوم بطالوت ملكاً علي مضض وانتظروا أن يأتيهم التابوت تحمله الملائكة كما

    وعدهم نبيهم .. وأصبح القوم فرأوا الملائكة وهم يحملون تابوت العهد ويضعونه بين أيديهم بعد أن استردوه من أعدائهم فاستبشروا بطالوت ورضوا به ملكاً

    عليهم وبدأ طالوت عهده كملك لبني إسرائيل وأعد جيشاً جراراً قال بعضهم إن عدة هذا الجيش ثمانون ألف مقاتل وجهزه لقتال أعدائهم من العمالقة سكان

    فلسطين ..

    وكان علي رأس العمالقة ملك جبار يسمي جالوت وكان جيشه قوياً بصوره مخيفة ..

    وقبل أن يتحرك طالوت بجيشه لملاقاة جيش جالوت علي الضفة الأخري من نهر الأردن قال طالوت لجنوده : إن الله تعالى سوف يبتليكم بنهر فلا تشربوا

    منه لأن من شرب منه حتى يرتوى فسوف يخرج من الجيش ولن تكون له قدرة علي لقاء الأعداء .. أما من أخذ غرفة واحدة من الماء بيده فسيكون فى

    جيشي ..

    وسار طالوت بجنوده حتي وصلوا النهر فهجم معظم الجيش علي الماء وأخذوا يشربون ناسين تحذير طالوت لهم ففرت همتهم وضاعت حماستهم فجبنوا وخافوا

    من لقاء جالوت وجنوده ..

    أما القلة القليلة من الجيش فقد امتنعوا عن الشرب من الماء وصبروا علي عطشهم وقد آثروا طاعة الله .. فلما عبروا النهر ورأوا جيش جالوت الكثير

    العدة خافوا وقالوا لطالوت :إنهم لا قدرة لهم على قتال جالوت وجنوده نظراً لقلتهم وكثرة عدد أعدائهم .. فردت عليهم القلة المؤمنه فى الجيش : كم من

    فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ..

    وهكذا تقدم طالوت بمن معه من جنود قليلين لملاقاة جالوت وجنوده فدعا المؤمنون فى جيش طالوت ربهم طالبين منه أن يفرغ عليهم الصبر وأن يثبت أقدامهم

    وأن ينزل عليهم السكينة ويمنحهم القوة والشجاعة والثبات عند لقاء عدوهم وأن ينصرهم علي جالوت وجنوده ..

    وقف جيش طالوت فى مواجهة جيش جالوت وكان جالوت من أطول الناس وأشدهم بأساً وقوة فى الحرب والقتال فخاطب طالوت طالباً منه أن يتقدم لمبارزته

    أو يخرج له من بين جنوده من يبارزه فإذا قتل جالوت صار جيشه ملكاً لطالوت وإذا قتل طالوت صار جيشه أسري فى أيدي جالوت وجنوده ..

    ونادي طالوت بين جنوده طالباً من يخرج لمبارزة جالوت ووعد من يبارزه ويقتله بأن يزوجه ابنته ويقاسمه ملكه فلم يجرؤ أحد من فرسان طالوت علي الخروج

    لمبارزة جالوت خوفاً من قوته وبطشه وفي هذه الأثناء تقدم راع صغير وأعلن استعداده لمبارزة جالوت فأشفق عليه الجميع من الموت حتى جالوت نفسه حاول

    أن يرده عن مبارزته لكن هذا الراعي الصغير برغم ضعف قوته تمكن من قتل جالوت وهزيمة جيشه ولم يكن هذا الراعي الصغير سوي نبي الله داوود عليه

    السلام عليكم ورحمه ا..
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( ـآ‘صــحـَـاب ـآ‘لـفـٍيـٍل )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 18:15

    قـصـة ـآ‘صـحـاب ـآ‘لـفـيـٍل

    أن أبرهة الحبشي النائب العام عن النجاشي علي اليمن لما رأي العرب يحجون إلي الكعبة بني كنيسة كبيرة بصنعاء وأراد أن يصرف حج

    العرب إليها وسمع بذلك رجل من بني كنانة فدخلها ليلاً فلطخ قبلتها بالعذرة ولما علم أبرهة بذلك ثار غيظه ..

    فقال : من صنع هذا ؟ فقيل له : صنع هذا رجل من العرب من أهل هذا البيت الذي تحج العرب إليه بمكة لما سمع قولك أصرف

    إليها حج العرب غضب فجاء فقعد فيها أي أنها ليست لذلك أهل فغضب عند ذلك أبرهة وحلف ليسيرن إلي البيت حتي يهدمه ثم أمر

    الحبشة فتهيأت وتجهزت ثم سار وخرج معه بالفيل وسمعت بذلك العرب فأعظموه وفظعوا به ورأوا جهاده حقاً عليهم حين سمعوا أنه يريد هدم الكعبة بيت الله الحرام ..

    فخرج إليه رجل كان من أشرف أهل اليمن وملوكهم يقال له : ذو نفر فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلي حرب أبرهة وجهاده عن بيت الله الحرام ومايريد من هدمه وإخرابه..

    فأجابه إلي ذلك من إجابة ثم عرض له فقاتله ، فهزم ذو نفر وأصحابه وأخذ له ذو نفر فأتي به أسيراً فلما أراد له قتله قال له ذو نفر : أيها الملك لا تقتلني فإنه عسي أن يكون بقائي

    معك خيراً لك من قتلي ، فتركه من القتل وحبسه عنده فى وثاق وكان أبرهة رجلاً حليماً ..ثم مضي أبرهة علي وجهه ذلك يريد ماخرج له ، حتي إذا كان بأرض خثعم عرض له

    نفيل بن حبيب الخثعمي في قبيلتي خثعم (شهران ، وناهس) ، ومن تبعه من قبائل العرب ، فقاتله فهزمه أبرهة وأخذ نفيل أسيراً فأتي به ، فلما هم بقتله قال له نفيل : أيها الملك

    لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب وهاتان يداي لك علي قبيلتي خثعم شهران وناهس بالسمع والطاعة فخلي سبيله ..

    وخرج معه يدله حتي إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب فى رجال ثقيف .. قال ابن إسحاق : فقالوا له : أيها الملك ، إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون ، ليس

    عندنا لك خلاف وليس بيتنا هذا الذي تريد يعنون اللات إنما تريد البيت الذي بمكه ونحن نبعث معك من يدلك عليه فتجاوز عنه .

    قال ابن اسحاق : فبعثوا معه أبا رغال يدله علي الطريق إلي مكه فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتي أنزله المغمس (أي النبات الذي ينبت فى الخريف تحت اليابس وهو مكان ثلث )فلما أنزله به مات أبو رغل هنالك ، فرجمت قبره العرب فهو القبر الذي يرجم الناس بالمغمس .

    فلما نزل أبرهة المغمس بعث رجلاً من الحبشة يقال له : (الأسود بن مقصود)علي خيل له ، حتي انتهي إلي مكة، فساق إليه أموال (أهل تهامه) من قريش وغيرهم وأصاب

    فيها مئتي لعير لعبدالمطلب بن هاشم ، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها ، فهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان بذلك الحرم من سائر الناس بقتاله ، ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به ، فتركوا ذلك..

    وبعث أبرهة حناطة الحميري إلي مكه وقال له : سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفها ، ثم قل له : إن الملك يقول لك : إني لم آت لحربكم ، إنما جئت لهدم هذا البيت فإن لم

    تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم ، فإن هو لم يرد حربي فأتني به ، فلما دخل حناطة مكة سأل عن سيد قريش وشريفها ، فقيل له : عبد المطلب بن هاشم (ابن عبد مناف بن قصي)، فجاءه فقال له ماأمره به أبرهة فقال له عبد المطلب : والله ما نريد حربه، وما لنا بذلك من طاقة ، هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام ..

    أو كما قال فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه ، وإن يخل بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه فقال له حناطة : فانطلق معي إليه ، فإنه قد أمرني أن آتيه بك .

    فانطلق معه عبد المطلب ومن بعض بنيه حتي أتي العسكر فسأل عن ذي نفر وكان له صديقاً ، حتي دخل عليه وهو فى محبسه ، فقال له : ياذا نفر هل عندك من غناء فيما نزل بنا ، فقال له ذي نفر : وماغناء رجل أسير بيد ملك ينتظر أن يقتله غدواً او عشياً ! ماعندي غناء فى شئ مما نزل بك إلا أن أنيساً سائس الفيل صديق لي

    وسأرسل إليه فأوصيه بك ، وأعظم عليه حقك وأسأله أن يستأذن لك علي الملك فتكلمه بما بدا لك ويشفع لم عنده بخير إن قدر علي ذلك ، فقال :حسبي ( يكفيني ذلك)..

    فبعث ذي نفر إلي أنيس ، فقال له : إن عبد المطلب سيد قريش ، وصاحب عير مكة يطعم الناس بالسهل والوحوش فى رءوس الجبال ، وقد أصاب له الملك مئتي بعير ، فاستأذن له عليه ، وانفعه بما استطعت .. فقال : أفعل ..

    فكلم أنيس أبرهة ، فقال له : أيها الملك هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك وهو صاحب عير مكة وهو يطعم الناس بالسهل والوحوش فى رءوس الجبال فأذن له عليك ، فيكلمك فى حاجته وأحسن إليه .. قال : فإذن له أبرهة ..

    قال : وكان عبدالمطلب أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم ، فلما رآه أبرهة أجله وأعظمه وأكرمه عن أن يجلسه تحته وكره أن تراه الحبشة يجلس معه علي سرير ملكه فنزل أبرهةعن سريره فجلس علي بساطه ، وأجلسه معه عليه إلي جانبه ، ثم قال لترجمانه : قل له حاجتك ..؟ فقال له ذلك الترجمان ، فقال : حاجتي أن يرد علي الملك

    مائتي بعير أصابها لي ، فلما قال له ذلك قال أبرهة لترجمانه : قل له : قد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أصابتها لك ، وتترك

    بيتاً هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه ..؟! قال له عبد المطلب : إني أنا رب الإبل ، وإن للبيت رباُ سيمنعه ..

    فرد أبرهة علي عبد المطلب الإبل التي أصاب له ...

    فلما إنصرفوا عنه انصرف عبد المطلب إلي قريش فأخبرهم الخبر ، وأمرهم بالخروج من مكة والتحرز فى شعف الجبال (أي رءوس الجبال) ، والشعاب ، تخوفاً عليهم من معرة الجيش (أي شدة الجيش) ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة ، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه علي أبرهة وحنده ..

    فقال عبدالمطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة :

    لاهم إن العبد يمنع .. رحله فامنع محالك (أي القوة والشدة)

    لا يغلبن صليبهم .. ومحالهم غدواً محالك

    إن كنت تاركهم وفبلتنا .. فأمر ما بدا لك

    قال ابن اسحاق : ثم أرسل عبدالمطلب حلقة باب الكعبة ، وانطلق هو ومن معه من قريش إلي شعف الجبال فتحرزوا فيها ينتظرون أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها ..

    فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكه ، وهيأ فيله وعبي جيشه ، وكان اسم الفيل محموداً ، وأبرهة مجمع لهدم البيت ، ثم الانصراف إلي اليمن ، فلما وجهوا الفيل إلي مكة أقبل نفيل بن حبيب ( الخثعمي) حتي قام إلي جنب الفيل ، ثم أخذ بأذنه فقال : ابرك محمود ، أو أرجع راشداً من حيث جئت ، فإنك فى بلد الله الحرام ، ثم أرسل أذنه ، فبرك الفيل وخرج نفيل بن حبيب يشتد حتي أصعد الجبل ، وضربوا الفيل ليقوم ، فأبي فضربوا في رأسه بالطبرزين (أي آله معقفه من حديد) ليقوم فأبي ، فأدخلوا محاجن لهم مراقه فبزغوه (أي أدموه) بها ليقوم فأبي ، فوجهوه راجعاً إلي اليمن ، فقام يهرول ، ووجهوه إلي الشام ففعل مثل ذلك ، ووجهوه إلي المشرق ففعل مثل ذلك ، ووجهوه إلي مكة فبرك ، فأرسل
    الله عليهم طيراً من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان (أي طيور سود واحدها خطاف والبلسان قال أبن الأثير: قال عباد من موسي :أظنها الزرازير) مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها : حجر فى منقاره ، وحجران فى رجليه ، أمثال الحمص والعدس ، لا تصيب منهم أحداً إلا هلك ، ليس كلهم أصابت ، وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا ويسألون عن نفيل بن حبيب ليدلهم علي الطريق إلي اليمن ، فقال نفيل حين رأي ما أنزل الله بهم من نقمة :

    أين الـمـفـر والإله الـطـالب .. والأشـرم الـمـغـلوب لـيـس الـغالـب

    فخرجوا يتساقطون بكل طريق ، ويهلكون بكل مهلك علي غير كل منهل ( أي مكان ورود الماء وجمعه مناهل ) وأصيب أبرهة فى جسده ، وخرجوا به معهم تسقط أنامله

    أنملة أنملة ( أي ينتثر جسمه قطعة قطعة ، والأنملة طرف الإصبع ولكن يعبر بها عن طرف غير الإصبع والجزء الصغير ) كلما سقطت أنملة أتبعتها منه مدة تمث (أي يتصبب ويرشح) دماً وقيحاً ، حتي قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر ، فما مات حتي انصدع صدره ( أي انشق ) عن قلبه ..

    قال ابن اسحاق : فلما بعث الله تعالي محمداً صلي الله عليه وسلم ، كان مما يعد الله علي قريش من نعمته عليهم وفضله ، ما رد عليهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم ، ..

    فقال الله تبارك وتعالي :

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5) .. الفيل 5:1 .


    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) ..قريش 4:1

    مـنـقـوٍلـة مـٍن كـتـآب سـيـرٍة ـآ‘لـرٍسـُوٍل صـلـي الله عـلـيـهٍ وٍسـلـم .. للـشـيخ / مـحـموٍد ـآ‘لـمـصـرٍي ( آ‘بـوٍ عـمـَارٍ ) للإسـتـفـادة جـزٍـآه الله خـيـرٍاً عنـا ونـفـعـنـا بـٍـه ..
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( مــَـرٍيــَـم بـنـت عـُمـرٍـآن )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 18:32

    مريم بنت عمران

    السيدة مريم ياأحباب كلنا نعلم أنها من النساء الصالحات وتعالوا معي لنتعرف عليها أكثر فأكثر

    نسبها : السيدة مريم هي : مريم بنت عمران بن هاشم بن أمون بن ميشا ثم يمتد هذا النسب الطيب المبارك إلي سيدنا داود عليه السلا

    وأم السيدة مريم هي : حنة بنت فاقود بن فبيل كان والد السيدة مريم ياأحباب صاحب صلاة بني اسرائيل فى زمانه .

    وكانت أمها من العابدات وخالتها كانت متزوجة من سيدنا زكريا عليه السلام وسيدنا زكريا عليه السلام كان نبي هذا الزمان

    * حملها وولادتها : كانت السيدة حنة أم السيدة مريم صالحة عابدة دائمة الذكر ولكنها لم تنجب

    وفي يوم من الأيام رأت طائراً يطعم فرخة الصغير فتمنيت أن تنجب ونذرت لله إن حملت لتجعلن ولدها محرراً أى : حبيسا فى بيت المقدس

    لخدمة البيت .

    وفي ذلك قول الحق تبارك وتعالى : إن الله اصطفي آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران علي العالمين .. ذرية بعضها من بعض والله سميع

    عليم ..إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك مافي بطني محرراً فتقبل مني إنك أنت السميع العليم .....آل عمران 33_30

    واستجاب المولي عز وجل لدعوة حنة وحملت فى السيدة مريم ومضت فترة الحمل وجاء موعد الولادة فكانت ولادة سهله طيبة بأمر المولي عز وجل

    ولكن فوجئت حنة أن المولود أنثي وليس ذكراً ومن المعروف أن المحرر حبيس بيت المقدس يكون ذكراً وليس أنثي فلم تحزن حنة ولكنها رفعت يدها

    إلي السماء وأعاذتها من الشيطان الرجيم

    وفى ذلك قول الحق تبارك وتعالى : فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثي والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثي وإني سميتها مريم وإني

    أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم .... آل عمران 36


    مريم والعباد فى بيت المقدس : بعد أن ولدت السيدة حنة السيدة مريم أرضعتها وبعد أن أتممت رضاعها ذهبت بها إلي بيت المقدس وسلمتها إلي

    العباد الذين هم مقيمون به وكانت السيدة مريم ابنة إمامهم وصاحب صلاتهم فتنازعوا فيها ,أيهم يقوم برعايتها وكفالتها .؟

    وتدخل سيدنا زكريا عليه السلام وكان نبيهم فى هذا الزمان وطلب كفالتها , لأنه نبيهم وهو أيضا زوج خالتها .

    ولكن العباد لم يرضوا بذلك وطلبوا إجراء قرعة بينهم جميعا وسيدخل فى هذه القرعة أيضا سيدنا زكريا عليه السلام والفائز فى القرعة هو الذي

    سيفوز برعايتها , وكفالتها .

    وافق الجميع على ذلك واتفقوا على أن تكون القرعة عبارة عن أن يقذف كل واحد منهم قلمه فى الماء والقلم الذي يسير بعكس حركة سيكون

    صاحبه هو الفائز .

    استعد الجميع فى الصباح ووقفوا عند النهر والكل ممسك بقلمه , وعند إشارة البدء ألقي الجميع أقلامهم , ففاز فى القرعة سيدنا زكريا عليه

    السلام لأن قلمه سار عكس اتجاه الماء .

    تكررت القرعة مرة ثانية وثالثة وكان الفائز في كل مرة سيدنا زكريا عليه السلام , وهنا اقتنع الجميع أن هذه هي إرادة الله فتركوا له كفالة

    السيدة مريم .

    وفى ذلك قول الحق تبارك وتعالى : ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون .. آل عمران 44

    * مريم العابدة : اتخذ سيدنا زكريا عليه السلام للسيدة مريم مكانا شريفا من المسجد لا يدخله سواها فكانت تعبد الله فيه وتقوم بما يجب عليها

    من نظافة البيت إذا جاءت نوبتها وتقوم بالعبادة ليلها ونهارها حتي صار يضرب بها المثل بعبادتها فى بني اسرائيل

    آيات من عند الله : بعدما اشتهرت السيدة مريم بالصلاح والعبادة , فاقت كل نساء عصرها فظهر على يدها آيات كريمة ,تدل على رحمة الله

    وتكريمه للسيدة مريم .

    و من هذه الآيات أن سيدنا زكريا عليه السلام كان يدخل عليها فى الصيف فيجد عندها فاكهة الشتاء ويدخل عندها فى الشتاء فيجد فاكهة الصيف

    فيقول لها : يامريم من أين لك هذا ؟

    فتقول السيدة مريم : هو من عند الله .

    وفى ذلك قول المولي عز وجل :فتقبلها ربها بقول حسن وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال

    يامريم أني لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب .... آل عمران 37 .

    وأعظم الآيات التي يتحدث عنها الناس إلي الآن ,وهي أنها حبلت بسيدنا عيسي عليه السلام من غير زواج ,فقد أنعم عليها المولي عز وجل بهذه

    الآيه العظمي .

    فسيدنا عيسي عليه السلام هو ابن السيدة مريم وليس له أب .

    وفي ذلك قول الحق تبارك وتعالى : إذ قالت الملائكة يامريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسي ابن مريم وجيهاً فى الدنيا والآخرة ومن

    المقربين ..ويكلم الناس فى المهد وكهلاً ومن الصالحين .. قالت رب أني يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا

    قضي أمراً فإنما يقول له كن فيكون ....آل عمران 45 _ 47 .

    أنعم المولي عز وجل على السيدة مريم بآية يتحدث بها الناس إلي الآن هذه الآية هي أنه أنعم عليها بحمل سيدنا عيسي عليه السلام الذي أصبح

    رسولاً وله كتاب هو الإنجيل .

    فرحمة الله عليها خير نساء العالم هي مريم ابنة عمران

    وإليكم ياأحباب حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي يوضح فيه مكانة السيدة مريم ابنة عمران

    عن ثابت عن أنس قال:قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : خير نساء العالمين أربع : مريم ابنة عمران ,وآسية امرأة فرعون ,وخديجة

    بنت خويلد , وفاطمة بنت محمد رسول الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( ـأ‘هـل ـآ‘لـكـهـَف )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 18:33

    المدينة الوثنية

    زمان .. زمان ..كانت مدينة أفسوس مدينة كبيرة ومشهورة فى اليونان .. وكان يحكمها ملك ظالم اسمه ديقيانوس ، وكان هذا الملك

    وثني ، يعبد الأصنام ، ويشرك بالله ..وكان يجبر أهل المدينة علي السجود للأصنام ، وعبادتها والتقرب لها ..

    فكان أهل المدينة مثل ملكهم وثنيين يعبدون الأصنام من دون الله .. ويتصفون بالشرك ..ويسجدون للأوثان ويتقربون إليها .. ويذبحون

    لها الذبائح ...

    وكان لأهل المدينة كل مدة إحتفالاً دينياً كبيراً .. يذهبون فيه جميعاً بأمر من الملك ديقيانوس إلي المعبد الكبير .. حيث يوجد الأصنام

    فيسجدون لها ويركعون .. ويقدمون لها القرابين .. ويخطب الملك فيهم خطبة طويلة يحثهم فيها علي التمسك بعبادة آلهتهم العوالي ..

    وكان الذي يتخلف عن هذا الإحتفال الديني ييعرض نفسه للسجن وللعقاب الأليم .. وربما كان فى ذلك موته وهلاكه .. لذلك كان جميع

    أهل المدينة يذهبون يوم الاحتفال إلي المعبد ..سواء كانوا مقتنعين بذلك أو غير مقتنعين .

    الفتية المؤمنون

    لم يكن أهل أفسوس جميعاًُ راضين عن الشرك والوثنية .. بل كان هناك بعض الشباب المؤمن بالله الواحد .. وكان عدد هؤلاء الشباب قليل .. متفرقين .. لا يعرفون

    بعضهم .. ولكن تفكيرهم كان واحداً .. إذ كانوا يرون أن عبادة الأوثان جهل وضلال فما هي إلا حجارة صماء .. لا تبصر ولا تسمع ولا تتكلم ولا تضر ولا تنفع ..

    ولم يستطيع هؤلاء الشباب أن يعلنوا ما في قلوبهم من اعتراض علي عبادة الأصنام .. وذلك خوفاً من جبروت الملك الظالم ديقيانوس ، فقد كان هذا الملك وثنياً متعصباً لعبادة

    الأصنام .. وإذا تجرأ إنسان علي إعلان رفضه لعبادة الأصنام .. كان يتعرض لأشد ألوان العذاب الأليم ..وفي إحدي الاحتفالات الوثنية الكبيرة .. رأي أحد هؤلاء

    الشباب شاباً آخر منهم .. أحس أنه علي نفس منهجه .. إذ وجده لا يسجد ولا يركع للأصنام .. ولا يتقرب إليها .. وإنما يقف فى جانب من جوانب المعبد ..

    لا يشارك الناس فى احتفالهم .. وكأنه جاء الاحتفال مكرهاً .. ويبدو علي وجهه علامات الرفض والإنكار لما يحدث .. فاقترب منه ذلك الشاب ..وأوحي إليه

    بالإشارة أنه يريد الحديث معه بعد انتهاء الحفل .. فوافق الشاب الثاني علي ذلك .. وبعد الحفل اجتمع الشابان وتحدثا معاً .. واستراح كل واحد منهما إلي الأخر

    وأظهر له ما في نفسه .. وأخبر أحدهم الأخر أنه يشعر أن هناك بعض الشباب علي نفس منهجهم فى عبادة الله الواحد سراً .. فاجتهدا أن يجمعا شمل هذه الجماعة حتي

    يكونوا وحدة متحدة .. لأن فى الاتحاد قوة .. ويد الله مع الجماعة ..

    وبالفعل استطاع هذان الشبان أن يصلا بالحس الإيماني إلي أقرانهم من المؤمنين سراً .. وتواعدوا أن يجتمعوا تحت شجرة خارج المدينة وقت غروب الشمس .. وكان

    عددهم سبعة رجال .. فاجتمعوا فى الموعد المحدد .. وتعارفوا .. وتآنسوا .. وتحدثوا حول إنكار عبادة الأصنام وجهل من يعبدونها وسعادة الإيمان بالله الواحد

    وضرورة عبادته سبحانه وتعالي فهو وحده المستحق للعبادة ..وقد أقروا جميعاً بذلك ، قال تعالي وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا .. الكهف:14 .

    واتفق الفتية المؤمنون علي أن يكتموا خبر إيمانهم عن الناس جميعاً .. فلا يجب أن يعرف أحد بإيمانهم بالله الواحد .. خاصة الملك الظالم ديقيانوس مضطهد المؤمنين

    واتفق الفتية كذلك علي أن يجتمعوا تحت هذه الشجرة وفي نفس الميعاد كل يوم يذكروا أنفسهم بالله .. ويطمئنوا علي بعضهم ..

    ظلم .. وجبروت

    تكرر اجتماع الفتية المؤمنون بالله .. وكانوا فى غاية السعادة بهذه الاجتماعات الإيمانيه الربانية .. يجلسون يتذاكرون نعم الله وفضله ..ويسبحونه ويحمدونه ..

    ويصلون له .. يسجدون ويركعون فى أمان بعيداً عن أعين الملك الظالم ديقيانوس وأعوانه ..

    ولكن قدر الله عز وجل أن يكتشف الملك الظالم أمر الفتية المؤمنين ، وقد دله علي ذلك رجل مشرك خائن .. حيث مر هذا الرجل ذات ليلة بالفتية وهم يصلون .. فكشف

    أمرهم ، وعرف سرهم .. فطلبوا منه أن يكتم ذلك الخبر ، ولا يحدث به أحداً خاصة الملك ديقيانوس ، فودعهم الرجل بذلك ، ولكنهم خان العهد .. فما أن وصل المدينة حتي

    أخبر الملك بأمر الفتية ، وبمكانهم فغضب ديقيانوس غضباً شديداً ، وأمر جنوده بالقبض علي هؤلاء الفتية والإتيان بهم .. فذهب الجنود مع هذا الرجل إلي حيث يجتمع الفتيان

    عند الشجرة .. فوجدوهم يصلون .. فقبضوا عليهم ، وأخذوهم قهراً إلي قصر الملك ديقيانوس ..وفي قصر الملك الظالم نصبت المحكمة وكان القاضي فيها هو الجلاد

    وهو الطاغية ديقيانوس .. فأخذ يهددهم ويتوعدهم بالعذاب الشديد إن لم يتركوا دينهم ويعودوا إلي عبادة الأصنام .. ووعدهم إن فعلوا ذلك أن يقربهم منه ، ويوليهم المناصب

    ويعطيهم الأموال ..ولكن الشباب رفضوا ذلك ، ولم يخافوا من تهديد الملك الظالم .. ولم يرضوا بما قدمه من إغراء ، وقالوا : لن نترك عبادة الله الواحد .. كيف

    نترك الهدي إلي الضلال .. كيف نعيش فى الكفر والظلام بعد أن عرفنا النور والإيمان .. إن هذا لا يكون أبداً . فاشتد غضب ديقيانوس وقال لهم : سوف أمهلكم حتي

    الغد ، فإن لم تتركوا دينكم وتعودوا إلي دين قومكم قتلتكم جميعاً بعد أن أعذبكم عذاباً أليماً ..

    الكـهـف الـبـعـيـٍد

    تشاور الفتيه فيما بينهم .. وتساءلوا : ماذا نفعل ..؟ كيف ننجو من هذا الملك الظالم وفي نفس الوقت لا نفتن فى ديننا ولا نتركه ..؟ وبعد تفكير طويل .. أشار

    عليهم أحدهم بأن يتركوا المدينة ويهاجروا إلي أي مكان بعيد فراراً بدينهم . فرد بعضهم قائلاً : وأين نذهب ؟ إننا إذا ذهبنا إلي أي مكان فى اليونان فسوف يرسل الملك من يأتي

    بنا .. فإن له عيوناً وجواسيس فى كل مكان .. فقال آخر : أري أن أفضل مكان نذهب إليه هو الجبل البعيد خارج المدينة .. فليس فى هذا الجبل أحد يرانا ولا يعرفنا

    وكان مع الفتية راعي غنم ، يعرف الجبل ومافيه ، فقال لهم : هذه فكرة جيدة .. وأنا أرعي الغنم فى هذا الجبل وأعرف فيه كهفاً نستطيع أن نختبئ فيه دون أن يعرف مكاننا أحد

    فهو كهف مهجور منذ زمن بعيد ، فوافقوا جميعاً علي ذلك وقالوا : وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِه ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا ..الكهف:16

    وقاموا متجهين إلي الجبل حتي وصلوا إلي الكهف فدخلوه واستقروا به وفي الصباح علم الملك أن الشباب هربوا فأخذ يبحث عنهم هو وجنوده ولكنهم لم يصلوا إلي شئ ، فأعلن الملك

    عن مكافأة كبيرة لمن يأتي بهم أو يخبر عن مكانهم .. وظل الفتية فى الكهف حتي جاعوا .. فقام الراعي ، ووضع علي وجهه لثاماً .. وخرج إلي المدينة ليحضر طعاماً

    فلما دخل المدينة واشتري الطعام عرفه رجل من المشركين فأراد أن يمسك به فهرب الراعي منه .. فأسرع الرجل وأخبر الملك .. بينما عاد الراعي مسرعاً إلي الكهف

    وقد تبعه كلبه .. فدخل الكهف وقدم الطعام لإخوانه .. فأكلوا بنهم شديد حتي شبعوا .. والكلب علي باب الكهف باسط ذراعيه .. وما أن انتهوا من الطعام حتي

    غلبهم النوم فناموا .. ونام الكلب علي باب الكهف بينما خرج الملك بجيشه يبحث عنهم فلم يجدهم فعاد إلي المدينة يجر أذيال الخيبة والخذلان .


    استيقاظ .. وحوار


    دارت عجلة الزمن مسرعة .. وتعاقب الليل والنهار .. وتوالت فصول السنة ومرت الأعوام ومضت السنون إثر السنين ..والفتية فى الكهف نائمون لا يزعجهم شئ

    ولا يضرهم أذي .. وكانت الشمس تنفذ إلي داخل الكهف من فتحة صغيرة تجدد الضوء وتزيل الرطوبة وتحفظ أجسادهم من التحلل .. ومضت عليهم سنوات طويلة وهم

    نائمون في الكهف وقد أصبح شكلهم مهيباً ومنظرهم مرعباً ، قال تعالي : وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا

    وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا .. الكهف:17-18

    مر علي الفتية فى الكهف وهم نائمون ثلاثمائة سنه وتسعة سنين ، قال تعالي :وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا .. الكهف : 25

    وبعد هذه المدة استيقظ الفتية ولكنهم لم يعلموا بمرور تلك السنين فتساءل أحدهم : كم مكثنا فى هذا الكهف ..؟ فرد عليه آخر قائلاً : مكثنا يوماً أو بعض يوم ، لأننا بدأنا النوم

    صباحاً وها نحن قد استيقظنا والشمس لم تغرب بعد . وشعر أهل الكهف بالجوع بعد استيقاظهم .. فطلبوا من احدهم أن يذهب ويأت لهم بطعام ، وحذروه أن يعرفه أحد مثلما

    حدث مع الراعي من قبل ، قال تعالي : وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا

    إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا .. الكهف:19-20 ..

    فقام أحدهم ، ولبس قناعاً علي وجهه وخرج متخفياً حتي لا يعرفه أحد .

    المدينة المؤمنة


    فى خلال الأعوام الطويلة التي نام فيها أهل الكهف .. تغيرت المدينة تغيراً كبيراً .. فقد مات الملك الظالم ديقيانوس وجاء حاكم مؤمن بالله الواحد نشر دين الله فى المدينة

    وحطم الأصنام وعم الخبر والإيمان علي يديه .. حتي صارت المدينة كلها مؤمنه بالله الواحد .. ولكن أهل الكهف لم يعلموا بذلك كله .. وظنوا أنهم مازالوا فى عهد

    الملك الوثني الظالم .. فلما خرج الشاب ليأت بالطعام وجد بعض معالم المدينة قد تغيرت فقال فى نفسه : كيف تغيرت المدينة كل هذا التغيير فى ليلة واحدة ..؟

    ولكنه رغم ذلك استمر فى السير حتي وصل إلي خباز ، فأخرج له النقود وطلب أن يعطيه خبزاً ، فلما أمسك الخباز بالنقود اندهش وقال له : ماهذه النقود الأثرية ..؟

    هل عثرت علي كنز ..؟ فقال له الشاب : كلا إنها نقودي ، فقال الخباز : هذه نقود قديمة جداً ، يزيد عمرها عن ثلاثمائة عام فتعجب الشاب وقال : كيف ذلك ، إنني

    كنت أتعامل بهذه النقود أمس فغضب الخباز وقال : أتسخر مني ، أتخدعني ، لابد أنك عثرت علي كنز ولذلك سوف أسلمك للشرطة وأبلغ عنك الملك فظهر الخوف علي وجه

    الشاب وقال : لا ، أرجوك لا تخبر الملك ، إنه يريد أن يقتلني . فقال الخباز : ولمَ يقتلك ..؟ .. فقال : لأني تركت عبادة الأصنام وعبدت الله الواحد . فزاد

    تعجب الخباز وغضبه وقال : أنت مصر علي السخرية والخداع إن ملكنا مؤمن بالله ، ولا يعذب المؤمنين بل هو حاكم عادل ينشر الخير بين الناس فقال الشاب : أو ليس هو

    الملك ديقيانوس ..؟ .. فقال الخباز : من ديقيانوس هذا ..؟ أنت تخدعني بلا شك ، ثم أمسك الخباز بالشاب ونادي الشرطة فجاءت وأخذت الشاب إلي القصر الملك

    قدرة الله

    دخل الشاب قصر الملك فوجده قصراً جديداً ووجد ملكاً آخر غير ديقيانوس ، تظهر علي وجهه علامات الإيمان والخير .. فسأله الملك عن قصته وعن نقوده الأثرية فقال الشاب

    لقد هربت من هذه المدينة أنا ورفقاء لي من ظلم الملك الوثني ديقيانوس ونمنا فى الكهف خارج المدينة .. ولا أدري كم نمنا .. ولكن عندما عدت الآن وجدت أشياء جديدة

    وغريبة لم أرها من قبل .. فماذا حدث ..؟ فتعجب الملك من قصة الشاب وقد رأي عليه ثياب أثرية كانت تلبس قديماً .. ومعه تلك النقود التي عليها صورة الملك

    ديقيانوس .. ففكر قليلاً ثم نظر إلي الشاب وقال : إذن أنتم الفتية الذين هربوا من الملك الظالم ديقيانوس منذ ثلاثمائة سنة أو أكثر .. لقد حكي لي أجدادي عنكم ..

    كانوا يتحدثون عن فتية تمسكوا بدينهم وهربوا ولم يعلم أحد عنهم شيئاً . فقال الشاب : ثلاثمائة عام ! مر علينا فى الكهف ونحن نيام ثلاثمائة عام ! تلك معجزة كبيرة تدل

    علي قدرة الله ، فقال الملك : نعم ، ولكن أين أصحابك .؟ فقال : ينتظرونني فى الكهف ، هيا بنا نذهب إليهم .

    فخرج الملك والناس مع الشاب متوجهين ناحية الكهف فلما اقتربوا من الكهف قال لهم الشاب : إني أخاف أن يسمع أصحابي وقع أرجلكم .. فيظنون أن ديقيانوس جاء ليمسك

    فنرعبهم بذلك فقفوا هنا قليلاً حتي أدخل وأخبرهم بما حدث فوافق الملك علي ذلك وتركوا الشاب يدخل أولاً ووقف الملك ومن معه بعيداً عن الكهف بينما دخل الشاب علي إخوانه

    فلما رأوه قالوا له : الحمدلله الذي أنقذك من ديقيانوس ، فأخبرهم الشاب بما حدث ، وأن المدينة كلها صارت مؤمنه بالله الواحد وانهم ناموا فى الكهف أكثر من ثلاثمائة عام

    فقالوا : الحمدلله إن الله علي كل شئ قدير وما إن علموا بتلك المعجزة علموا بتلك المعجزة حتي ماتوا جميعاً فى وقت واحد ..

    عبـرٍة .. وٍ عـظـة

    مر وقت طويل علي الملك ومن معه وهم أمام الكهف .. ولم يخرج إليهم الشاب الأثري .. فأمر الملك بالتوجه إلي داخل الكهف .. فدخلوا فوجدوا الفتيه ومعهم الشاب

    وقد ماتوا جميعاً ومعهم كلبهم قد مات أيضاَ فقال الملك : سبحان الله هذه معجزة عظيمة تدل علي قدرة الله .. إن الله قد أرنا هؤلاء الفتية بعد هذه السنوات الطويلة لنعلم

    أن وعد الله حق وأن الموت حق والبعث حق ثم تشاور الملك مع الوزراء وأهل المدينة ماذا يفعلون بهؤلاء الفتية بعد موتهم وماذا يفعلون فى كهفهم ذلك ، فقال البعض : نسد عليهم

    باب الكهف ونتركهم وقال آخرون : نبني علي كهفهم مسجداً فوافق الملك علي الرأي الثاني ..

    قال تعالي : وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا .. الكهف 21
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( زٍكـَـرٍيــا عـلـيـه ـآ‘لـسـلام )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 18:34

    * نسبه : سيدنا زكريا عليه السلام هو :زكريا بن برخيا بن مسلم بن صدوق بن حشبان بن داود بن سليمان بن مسلم بن صديقة بن

    برخيا بن بلعطة بن ناحور بن شلوم بن بهناشاط بن إينامن بن رحبعام بن سليمان بن داود ..

    * فضله ومكانته : كان زكريا عبداً تقياً نقياً واشتهر بعبادته وتقربه من المولي عز وجل وكان يؤم الناس علي العلم والصلاة والعبادة

    وكان محبوباً من بني إسرائيل حباً شديداً وفى ذلك قول الحق تبارك وتعالي : وزكريا ويحيي وعيسي وإلياس كل من الصالحين ..

    وسيدنا زكريا عليه السلام من فضله ومكانته كان صاحب الشرف فى تربية السيدة مريم أم عيسي عليه السلام وفى الأمر قصة هذه القصة

    هي : القرعة لكفالة السيدة مريم كما قلنا : إن سيدنا زكريا عليه السلام اشتهر بالعبادة والصلاح فى وسط قومه وعندما انجبت زوجة

    عمران عليه السلام بنتاً وسمتها مريم وكانت قد نذرت أن من ستلده ستهبه لخدمه بيت المولي عز وجل أراد سيدنا زكريا عليه السلام أن

    يربي هذه الفتاة ويقوم بهذا العمل العظيم لوجه الله ، فتدخل من معه وقالوا : يازكريا أنت رجل صالح والكل يحترم كلامك فأنت نبي من

    عند الله ، وأنت أكثرنا علماً وصلاحاً ، ولكن هذا العمل له أجر كبير وعظيم فدع لنا هذا الأمر حتي نحصل علي ثوابه .

    فقال سيدنا زكريا عليه السلام : هذه الفتاة ، زوجتي خالتها والخالة بمنزلة الأم فأنا أولي الناس بتربيتها .

    وهاج الجميع وأخيراً استقروا علي رأي واحد هذا الرأي هو إجراء القرعة والذي سيفوز بها هو من سيربي هذه الفتاة المباركة وينعم بهذا

    الفضل العظيم .

    وبالفعل تم إجراء القرعة وكان من فضل المولي عز وجل علي سيدنا زكريا عليه السلام أن فاز هو بالقرعة وكان تربية مريم من نصيبه

    والقرعة كانت عبارة عن إلقاء القلم فى الماء فإن سار قلم إحدهم ضد حركة الماء كان هو الفائز وبالفعل ألقي الجميع أقلامهم فسار قلم

    سيدنا زكريا عليه السلام ضد حركة الماء وفاز فى المرة الأولي ، فقال له القوم : لا سوف نعيد هذه القرعة مرة ثانية وأعاد القرعة

    للمرة الثانية فسار أقلام القوم مع حركة الماء وسارت حركة قلم سيدنا زكريا عليه السلام ضد حركة الماء ، وغضب القوم وقالوا : لا

    سوف نعيد هذه القرعة للمرة الثالثة والأخيرة .

    وعندما أعادوا القرعة فاز سيدنا زكريا عليه السلام وهنا ارتضي الجميع بهذه القرعة وأحسوا أن هذه هي إرادة المولي عز وجل فلم

    يعترضوا .

    وأخذ سيدنا زكريا عليه السلام مريم واصطحبها إلي مكان شريف من المسجد لا يدخله سواها تربت فيه ونضجت وكانت لا تعرف أي شئ

    سوي عبادة المولي عز وجل حتي أصبحت مثلا فى العبادة وأصبح قوم نبي الله زكريا عليه السلام يتحدثون عنها وعن عبادتها وتقواها فقد

    كانت تصوم النهار وتقوم الليل وكبرت السيدة مريم وكبر سيدنا زكريا عليه السلام فى السن وعندما بلغت السيدة مريم سن الشباب أصبح

    سيدنا زكريا عليه السلام شيخاً كبيراً ولكنه ظل يخدمها ويرعاها لأنه يعلم تمام العلم منزلتها وفضلها .

    ولقد لاحظ سيدنا زكريا عليه السلام أشياءاً عجيبة منها : أنه كان يري فاكهة الصيف عند السيدة مريم موجودة أمامها فى فصل الشتاء

    وكان يجد فاكهة الشتاء عند السيدة مريم فى الصيف .. فقال لها سيدنا زكريا عليه السلام : يامريم كيف تأتي فاكهة الصيف إليك فى

    الشتاء ، وفاكهة الشتاء إليك فى الصيف ..

    فقالت السيدة مريم : يانبي الله هي من عند المولي عز وجل فإن الله يرزق من يشاء بغير حساب وعندما أجابت السيدة مريم بهذه

    الإجابة فكر زكريا عليه السلام أن يسأل ربه أن يعطيه الولد ، ونعم أراد سيدنا زكريا أن يرزقه الله الولد بعدما كبر سنه وهو محروم من

    هذه النعمة وعندما رأي هذا الفضل الذي أحاط بالسيدة مريم فكر فى أن يسأل ربه فى هذا الفضل .

    وفى ذلك قول الحق تبارك وتعالي :

    فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ .
    هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء. فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ . قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء آل عمران 37-40 .

    سأل سيدنا زكريا عليه السلام ربه ، وطلب منه أن يرزقه الولد ، ورغبة سيدنا زكريا عليه السلام فى الولد كانت لهدف . هذا الهدف

    هو خدمة الدعوة والحفاظ علي نشر القيم والتعاليم الدينية .

    ولنقرأ سوياً قول الحق تبارك وتعالي :بسم الله الرحمن الرحيم

    كهيعص 1

    ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا 2

    إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا 3

    قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا 4

    وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا 5

    يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا 6 ... سورة مريم

    ومعني هذه الآيات العظيمة أن سيدنا زكريا عليه السلام قد دعا المولي عز وجل أن يرزقه ولداً خاصة أنه قد كبر فى السن وكثر فى شعر رأسه الشعر الأبيض وهو يخاف علي

    الدعوة والنبوة من الضياع والمقصود فى الميراث هنا هو ميراث النبوة والحكمة لا ميراث المال ، لأن الأنبياء لا يورث مالهم وفي هذا حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم

    لا نورث ماتركنا فهو صدق .. نعم عندما يموت ويترك مالاً ، هذا المال يخرج صدقة ولا يرثه أهل هذا النبي .

    وقد قال العلماء فى قول الحق تبارك وتعالي : يرثني ويرث من آل يعقوب .. أي يرث النبوة والحكمة واستدلوا علي ذلك بثلاثة أشياء :

    1- حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم : لا نورث ماتركنا فهو صدقة فهذا نص علي علي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يورث ، ولهذا منع أبو بكر الصديق

    رضي الله عنه صرف ماترك رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي ابنته فاطمه وأزواجه التسع وعمه العباس رضي الله عنه ، واحتج عليهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه

    بهذا الحديث ، وقد وافقه علي روايته عن رسول الله صلي الله عليه وسلم عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة والزبير ، وأبو هريرة رضي الله

    عنهما .

    2- وهناك حديث آخر وهو : نحن معاشر الأنبياء لا نورث .

    3- أن الدنيا كانت أحقر عند الأنبياء من أن يكنزوا لها أو يلتفتوا إليها أو يهمهم أمرها حتي يسألوا الأولاد ليملكوها بعدهم .

    4- أن زكريا عليه السلام كان نجاراً يعمل بيده ويأكل من عمل يده ، كما كان سيدنا داود عليه السلام يأكل من عمل يده ، وهذا هو الغالب علي حال الأنبياء العمل والأكل من عمل

    اليد ، وعدم الإهتمام بتكوين الثروات أو جمع الأموال فهم لا يجتهدون فى جمع المال من أجل الغني والثروة ولكنهم يحصلون علي المال من أجل الأكل والشرب والإنفاق علي البيت

    وإجتهادهم الأعظم فى عبادة المولي عز وجل والدعوة إليه ومن هذه الأشياء السابقة يتضح لنا أن طلب سيدنا زكريا عليه السلام الولد كان من أجل ميراث النبوة ونشر الدعوة إلي

    المولي عز وجل ...

    ولقد استجاب المولي عز وجل لهذه الدعوة ، ولقد جاء فى كتاب المولي عز وجل : هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء

    فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ

    قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء

    قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ .. آل عمران 38-41

    * الرد علي البشارة : رغم أن سيدنا زكريا عليه السلام قد سأل المولي عز وجل أن يرزقه الولد ، إلا أنه عندما بشرته الملائكة بالولد قال : كيف ستنجب زوجتي وهي

    عاقر لا تنجب وأنا رجل كبير فى السن ليس لي القدرة علي الإنجاب ..؟ فقالت الملائكة : يانبي الله إن الله يفعل مايشاء .

    نعم المولي عز وجل قادر علي كل شئ لا يعجزه شئ فهو خالق السماء والأرض ، خالق الشمس والقمر ، خالق الجبال والأنهار ، وهو الذي أوجدنا من العدم وهو المحيي وهو

    المميت وهو الذي يجعل من الأخضر ناراً وهو القادر ، ومسألة إنجاب زوجتك أمر سهل ويسير ..

    * مواصفات هذا الولد : أراد سيدنا زكريا عليه السلام الولد ، لعدم صلاحية أحد من القوم المحيطين به القيام بوعظ العباد وإرشادهم إلي حفظ آداب الدين والتمسك بهديه

    المتين .

    جاءته البشارة من الله بمواصفات هذا الولد وقد جاء فى كتاب الله : فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ .. آل عمران 39 ..

    وهذه المواصفات هي مصدقاً بكلمة من الله أي : أن ابنك سوف يبشر الناس ويصدق علي دعوته عيسي عليه السلام .

    وسيداً : أي سيسود قومه ويفوقهم وحصوراً أي أنه لن يقرب النساء ليس عن عجز فهو عفيف زاهد يجتهد فى الطاعة لله ويعرض عن الشهوات والملذات مع وجود قدرته

    ونبياً من الصالحين أي أن هذا الولد سيكون نبياً فى قومه وهو صالح تقي فى زمره أهل التقوي والصلاح .

    ومعني كلمة يحيي : كلمة يحيي كلمة عربية مأخوذة من كلمة عبرانية وهو يوحنا نعم فسيدنا يحيي ترجمة عربية لأصل نعمة الرب .

    نعم فقد كان سيدنا يحيي عليه السلام نعمة من الله أنعمها علي عبده زكريا عليه السلام وبعد هذه البشري العظيمة طلب زكريا عليه السلام من ربه أن يعطيه دلالة علي حدوث حمل

    امرأته .

    فقالت له الملائكة : آية حدوث الحمل أنك ستفقد النطق ثلاثة أيام لن تستطيع فيها الحديث مع الناس ، إلا عن طريق الإشارة باليد ، ويا زكريا أذكر الله كثيراً وسبحه وتذكر

    دائماً هذه النعمة العظيمة .

    وفى ذلك قول الحق تبارك وتعالي : فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ

    قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء

    قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ .. آل عمران 39-41

    ومعني كلمة العشي : أي آخر النهار وقال بعض العلماء العشي أيضاً علي مابين زوال الشمس والغروب .

    والإبكار : من صلاة الفجر إلي طلوع الشمس وآخر مواصفات سيدنا يحيي عليه السلام الذي وهبه الله لسيدنا زكريا عليه السلام ماجاء فى قول الحق تبارك وتعالي :

    وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا

    وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا

    وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا .. مريم 13-15 .

    أي أنه عطوفاً باراُ بوالديه ذو مكانة عالية عند المولي عز وجل .

    * موت سيدنا زكريا عليه السلام : اطمأن زكريا عليه السلام بعدما كبر ابنه يحيي عليه السلام ، ورأي زكريا من ابنه الصلاح والرشاد والإجتهاد فى الدعوة إلي دين المولي

    عز وجل ففرح لذلك وشعر أن هناك من سيقوم بخدمة الدعوة إلي دين المولي عز وجل من بعده .

    ومات زكريا عليه السلام قبل أن يبعث المولي عز وجل عيسي بن مريم عليه السلام نبياً ....

    تمت بحمد الله .. كتبت للفائدة والعظة ..
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( عـٍجـَل ـآ‘لـسـامـٍرٍي )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 18:37

    بنو إسرائيل فى مصر

    جاء بنو إسرائيل إلي مصر منذ عهد نبي الله يوسف عليه السلام فهم إخوته الذين عاشوا فى مصر وأنجبوا ذرية كبيرة وكثر أبناؤهم وأحفادهم ولكنهم تركوا ما كان عليه أجدادهم

    من التقوي والصلاح وأكثروا الفساد والفجور فغضب عليهم فرعون مصر فأخذ منهم الأراضي التي امتلكوها واستعملهم فى الأعمال الحقيرة وجعلهم عبيداً وجواري عند المصريين

    فكان المصريون يسومونهم سوء العذاب ويستعبدونهم ويعاملونهم بسخرية واحتقار ..

    ثم رأي فرعون رؤيا أفزعته وهي أن ناراً جاءت من ناحية بيت المقدس وحرقت مصر ففسر له الكهنة الرؤيا بأنه سيولد فى بني إسرائيل غلام يكون هلاك فرعون وضياع ملكه علي

    يديه .. فأمر بقتل كل ذكر يولد فى بني إسرائيل ثم تراجع عن القرار بعد أن قل ذكور بني إسرائيل .. فأمر أن يقتلوا عاماً ويتركوا عاماً فولد هارون عليه السلام فى عام

    المسامحة .. بينما ولد موسي عليه السلام فى عام القتل .. فخافت عليه أمه فوضعته فى صندوق وألقته فى النهر .. فحمله النهر إلي قصر فرعون .. فأخذته

    السيدة آسية زوجة فرعون .. واعتنت به .. ولكنها لم تجد له مرضعة فدلتهم أخته علي من ترضعه فجاءت أمه وأرضعته دون أن يعرفها أحد وتربي موسي بعد سنين

    الرضاعة فى قصر فرعون مع السيدة آسية حتي صار شاباً قوياً و ذات يوم رأي موسي رجلين يتشاجران رجل من بني إسرائيل وآخر مصري فاستغاث به الإسرائيلي فوكز موسي

    عليه السلام المصري ، فوقع فمات .. فاستغفر موسي ربه وندم علي هذا القتل الخطأ وعرف المصريون أن موسي هو الذي فعل ذلك فأرادوا أن يمسكوه ليعاقبوه ففر موسي

    عليه السلام إلي مدين .. وهناك وجد فتاتين تريدان أن تسقيا أغنامهما .. فسقي لهما ..فأكرمه والد الفتاتين وزوجه إحداهما وظل موسي عنده عشر سنوات ثم خرج

    بأهله من مدين إلي مصر وأثناء الطريق نزل عليه الوحي عند جبل الطور .. وجعله الله عز وجل نبياً ورسولاً إلي بني إسرائيل .. وجعل معه أخاه هارون نبياً .. فعاد

    موسي إلي مصر .. وذهب هو وهارون إلي فرعون ، ودعاه إلي الله وطلبا منه ان يترك بني إسرائيل .. ولكن فرعون رفض أن يستجيب وراح يحارب موسي عليه السلام

    وزاد فى تعذيب بني إسرائيل واستعبادهم ..

    هلاك الظالمين

    لم يؤمن فرعون برسالة كليم الله موسي عليه السلام ولم يقتنع بالمعجزات التي معه ، فعندما رأي عصا موسي تتحول ثعباناً ويده تخرج بيضاء للناظرين ادعي أن موسي ساحر ،

    وأحضر السحرة ، فجاء السحرة بالعصي والحبال وألقوها فسحروا أعين الناس فألقي موسي عصاه فابتلعت كل العصي والحبال فآمن السحرة كلهم .. فعذبهم فرعون ،

    وصلبهم وقتلهم وأكثر من تعذيب كل من آمن من بني إسرائيل فدعا موسي عليه السلام علي فرعون وقومه فأرسل الله عز وجل عليهم الجراد والقمل والضفادع وجعل ماءهم دماً

    وماتت الزروع والمواشي وأرسل الله عز وجل عليهم طوفاناً أغرق بيوتهم وقصورهم ورغم ذلك لم يؤمن فرعون وقومه .. وادعي فرعون الألوهية ، وقال : أنا ربكم الأعلي

    فأمر الله عز وجل موسي عليه السلام أن يخرج ببني إسرائيل ليلاً من مصر فجمع موسي عليه السلام بني إسرائيل واستعدوا للخروج من مصر ، دون أن يشعر أحد ، فحمل بنو

    إسرائيل أمتعتهم وما استطاعوا جمعه من الحلي والجواهر من المصرين وأسرعوا فى سيرهم خوفاً من فرعون وجنوده واتجهوا إلي الصحراء الشرقية نحو البحر الأحمر ..

    وفى الصباح علم فرعون فاشتد غيظه وجمع جنوده وخرج بهم خلف بني إسرائيل فلما رأي بنو إسرائيل فرعون يقترب منهم خافوا خوفاً شديداً وقالوا : ياموسي لقد خدعتنا لقد

    تسببت فى هلاكنا أخرجتنا من مصر وزعمت أنك ستنقذنا من فرعون وهاهو فرعون يلحق بنا .. إِنَّا لَمُدْرَكُونَ .. الشعراء 61 .. فقال موسي :قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ .. الشعراء 62 .

    وراح يأمر قومه بالصبر والثقة بالله ولكنهم كانوا يزدادون خوفاً كلما اقترب منهم فرعون فجاء الأمر من الله لموسي أن يضرب بعصاه البحر ففعل فانشق فى البحر طريقاً يابساً

    فعبر بنو إسرائيل فلما وصل فرعون ظن الطريق ممهداً فسار خلفهم فلما كان وسط البحر أمر الله عز وجل الماء أن يرجع كما كان فعاد البحر مرة ثانية وغرق فرعون وجنوده

    واهلك الله عز وجل الظالمين .. ونجي الله موسي ومن خرج معه من بني إسرائيل .

    الجهل الكبير

    بعدما أغرق الله فرعون .. كان بنو إسرائيل قد وصلوا الشاطئ الآخر وقد فرحوا فرحاً كبيراً وحمدوا الله أن نجاهم من العذاب والاضطهاد وأهلك فرعون وجنوده

    وسار بنو إسرائيل مع موسي عليه السلام فى الصحراء متجهين إلي جبل الطور الذي كلم الله عز وجل موسي عنده أول مرة .. وفى هذه الصحراء لم يجد بنو إسرائيل ماء ولا

    نباتاً ولا طعاماً وقد جاعوا وعطشوا فطلبوا من موسي أن يحضر لهم ماء وقالوا : ياموسي أين الماء أخرجتنا من مصر لتهلكنا عطشاً فى هذه الصحراء .. فدعا موسي

    عليه السلام ربه أن يرزقهم الماء والطعام فأوحي الله عز وجل إلي موسي ان يضرب بعصاه حجراً أمامهم فى الصحراء ، فضربه موسي بالعصا فانفجر منه ماء عذب سلسبيل خرج

    لهم من الحجر اثنا عشر عيناً بعدد قبائل بني إسرائيل آنذاك .. فشربوا من ذلك الماء .. كما أرسل الله إليهم طعاماً عظيماً حيث أنزل عليهم طيور السمان وعسلاً حلواً من

    السماء يأكلون منه دون تعب أو مشقة قال تعالي : وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ. البقرة..57

    وقال تعالي : وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ... البقرة 60

    فاكل بنو إسرائيل وشربوا .. ولكنهم بعد قليل سئموا من ذلك وطلبوا أن يأكلوا عدساً وفولاً وبصلاً وثوماً فتعجب موسي من أمرهم وأخبرهم أن ذلك يكون فى الأرض فليذهبوا

    إلي أي مكان يزرعونه ليتحقق لهم ماطلبوا ثم مر بنو إسرائيل فى طريقهم علي جماعة مشركة حيث رأوا بعض الناس يعبدون أصناماً لهم فلم ينكروا عليهم مايفعلون بل قالوا :

    ياموسي نريد أن يكون لنا إله كما لهؤلاء آلهة فتعجب موسي من أمرهم واندهش من شدة جهلهم وحمقهم ، وغضب وقال : يابني إسرائيل أنتم قوم تجهلون كيف تريدون أن أجعل لكم

    صنماً تعبدونه وقد جئتكم لتعبدوا الله وحده وأخذ موسي عليه السلام يوبخهم ويذكرهم بنعم الله الكثيرة عليهم كما أوضح لهم حقيقة شرك وكفر هؤلاء فقال :

    إِنَّ هَؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ .. الأعراف 139

    الموعد المرتقب

    أوحي الله عز وجل إلي موسي عليه السلام أن يأتيه عند جبل الطور ليكلمه فسعد موسي بذلك سعادة كبيرة حيث كان يفرح دائماً بلقاء الله عز وجل وراح موسي عليه السلام يترقب

    ذلك الموعد ويهيئ نفسه لهذا الأمر العظيم .. فأكثر من العبادة والتفكر فى ملكوت الله عز وجل وقدرته .. وجمع قومه وقال لهم : يابني إسرائيل إني ذاهب إلي ربي

    أتعبد وحدي علي جبل الطور أصلي لله وأناجيه .. فقد وعدني الله أن يعطيني ألواحاً فيها هدي ونور ، وفيها الحلال الذي يحب أن نفعله والحرام الذي يأمرنا أن نبتعد عنه .

    ثم تقدم موسي عليه السلام إلي أخيه هارون وأوصاه ببني إسرائيل خيراً وطلب منه أن يحافظ علي إيمانهم وألا يحدث بينهم شيئاً يشتت جمعهم أو يفرق شملهم ، وقال له : ياهارون

    إني ذاهب إلي ربي وأنت خليفتي فى بني إسرائيل لابد أن ترعاهم وتلاحظهم وتذكرهم دائماً بنعم الله ..

    ثم ترك موسي عليه السلام بني إسرائيل واتجه إلي جبل الطور وقلبه فرح سعيد فهو ذاهب إلي لقاء الله تبارك وتعالي ..

    غواية ..وضلال

    بعدما ذهب موسي عليه السلام للقاء الله عز وجل قام رجل من بني إسرائيل اسمه السامري لبعض بني إسرائيل : مارأيكم أن نصنع لنا إلهاً نعبده ..؟

    فقالوا : فكرة عظيمة .. فقال السامري : وسيكون إلهنا غالياً جداً سنصنعه من الذهب الخالص ذلك الذهب الذي خرجنا به من مصر ..

    فاستحسنوا الفكرة وأشعلوا ناراً ثم جمعوا الذهب الذي معهم وألقوه في النار حتي انصهر وذاب ثم قام السامري يصنع من ذلك الذهب المذاب تمثالاً علي صورة عجل .. فصنع

    رأسه ثم عنقه ثم جسمه ثم أرجله وأخذ يسويه ويعدل فيه حتي صنع تمثالاً مجوفاً علي صورة عجل .. ثم وجهه فى اتجاه الريح .. بحيث إذا هبت الريح خرج منه صوت

    يشبه صوت العجل الحقيقي .. ثم قام السامري بغسله من التراب والغبار .. فلمع التمثال وانعكست عليه أشعة الشمس ، فزاد لمعانه وفرح به بنو إسرائيل وفرح السامري

    وقال لهم : يابني اسرائيل هذا هو إلهكم ، وهو إله موسي ولكن موسي نسيه هنا دون أن يدري أو يعلم .. فالتف جماعة من بني إسرائيل حول العجل يصفقون ويهللون وينحون

    له ويركعون ويسجدون ويتقربون إليه فى خشوع وخضوع ..

    وحاول هارون عليه السلام وبعض المؤمنين معه من بني إسرائيل منع الناس عن عبادة ذلك العجل ..وأخذ هارون عليه السلام يبين لهم أن هذا صنم لا ينفع ولا يضر .. وأن

    إلههم هو الله الواحد الأحد ..وأخذ يذكرهم بنعم الله عليهم ، وبالمعجزات التي أيدهم الله بها وأعطاهم إياها .. ويأمرهم أن يثبتوا علي عقيدة التوحيد وألا يشركوا بالله شيئاً

    وأن مافعله السامري فتنة يجب أن يبتعدوا عنها ، وقال لهم : وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي ..طه 90

    ولكن الكثيرين من بني إسرائيل أصروا علي عبادة العجل وسخروا من هارون ، بل وطلب بعضهم من هارون أن يعبده معهم وهددوا هارون بالقتل إن لم يتركهم يعبدون العجل

    وقالوا فى تبجح : سنظل نعبد هذا العجل حتي يرجع إلينا موسي . فلم يستطع هارون أن يفعل معهم شيئاً ، وخشي أن يفرق بينهم فسكت واعتزلهم هو ومن معه من المؤمنين

    وتركوهم فى غوايتهم وضلالهم ..

    موسي فى جبل الطور

    فى جبل الطور كلم الله عز وجل موسي عليه السلام وطلب موسي أن ينظر إلي الله ، فأخبره الله عز وجل بأنه لن يراه وأمره أن ينظر إلي الجبل .. فنظر .. فإذا الجبل قد

    تزلزل زلزالاً عنيفاً فارتعد موسي ووقع مغشياً عليه وبقي مدة طويلة ثم ناداه الله عز وجل فأفاق واستغفر الله عز وجل قال تعالي :

    وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ .. الأعراف 143 .

    ثم تلقي موسي عليه السلام التشريعات الإلهية التي سيسير عليها بنو إسرائيل فى حياتهم وكتبها فى ألواح .

    وفى نهاية المناجاة أخبر الله عز وجل موسي عليه السلام بقصة عجل السامري وأخبره أن السامري قد صنع عجلاً من الذهب لبني إسرائيل وأشاع فيهم أنه إله فعبدوه من دون الله

    وبعد أن انتهت المناجاة بين الله عز وجل وكليمه موسي عليه السلام أخذ موسي الألواح التي فيها التشريعات الإلهية وعاد إلي بني إسرائيل وهو غضبان وقد حزن أشد الحزن لما

    فعله قومه فلما وصل إليهم ألقي الألواح علي الأرض من شدة الغضب وقال لقومه : بئسما خلفتموني من بعدي اغيب عنكم .. أكلم الله والله يكلمني .. ويعطيني الألواح

    من أجلكم .. ثم تتركونه وتعبدون العجل ، ألم يعدكم الله بالنصر ودخول الأرض المقدسة ؟ أطال عليكم العهد أم صنعتم ذلك لينزل الله غضبه وعقابه عليكم ..؟

    فأخبروه أن السامري هو الذي غواهم وضللهم ..

    لوم.. وعتاب

    اشتد غضب موسي عليه السلام .. واتجه إلي أخيه هارون عليه السلام وقبض علي لحيته بإحدي يديه .. وأمسك رأسه باليد الأخري وأخذ يهزه هزاً عنيفاً وقال له :

    ياهارون لقد ضللت السبيل كيف تتركهم يعبدون العجل .. كيف تتركهم يسجدون ويركعون لصنم لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضر .. لماذا لم تمنعهم عن ذلك الضلال ؟

    فبكي هارون عليه السلام وكان هيناً ليناً فقال لأخيه في رفق : قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي .. طه 94

    وأخبره أنه حاول أن يرجعهم عن عبادة العجل ولكنهم لم يستمعوا لنصحه وكادوا أن يقتلوه .. وأوحي الله عز وجل إلي موسي بصدق هارون وبإعتداء بني إسرائيل عليه فهدأ

    موسي عليه السلام قليلاً وتوجه إلي الله بالدعاء قائلاً : قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .. الأعراف 151

    توبة .. وندم

    اتجه موسي عليه السلام إلي السامري الذي صنع العجل ، وقال له في عنف وشدة : قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ .. طه 95 ..

    سأله عن سبب مافعله وماحمله علي أن يصنع عجلاً ويوسوس للناس بعبادته فقال السامري : ياموسي ، إن نفسي هي التي سولت لي ذلك . ثم شرح له كيف صنع العجل ،

    فحكم عليه موسي عليه السلام الأ يكلمه أحد ولا يكلم أحداً ولا يمسه أحد ولا يمس أحداً .. ودعا عليه قائلاً :قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ .. طه 97

    ثم اتجه موسي إلي العجل وقال للسامري : وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ..طه 97

    ثم حرق موسي عليه السلام ذلك العجل ، وألقاه فى البحر ثم اتجه إلي بني إسرائيل وقال لهم : إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا .. طه 98

    وعلم بنو إسرائيل أنهم وقعوا فى أكبر ذنب ، وأشركوا بالله فندموا ندماً شديداً وتابوا إلي الله وطلبوا من موسي أن يدعو الله أن يتقبل توبتهم ، ويغفر لهم ، فدعا موسي عليه السلام

    ربه أن يتوب عليهم فأوحي الله عز وجل إليه أن قبول توبتهم بأن يقتل كل من عبد العجل ، فأخبر موسي عليه السلام قومه بذلك قائلاً :

    وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .. البقرة 54

    وبالفعل .. قام المؤمنون من بني إسرائيل ذات ليلة وقتلوا كل من عبد العجل من دون الله ..
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( كـَـبـش ـإسـمـاعـيـل )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 18:38

    اهتدي إبراهيم عليه السلام بفطرته إلي الله وراح يدعو قومه إلي عبادة الله الواحد وترك عبادة الأوثان والكواكب والنجوم فلم يستجيبوا له ، فحطم إبراهيم

    عليه السلام أصنامهم ، فأشعلوا له ناراً عظيمة ، وألقوه فيها ، فأنقذه الله منهم ، وجعل هذه النار برداً وسلاماً عليه فلما خرج من النار ظل يدعو قومه فلم يستجب

    له غير زوجته سارة وابن اخيه لوط فأخذهما وهاجر بهما إلي فلسطين ومكثوا بها يعبدون الله الواحد ويدعون إليه ..

    وبعد مدة من الزمن تعرضت فلسطين إلي جدب ومجاعة فهاجر إبراهيم عليه السلام بزوجته سارة وابن أخيه لوط إلي مصر حيث الرخاء ورغد العيش ..

    وكان فى مصر ملك جبار يعشق النساء فعلم بوجود السيدة سارة فى مصر ، وكانت غاية فى الحسن والجمال فأرسل إلي إبراهيم عليه السلام سأله عنها ،

    فقال له إبراهيم عليه السلام : هي أختي .

    فقال له الملك : ائتني بها . فرجع إبراهيم عليه السلام إلي سارة ، وقال لها : سارة إن هذا الملك سألني عنك ، وإنك أختي وأنه ليس اليوم مسلم غيري

    وغيرك وأنك أختي يعني فى الإسلام ، فلا تكذبيني عنده . ثم قام يصلي ويدعو الله أن يحفظها من ظلم هذا الملك .. بينما ذهبت سارة إلي الملك الظالم فلما

    دخلت عليه استأذنته أن تتوضأ وتصلي فأذن لها فتوضأت وصلت ثم دعت الله قائلة : اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا علي

    زوجي ، فلا تسلط علي هذا الكافر فاستجاب الله عز وجل دعاءها وحفظها من هذا الملك فكان كلما حاول أن يقترب منها شلت يده فنادي علي جنوده وقال لهم

    إنكم لم تأتوني بإنسان وإنما آتيتموني بشيطان ، وقبل أن تخرج سارة من القصر أمر الملك أن يعطوها خادمة لها من خدم القصر فأعطوها هاجر وكانت فتاه

    مصرية طيبة تتحلي بأخلاق حسنة فعادت بها سارة إلي إبراهيم فأخذ إبراهيم سارة وخادمتها هاجر وعاد إلي فلسطين .وبعد مدة من الزمن شعرت سارة بأن

    إبراهيم يريد ولداً وذرية طيبة وكانت تعلم أنها عاقر لا تلد ، فطلبت منه أن يتزوج خادمتها هاجر ، لعل الله أن يرزقه منها الولد ، فتزوج إبراهيم عليه السلام

    هاجر .. فحملت وأنجبت له ولده إسماعيل عليه السلام ..

    يقين .. وتوكل

    بعد أيام من ولادة إسماعيل عليه السلام جاء الأمر من الله عز وجل إلي إبراهيم عليه السلام أن يأخذ هاجر وابنها الرضيع ويرحل بهما من فلسطين إلي صحراء

    مكه وسط الجزيرة العربية .. ويتركهما هناك ويعود إلي فلسطين ، ولا يخاف عليهما من شئ ، فالله عز وجل سوف يحفظهما ويرعاهما ..

    فقام إبراهيم عليه السلام بإعداد قافلة صغيرة تضم الخليل إبراهيم وهاجر وابنهما إسماعيل الرضيع .. وتحركت القافلة من فلسطين تسير فى صحراء

    شاسعة .. وسط جبال ورمال لا آخر لها .. حتي وصلت أرض الحجاز .. وكانت فى ذلك الوقت صحراء جرداء خالية من معالم الحياة

    لا زرع فيها ولا ماء ليس بها طعام ولا إنسان ولا شئ .. فاستقرت القافلة الصغيرة فى ذلك المكان المهجور .. ووضع الخليل إبراهيم عليه السلام

    أهله فى تلك الصحراء القاحلة .. وليس معهما إلا جراباً من التمر وقربة صغيرة بها ماء .. ثم أدار وجهه يريد الرجوع إلي فلسطين فقامت هاجر

    خلفه تنادي عليه وهي خائفة علي نفسها وعلي رضيعها فى هذا المكان الموحش ، فقالت : ياإبراهيم .. أين تذهب وتتركنا فى هذا الوادي الذي ليس فيه

    أنيس ولا شئ ..؟ فلم يرد عليها إبراهيم عليه السلام ولم يلتفت نحوها ، فقالت له : آلله أمرك بهذا ..؟

    فقال : نعم .. وهنا ثبتت المرأة المؤمنة ، وعلمت بقلبها أن الله لن يضيعها هي وابنها ، فقالت فى ثقة : إذن لن يضيعنا الله .

    ثم رجعت هاجر بابنها وجلست ليس معها إلا الله ، بينما سار إبراهيم فى طريقة حتي اختفي عن عينها ، فرفع يديه إلي السماء ودعا ربه قائلاً : ربنا إني

    أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فأجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ..

    ثم استكمل رحلته عائداً إلي فلسطين حيث زوجته السيدة سارة .

    الرضيع المبارك

    مكثت هاجر فى الصحراء ، ليس معها إلا الله عز وجل وابنها الرضيع وظلت تأكل من التمر وتشرب من الماء وترضع ابنها الصغير حتي نفد التمر والماء

    فعطشت وعطش ابنها فتركته وقامت تبحث عن الماء .. فمشت حتي وصلت جبل الصفا فصعدت فوقه ثم نظرت إلي الوادي لعلها تري بئراً أو قافلة معها

    طعام أو ماء ..فلم تجد شيئاً ..فهبطت إلي الوادي ثم سارت فى اتجاه جبل المروة فصعدته ونظرت لتري أحداً ينقذها وابنها من الهلاك فلم تجد شيئاً أيضا

    فنزلت وهي تبكي ..وأسرعت إلي الصفا ثم عادت إلي المروة وظلت هكذا تنتقل من الصفا والمروة ومن المروة الي الصفا .. سبع مرات دون أن

    تتوقف عن الدعاء والتضرع لله أن يغيثها وابنها مما هما فيه .. حتي تعبت وشعرت بالإجهاد .. فعادت إلي ابنها باكية .. وما إن وصلت إليه حتي

    أدركتها رحمة الله عز وجل حيث نزل جبريل عليه السلام وضرب الأرض بجناحه فتفجرت بئر زمزم تحت أقدام الرضيع المبارك إسماعيل عليه السلام وتدفق

    الماء العذب .. فشربت هاجر وسقت ابنها وملأت سقاءها وشكرت الله عز وجل علي فضله ونعمته .. وعاشت مع ابنها بجانب ذلك الماء المبارك .

    وبعد أيام قليلة ..جاءت قافلة عربية من قبيلة جرهم اليمنية فرأت بئر زمزم فتعجبوا من هذه البئر التي لم تكن موجودة قبل ذلك ووجدوا السيدة هاجر تجلس

    بجوار البئر ، فاستأذنوها فى الإقامة معها ، فأذنب لهم ، فعاشوا بجوار البئر ، وتربي إسماعيل عليه السلام بينهم وتعلم اللغة العربية ، وربته أمه تربية حسنة

    وغرست فيه الخصال الطيبة والأخلاق الحميدة حتي كبر وصار غلاماً يسعي في مساعدة أمه وكان أبوه إبراهيم عليه السلام يزوره من وقت إلي آخر يطمئن

    عليه ويرشده إلي تعاليم الدين الحنيف دين الله .

    الرؤيا الحق

    كان إبراهيم عليه السلام يحب ولده إسماعيل حباً شديداً حيث هو حينئذ ولده الوحيد وقد رزقه الله عز وجل به بعد عمر طويل وجاءه بعد شوق شديد ، لذلك كان

    إسماعيل عليه السلام يتمتع بمكانة كبيرة وحب عظيم فى قلب والده إبراهيم عليه السلام ..وكان إبراهيم عليه السلام يكثر من الزيارة لولده حتي بلغ إسماعيل

    عليه السلام من العمر اثني عشر عاماً وأصبح غلاماً جميلاً يافعاً سعد به أبوه سعادة كبيرة وزاد في قلبه حبه له ..

    وذات ليلة رأي إبراهيم عليه السلام فى نومه رؤيا عجيبة ، أدهشته وظن أنها من الهواجس وأضغاث الأحلام .. حيث رأي أنه يذبح ولده الوحيد إسماعيل

    عليه السلام فقام من نومه خائفاً .. وراح يكثر من تسبيح الله ويصلي ويدعو الله .. ثم نام ولكنه رأي نفس الرؤيا مرة ثانية .. فقام يصلي ..

    ثم نام فرأى ذلك مرة ثالثة ..فأدرك إبراهيم عليه السلام أن هذه رؤيا حق ووحي وصدق وأمر من الله عز وجل إليه .. وأن عليه أن يذبح ولده الوحيد

    الذي رزقه الله عز وجل به بعد انتظار طويل .. وبعد صبر كبير .. وبعد عمر مديد .

    وراح إبراهيم عليه السلام يفكر فى الأمر ..لابد من طاعة الله عز وجل وتنفيذ أمره سبحانه وتعالي .. وإبراهيم عليه السلام أول من يطيع الله ولن يتردد

    لحظة فى طاعة الله سبحانه وتعالي ولكن كيف يكون وضع ابنه ؟ وكيف يخبره بذلك الأمر ؟ وهل من الأفضل أن يأخذه إلي الصحراء دون أن يعلمه بالأمر ثم

    يذبحه رغماً عنه ؟ أم الأفضل أن يخبره بما سيفعله معه ؟ يخبره بأمر الله له؟ وهل اذا أخبره سوف يطيع أم يرفض ويهرب ؟ وفكر إبراهيم عليه السلام ثم

    أجمع رأيه علي أن يخبر ولده بالأمر وذلك ليكون هذا أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه جبراً أو يذبحه قهراً وليكون الأمر برغبته واختياره حتي ينال الثواب

    الكبير من الله عز وجل ..

    الطاعة الكاملة

    أرسل إبراهيم عليه السلام إلي ولده إسماعيل ، فلما جاءه الغلام ، ووقف أمامه عانقه أبوه فى رفق وحنان ، ثم قال له فى حزن : يا بني إني أري فى المنام

    أني أذبحك فانظر ماذا تري .. الصفات 102 .

    وكان هذا الأمر مفاجأة لإسماعيل عليه السلام ، وأمراً لم يتوقعه من أبيه قط ، ولكنه كان يعلم أن أباه نبياً ورسولاً إلي الناس ، يأتيه الوحي من الله رب العالمين

    وأن الرؤيا التي رآها وحي من الله لأنه يعلم أن رؤيا الأنبياء وحي وصدق وأمر من الله يجب تنفيذه وطاعته .. وكان إسماعيل قد تربي علي طاعة الله

    ورسوله إبراهيم عليه السلام فهو الابن الطائع والغلام الحليم لا يعصي لله أمراً ولا يخالف والده خليل الله إبراهيم عليه السلام فى شئ وإن كان أبوه قد أطاع الله

    فى تقديم ولده فلذة كبده قرباناً لله وتنفيذاً لأمره فهذا الغلام لا يقل طاعة عن أبيه فما كان منه إلا أن قال علي الفور : ياأبت افعل ماتؤمر ستجدني إن شاء الله

    من الصابرين .. الصافات 102 ..

    فكان هذا الجواب طاعة فوق العادة من ذلك الابن الطائع والغلام الحليم ..

    وبعد هذا الحوار الرائع الذي يجسد لنا طاعة الأب إبراهيم والإبن اسماعيل عليهما السلام لأمر الله اخذ إبراهيم ابنه وذهب به بعيداً فى الصحراء حتي وصل به

    إلي مكان ليس فيه أحد من البشر فقال له اسماعيل : يا أبتٍ .. لا تنظر إلي وجهي وأنت تذبحني فتتردد، فلا تنفذ أمر الله واحدد شفرتك أي اجعل

    السكين حاداً سريع القطع حتي يكون أهون عليك وإن أردت أن ترد قميصي علي أمي فافعل عسي أن يكون هذا أسلي تعزية وتخفيفاً لها عني فقال له أبوه :

    نعم العبد أنت ونعم العون علي أمر الله ..

    كبش من السماء

    وصل إبراهيم عليه السلام بابنه إلي صخرة في الصحراء ، فقرر أن يذبح ولده عند هذه الصخرة فألقي علي ابنه الوحيد نظرة وداع مليئة بالحب والحنان

    ثم ألقاه علي وجهه فاستسلم اسماعيل عليه السلام لأمر الله ، وفوض أمره لرب العالمين ، وأرحم الراحمين ..ووضع إبراهيم عليه السلام السكين علي رقبة

    ابنه كي يمض فى التضحية بولده الوحيد استجابة لأمر الله ورأي الله سبحانه وتعالي أن إبراهيم عليه السلام هو وابنه إسماعيل قد نجحا فى ذلك الاختبار الكبير

    وجاوزا هذا البلاء المبين وعلم أن حب الله وتنفيذ أمره مقدم علي حب الابن وفلذة الكبد فكان جزاء هذا النجاح وتلك التضحية أن ناداه الله عز وجل أن يرفع

    عن رقبة ابنه ، قال تعالي : فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين ..

    فالتفت إبراهيم عليه السلام إلي هذا النداء ورفع السكين عن رقبة ابنه اسماعيل عليه السلام فإذا به يري جبريل عليه السلام وقد نزل من السماء ومعه كبش

    أبيض سمين يقدمه فداء لإسماعيل عليه السلام وتلك هي رحمة الله التي أدركت هذا الغلام مرتين ، مرة وهو رضيع عمره لم يتجاوز أياماً ، حين أوشك علي

    الهلاك هو وأمه فى صحراء جرداء ليس فيها زرع ولا ماء ففجر الله عزوجل له بئر زمزم ، والمرة الثانية الآن حين أراد أبوه أن يذبحه تنفيذاً لأمر الله تبارك

    وتعالي ففداه الله عز وجل بذلك الكبش ، فأخذ إبراهيم عليه السلام ذلك الكبش وذبحه بدلاً من ابنه إسماعيل ، وفداء له .. قال تعالي : وفديناه بذبح

    عظيم .. الصافات 107

    ثم حمد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ربهما وشكراه علي ذلك الفضل الكبير وعادا بالكبش مذبوحاً إلي هاجر أم إسماعيل فاستقبلتهما الأم المؤمنة بفرحة
    ه ف
    الايمان والشكر العميق لله ووزع إبراهيم عليه السلام لحم الكبش علي الناس وأصبح ذلك اليوم عيداً للمسلمين وهو عيد الأضحي الذي يذبح فيه المسلمون

    الأضاحي ويقدم فيه الحجاج الهدي تقرباُ من الله وتخليداً لهذه الذكري الطيبة وذكري فداء اسماعيل عليه السلام .

    أبو العرب

    كبر إسماعيل عليه السلام بين العرب فى أرض الحجاز وتزوج من العرب مرتين حيث تزوج امرأه لم تكن شاكرة لنعم الله ، فلما علم إبراهيم عليه السلام

    بأمرها ، أمر إسماعيل أن يفارقها وأن يغير عتبة بابه فطلقها إسماعيل عليه السلام ثم تزوج بامرأة عربية أخري كانت طيبة الخلق شاكرة لفضل الله ونعمه

    فلما علم إبراهيم عليه السلام بأمرها ، أمر إسماعيل عليه السلام أن يستمر معها فاستمر معها وأنجب منها أولاداً هم نسل إسماعيل عليه السلام من العرب

    لذلك كان يسمي إسماعيل عليه السلام بأبو العرب وهو جد النبي محمد صلي الله عليه وسلم يقول النبي صلي الله عليه وسلم : إن الله اصطفي كنانة

    من ولد إسماعيل واصطفي قريشاً من كنانة واصطفي من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم .. رواه مسلم

    وقد جعل الله عز وجل نبياً ورسولاً أرسله إلي منطقة الحجاز وكان يسكنها قبائل جرهم والعماليق وأهل اليمن فدعاهم إسماعيل عليه السلام إلي عبادة الله الواحد

    وكان يعلمهم شرائع الدين الحنيف ..

    وكان إسماعي عليه السلام أول من ركب الخيل وأول من نطق لسانه بالعربية الفصيحة البينة وعره آنذاك أربع عشرة سنة ..

    وإسماعيل عليه السلام أول من صنع النبال وأول من رمي بسهم قال النبي صلي الله عليه وسلم : ارموا بني إسماعيل فإن آباكم كان رامياً .. البخاري

    وقد مدح الله عز وجل إسماعيل عليه السلام ووصفه بالحلم والصدق والأخلاق الطيبة وقال تعالي : فبشرناه بغلام حليم ..الصافات 101

    وقال تعالي : واذكر فى الكتاب اسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبياً وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً .. مريم 55:54

    وقال تعالي : واسماعيل وإدريس وذا الكغل كل من الصابرين وأدخلناهم فى رحمتنا إنهم من الصالحين .. 85_86

    وفاة الذبيح

    بعد أن فدي الله عز وجل إسماعيل من الذبح بذلك الكبش العظيم جاءه أبوه إبراهيم ذات يوم وطلب منه أن يعينه علي بناء الكعبة فشاركه إسماعيل فى ذلك العمل

    العظيم ورفع مع أبيه قواعد البيت الحرام وعلما الناس مناسك الحج والعمرة التي توارثها الناس جيلاً بعد جيل ..

    قال تعالي : وعهدنا إلي إبراهيم وإسماعيل أن طهراً بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود .. البقرة 125

    وظل إسماعيل عليه السلام فى مكة يدعو القبائل العربية التي تسكن الحجاز وماحولها إلي عبادة الله الواحد ويعلمهم شرائع الدين الحق حتي حضرته الوفاه

    وكان عمره مائه وسبعه وثلاثين عاماً فمات عليه السلام ودفن بالحجر الذي يعرف بإسم حجر إسماعيل مع أمه السيدة هاجر ...
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( نــوٍوٍح عـلـيـه ـآ‘لـسـلام )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 18:40

    الأصنام الخمسة

    مرت الأيام بطيئة كعادتها فى ذلك الزمان البعيد وظل الناس متمسكين بوصايا آدم عليه السلام يعبدون الله الواحد الأحد

    ويبتعدون عن طريق الشيطان وظل الحال هكذا يزيد عن الألف عام .

    وكثيرا ماكان يظهر الرجال الصالحون ليذكروا الناس بالله ويجددوا العهد .. وقبل أن يولد نوح عليه السلام عاش خمسة

    رجال هم : ود ، وسواع ، يغوث ، يعوق ، نسر .. كانوا رجالا صالحين يأمرون قومهم بعمل الخير والبعد عن الشر

    ولما مات هؤلاء الخمسة ومر علي موتهم زمن طويل زين الشيطان للناس أن يصنعوا لهؤلاء الخمسة تماثيلا حتي يتذكرهم

    الناس ويسيروا علي طريقهم ويعملوا بنصائحهم ..

    تعاقبت السنوات ونسي الناس الرجال الخمس ونسوا أعمالهم الصالحة ولكنهم تذكروا التماثيل التي يرونها كل يوم وانتشرت

    القصص والخرافات حول التماثيل فقال بعضهم : أن هذه التماثيل مقدسة .

    وقال آخر : إن من يسب هذه التماثيل أو يسخر منها ستغضب عليه وتنزل عليه المصائب أما من يحترمها ويقدسها

    فسترضي عنه وتباركه ..

    وجاء علي الناس حين من الدهر نسوا فيه ربهم فكثر الفساد وانتشر الظلم وفسدت القلوب والعقول واستسلم الناس للجهل

    والخرافات وزين لهم الشيطان عبادة الأصنام .

    لكن كان من بين هؤلاء رجل مختلف اسمه نوح كان نوح عليه السلام طاهر القلب ذكي العقل ويرفض عبادة الأصنام التي

    لا تنفع ولا تضر كان يكره الظلم والظالمين ..

    كان نوح عليه السلام كثير التأمل فى أحوال الناس وفي الكون من حوله يحاول أن يصل إلي الحقيقة ويبحث عن الطريق

    الصحيح ..

    اختار الله سبحانه وتعالي نوحاً عليه السلام وأرسله إلي قومه ليدعوهم إلي عبادة الله وترك عبادة الأصنام .

    ذهب نوح عليه السلام إلي أقاربه وأصحابه وجيرانه سراً وأخبرهم بأنه رسول الله إليهم ليدعوهم إلي ترك عبادة الأصنام

    وعبادة الله الواحد الأحد .

    خرج نوح عليه السلام وذهب إلي جماعة من قومه وقال لهم : ياقوم إني لكم نذير مبين ..

    ياقوم : اعبدوا الله واتقوه واطيعون يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلي أجل مسمي إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو

    كنتم تعلمون ..

    لكن هؤلاء الناس رفضوا الاستماع إلي صوت الحق وذهب نوح عليه السلام إلي السوق فنادي علي الناس فتجمعوا حوله فقال

    لهم ياقوم : اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم من عذاب يوم عظيم .. فسخر منه هؤلاء الناس

    وعادوا إلي تجارتهم وبيعهم وشرائهم وكان جماعة من قومه يتجهون إلي المعبد ليقدموا القرابين للأصنام فقال لهم : أن

    لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم من عذاب يوم أليم .. فقالوا له لا شأن لك بنا يانوح وتركوه وذهبوا إلي الأصنام

    وكانت دار أحد الأغنياء ملتقي لجمع كبير من الناس فذهب نوح عليه السلام إليهم وحدثهم عن الدين الجديد فقال لهم :

    ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون .. فقالوا له : يانوح ما نراك إلا بشراً مثلنا .. ولو كان ربك

    يريد أن يرسل إلينا رسولاً لأرسل ملكاً من السماء فبين لهم نوح عليه السلام أن الله أرسله إليهم لأنهم بشر مثله ولو كانوا

    ملائكه لأرسل إليهم ملكاً من السماء ..

    فعادوا يقولون لنوح : مانراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ومانري لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين يانوح

    كيف نؤمن لك وليس معك غير الضعفاء والفقراء ولو كان فى دينك خير لما اتبعك هؤلاء من ضعاف العقول .. اذا كنت

    تريد منا أن نؤمن بالله فأطرد هؤلاء الفقراء الذين يسيرون معك .

    فقال لهم نوح عليه السلام : ياقوم لقد أرسلني الله إليكم لأدعو إلي عبادته وحده ، ولا أستطيع أن أجبركم علي عبادة الله

    والإيمان به .. ياقوم أرأيتم إن كنت علي بينه من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون

    ولا أسألكم أجراً ولا مالاً علي دعوتي لكم إن أجري إلا علي الله ..

    ياقوم : تريدون مني أن أطرد من آمن معي .؟ كلا إن هذا لا يكون أبدا وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم

    ولكني أراكم قوماً تجهلون .. وياقوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون ..

    ياقوم : إنني لا أملك خزائن السموات والأرض ولست ملكاً من السماء ولا أعلم الغير ما أنا إلا بشر مثلكم أخاف عليكم

    عذاب يوم عظيم .

    دعا نوح قومه فى السر والعلن بالليل والنهار فما آمن له إلا عدد قليل جداً من الضعفاء والمساكين ..

    قال : رب إني دعوت قومي ليلاً نهاراً فلم يزدهم دعائي إلا فراراً .. وذات يوم بينما كان نوح عليه السلام يدعو قومه

    قال له أحدهم : يانوح إن الآلهه تعطينا كل شئ فهي التي تنزل المطر من السماء وهي التي تمنحنا الخصب والنماء

    وترزقنا بالبنين والبنات والأموال فهل إلهك يانوح يستطيع أن يعطينا كل ذلك ؟

    فقال نوح عليه السلام بابتسامه هادئة ياقوم : استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال

    وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً ما لكم لا ترجون لله وقاراً ..

    ياقوم إن الله هو الذي خلقكم فى بطون أمهاتكم وخلق فوقكم سبع سماوات وجعل القمر لينير الليل والشمس سراحا منيراً

    خلقكم الله من طين الأرض وإلي الأرض ستعودون ثم يبعثكم يوم القيامة ليحاسبكم علي أعمالكم ..

    ياقوم انظروا إلي هذه الأرض التي مهدها الله لكم لتتخذوا فيها طرقا تنقلكم إلي أي مكان تريدون .

    ياقوم : ألا يستحق من فعل كل ذلك أن نعبده فلا نشرك به شيئاً . ياقوم آمنوا بالله قبل أن ينزل عليكم العذاب فما كان

    من المشركين إلا أن وضعوا أصابعهم فى آذانهم حتي لا يسمعوا كلام نوح .

    وكلما استمر نوح فى دعوة قومه ازدادوا بعداً عنه حتي إنهم كانوا يضعون ثيابهم هلي رؤوسهم إذا رأوا نوحا عليه السلام

    حتي لا يسمعوا كلام الحق .

    وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم فى آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً .

    سنوات طويلة جدا تلك التي مكثها نوح يدعو قومه حتي سأم القوم من نوح وكرهوا أحاديثه وقالوا : يانوح جادلتنا فأكثرت

    جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين .. أن كنت تدعي أن العذاب سينزل علينا فأتنا به ونحن مستعدون وقال نوح

    إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين واتهم قوم نوح نبيهم بالجنون ونفروا منه واستكبروا علي الهدي والحق ..

    ظل عدد الكافرين يتزايد يوما ً بعد يوم وأما عدد المؤمنين فظل كما هو وأوحي إلي نوح لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن

    فلا تبتئس بما كانوا يفعلون حتي زوجة نوح لم تؤمن وظلت علي كفرها .

    وبلغت بهم الجهالة والظلم أن قالوا لنبيهم لئن لم تنته يانوح لتكونن من المرجومين ذهب نوح عليه السلام إلي مصلاة ووقف

    خاشعاً لله سبحانه وتعالي وأخذ يصلي ويبكي حتي ابتلت لحيته وأخذ يشكو قومه إلي ربه قائلاً : رب إن قومي كذبون

    فافتح بيني وبينهم فتحاً ونجني ومني معي من المؤمنين ..

    ورفع نوح يديه إلي السماء وقال: رب لا تذر علي الأرض من الكافرين دياراً إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً

    كفاراً

    أوحي الله عز وجل أن يصنع سفينة كبيرة لينجو فيها هو والذين آمنوا معه أما المشركين فلا يهتم لأمرهم لأنهم مغرقون .

    غرس نوح أشجاراً كثيرة وانتظر حتي كبرت ثم قطعها وتركها حتي تجف وعلمه الله طريقة صنع السفينة

    شق نوح عليه السلام الأشجار إلي ألواح طويلة وعريضة وأحضر المسامير وبدأ يصنع السفينه .

    وكلما مر عليه جماعة من قومه سخروا منه وقالوا له : يانوح هل تركت النبوة واشتغلت نجاراً .

    وقال آخر : يبدو أن النبوة لا تربح هذه الأيام فوجد نوح عملاً أخر .

    وتساءل ثالث وهو يكتم ضحكة : إن هذه هي المرة الأولي التي أري فيها سفينة ستبحر فى الرمال

    فما زاد نوح علي أن قال : إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل

    عليه عذاب مقيم ..

    صنع نوح عليه السلام سفينة كبيرة جداً وأمره الله أن يأخذ معه أهله من المؤمنين وأن يأخذ زوجين من كل أنواع الطيور

    والحيوانات ليعمروا الأرض بعد الطوفان وأن ينتظر الإشارة ثم يركب هو ومن آمن معه .

    كانت الإشارة أن الماء سيخرج من كل مكان حتي الأفران المصنوعه فى البيوت سوف تفور كلها بالماء

    وحدث أمر غريب جعل المشركين يتعجبون ويتساءلون لا حظ الناس أن القرية تمتلئ بحيوانات غريبة وطيور عجيبة لم يروا

    مثلها من قبل طيور وحيوانات وزواحف من كل شكل ولون ، فقال أحدهم : ماهذا الحيوان الغريب ذو الرقبة الطويلة ..؟

    أنني لم أر مثله من قبل وقال آخر : وهذا الجمل ذو السنامين هذه أول مرة أشاهد جملاً بسنامين وقال ثالث :

    والأغرب من كل ذلك هذا الحيوان ذوا الخلفيتين الكبيرتين الذي لا يكف عن القفز .. وأقترب أحد المشركين من طائر

    الببغاء الملون الذي كان يقف علي فرع شجرة وقال له : من أين أتيت أيها الطائر فكرر الطائر الكلام وقال : من أين

    أتيت أيها الطائر ..؟ فنظر إليه الرجل في فزع وخاف وجري وهو يصيح الطائر يتكلم الطائر يتكلم ولم يدرك أحد سر

    وجودها ..

    نبعت المياه من كل مكان ونظر نوح عليه السلام إلي الفرق فرأي الماء يخرج منه فعرف أن الوقت قد حان ..فركب فى

    السفينة وركب معه المؤمنين والحيوانات والطيور وقال : الحمدلله الذي نجانا من القوم الظالمين .. وقال : رب أنزلني

    منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين أما زوجة نوح عليه السلام فلم تركب السفينه لأنها كانت من القوم الكافرين ..

    قال تعالي : ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا

    عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين ..

    تدفق الماء أكثر وأكثر وبدأت السفينه ترتفع عن الأرض وانهمر المطر الغزير من السماء وبدأت الأمواج تتحرك فى الشوارع

    كأنها جداول صغيرة .

    وظهرت أمتعة الناس وملابسهم علي سطح الماء وقد جرفها التيار فى الطرقات وحمل الرجال الأطفال الصغاؤ وجرت النسوة

    فى كل مكان يحاولن الاختباء فى أى مكان ولكن أين ؟؟ أن الماء يرتفع ويرتفع ونظر نوح من شباك صغير فى السفينه

    فرأي أحد أبناؤه يحاول الهرب من الغرق فتساءل نوح لماذا لم يركب هذا الولد السفينة مع المؤمنين نادي عليه نوح :يابني

    اركب معنا ولا تكن مع الكافرين .. فرد عليه قائلاً : سآوي إلي جبل يعصمني من الماء .. قال له نوح : لا

    عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ..

    ازداد هطول الأمطار وانفجار العيون وقال تعالي : ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقي الماء علي

    أمر قدر قدر ..

    سارت السفينة بمن فيها تتأرجح تارة وتهدأ تارة أخري وظال الحال علي ذلك أيام وليالي حتي غمر الطوفان كل شئ وغطي

    الأشجار وقمم الجبال وغرق جميع الكافرين والمشركين . أما المؤمنين فقد نجاهم الله تعالي : حملناه علي ذات ألواح ودسر

    تجري بأعيننا جزاء لمن كان كافر ..

    وقال تعالي : فأنجيناه ومن معه فى الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد السباقين إن فى ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن

    ربك لهو العزيز الرحيم ..

    وصدر الأمر من الله عز وجل إلي الأرض بأن تبتلع الماء وإلي السماء أن تكف عن إنزال المطر ..

    وتذكر نوح ابنه الذي غرق فى الطوفان فنادي ربه قائلاً : رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين

    كان نوح عليه السلام يظن أنه مؤمنا ولكن الابن كان منافقا يظهر الايمان ويخفي الكفر لذلك سأل نوح ربه كيف يهلك رجلاً

    مؤمنا ..؟ فبين الله له خطأهه وقال تعالي : يانوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به

    علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين .. إن أهلك هم المؤمنون فقط أما الكافرين والمنافقين فليس لهم إلا النار ..

    أدرك نوح عليه السلام خطاأه فاستغفر ربه وقال: رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني

    وترحمني أكن من الخاسرين ..

    رست السفينة علي جبل يسمي الجدوي وناداه ربه : يانوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلي أمم ممن معك وأمم

    سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم ...

    نزل نوح عليه السلام ومن آمن معه من السفينة وأطلق سراح الوحوش والطيور وانتشروا فى الأرض ليعمروها من جديد

    واستمر نوح عليه السلام فى دعوة قومه وهدايتهم وقد عاش نوح زمن طويل جدا قال تعالي : فلبث فيهم ألف سنة إلا

    خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون .. وبعد الطوفان عاش أيضاً زمناً لا يعلمه إلا الله ..

    وكان نوح يكثر من الصيام حتي كان لا يفطر إلا في العيدين ولما ولما حضرته الوفاة قال لإبنه :

    إني قاص عليك وصية آمرك باثنين وأنهاك عن اثنتين : آمرك بلا إله إلا الله فإن السموات السبع والأرضين السبع لو

    وضعت فى كفه ووضعت لا إله إلا الله فى كفة رجحت بهن لا إله إلا الله ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن

    حلقة مبهمة ضمتهن لا إله إلا الله . وسبحان الله وبحمده ، فإن بها صلات كل شئ وبها يرزق الخلق

    وأنهاك عن الشرك والكبر وقد مدحه الله عز وجل فى القرآن الكريم فقال عنه : إنه كان عبداً شكوراً
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( بــقــرٍـرٍة بـنـٍيٍ ـإسـرٍـآئـيـل )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 18:43

    دعوة .. وعناد

    عاش بنو إسرائيل فى مصر بعد وفاة نبي الله يوسف عليه السلام وأنجبوا ذرية كبيرة .. وجاء أولادهم .. ثم احفادهم .. ثم أحفاد

    الأحفاد ونسوا ماكان عليه أجدادهم من عبادة الله الواحد .. وخالفوا منهج آبائهم ..وسعوا فى مصر فساداً حتي ضاق بهم فرعون مصر

    وغضب عليهم فأخذ منهم اموالهم وأرضيهم وأذلهم واستعبدهم وسخرهم فى الأعمال الشاقة والحقيرة .. وظل بنو إسرائيل فى هذا الذل

    والهوان أعواماً طويلة ..

    وذات ليلة رأي فرعون مصر فى منامه أن ناراً أقبلت من ناحية الشام حتي وصلت إلي مصر وأحرقتها فجمع الكهنة ورجال الدولة وسألهم

    عن تفسير ذلك فأخبروه أن غلاماً سيولد فى بني إسرائيل يكون سبباً فى هلاك فرعون وضياع ملكه .. فأمر فرعون بقتل كل ذكر يولد

    فى بني إسرائيل فلما فعل ذلك قل الذكور فيهم .. وخشي المصريون ألا يجدوا من يخدمهم ..

    فطلبوا من فرعون أن يدبح من يولد من الذكور عاماً ، ويتركهم عاماً ففعل ذلك فولد هارون فى عام المسامحة الذي لا يقتل فيه الأطفال

    بينما ولد بعده موسي فى عام القتل فخافت عليه أمه .. فوضعته فى صندوق وألقت به فى نهر النيل .. فسار الصندوق فى النهر حتي

    استقر عند قصر فرعون .. فرأته السيدة آسية فأخذته .. وطلبت من فرعون ألا يقتله .. فوافق دون أن يعلم أن هذا الطفل هو الذي

    سيكون هلاك ملكه علي يديه ..ثم بحثت آسية للطفل عن مرضعة .. فجاءت أمه وأرضعته دون أن يعلم أحد أنها أمه .. ثم تربي

    موسي في قصر فرعون مع السيدة آسية حتي صار شاباً قوياًُ ..

    وذات يوم رأي موسي رجلين يتشاجران إحداهما مصري والآخر من بني إسرائيل ، فاستغاث الاسرائيلي بموسي فوكز موسي المصري فقتله

    خطأ فندم موسي علي ذلك وتاب إلي الله ولكنه علم أن فرعون وجنوده لن يتركوه وأنهم يبحثون عنه ففر هارباً إلي مدين .. وهناك رأي

    فتاتين تسقيان الغنم فسقي لهما ، فأرسل إليه أبوهما يستدعيه ليكرمه فجاءه موسي فزوجه الرجل إحدي ابنتيه ، وعمل موسي معه عشر

    سنوات وبعدها أخذ أهله وخرج من مدين يريد العودة إلي مصر .. فلما وصل عند جبل الطور أنزل الله عليه الوحي وكلمه وجعله

    رسولاً إلي بني إسرائيل وإلي فرعون وقومه ، وأخبره أن أخاه هارون سوف يكون معه ، فهو نبي ورسول مثله .. فذهب موسي عليه

    السلام إلي هارون وذهبا معاً إلي فرعون ودعا موسي عليه السلام فرعون وطلب منه ان يترك بني إسرائيل ، وأراه الآيات والمعجزات التي

    أيده الله بها ، حيث أراه العصا التي تنقلب حية بقدرة الله وأخرج له يده فرآها بيضاء ناصعة تخالف لون جلده الأسمر ولكن فرعون كذب

    موسي ورفض دعوته وحاربه وراح يعذب كل من آمن به من المصريين أو من بني إسرائيل ..

    هلاك فرعون

    ظل فرعون فى عناده وكبره .. ولم يؤمن رغم الآيات التي رآها .. وادعي أنه إله من دون الله .. فأمر الله عز وجل موسي

    عليه السلام أن يخرج بقومه من مصر ليلاً فجمع موسي عليه السلام قومه ذات ليلة وقد استعدوا للرحيل وخرجوا متوجهين ناحية البحر

    الأحمر قاصدين أرض الشام فلما علم فرعون بذلك غضب أشد الغضب وجمع جنوده وأسرع يعدو خلف موسي عليه السلام ومن معه ..

    ومع طلوع الشمس كان المصريون قد اقتربوا من بني إسرائيل فخاف أصحاب موسي وقالوا : إنا لمدركون ..

    فقال لهم موسي عليه السلام : لا يوحي إلي تخافوا ولا تفزعوا وتوكلوا علي الله إن كنتم مؤمنين واعلموا أن معي ربي سيهدين وسوف

    يوحي إلي بطريق النجاة . فأوحي الله عز وجل إليه أن يضرب بعصاه البحر فانفلق البحر بإذن الله وسار الماء علي اليمين والشمال كأنه

    جبلان عظيمان بينهما طريق يابس فأمر موسي بني إسرائيل أن يعبروا الطريق فانحدروا فيه مسرعين مستبشرين وعندما خرج أخر واحد منهم

    إلي كان جيش فرعون قد اقترب من البحر فظن فرعون أن الطريق ممهداً له أيضاً فاقتحم بفرسه فى ذلك الطريق فلما رأته الجنود قد سار

    فيه ساروا وراءه حتي أصبح أولهم قريباً من الشاطئ الشرقي واخرهم قريباً من الشاطئ الغربي ..فأمر الله عز وجل البحر أن يعود كما

    كان فأطبق عليهم المساء من كل مكان فغرقوا جميعاً ولم ينج منهم إنسان ثم أمر الله عز وجل البحر أن يقذف جسم فرعون خارج الماء

    ليكون عبرة لكل ظالم متجبر بعده .. ونجي الله عز وجل موسي ومن آمن معه .

    المجتمع الجديد

    بعدما خرج موسي عليه السلام ببني إسرائيل من مصر اتجه بهم إلي الشام ، وبدأ فى تنظيم المجتمع الجديد .. فراح يعلم قومه شرائع

    الدين الحنيف ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر .. وقد لاقي منهم الكثير والكثير من التعب والمشقة والجهل والعناد وذلك بسبب فسوقهم

    وحبهم للضلال والفساد ..ومحاولتهم الدائمة للخروج عن منهج الله ..

    وقد مكث بنو إسرائيل فى الشام سنوات وسنوات وكثرت فيهم الشرور والأثام فكثر فيهم الزني والربا والقتل والسرقة .. فلما رأي موسي

    كثرة القتل ، اتفق علي أن يتحمل دية القاتل أقرب الناس إلي مكان القتيل فإذا رأي قتيلاً قريباً من ديار قوم أغرمهم ديته .. وإذا وجد

    قتيلاً بين قريتين قاسوا المسافة بينهما .. فإلي أيتهما كان أقرب غرمت ديته ..

    وكان في بني إسرائيل جماعة صالحون لما رأوا كثرة الفساد في قومهم اعتزلوهم .. وبنوا لأنفسهم مدينة خاصة بهم .. وكانوا إذا جاء

    الليل لم يتركوا أحداً منهم خارج المدينة ..وأغلقوا عليهم باب المدينه حتي لا يتهمهم أحد بسوء .. فإذا ما أصبحوا خرجوا وعايشوا

    الناس فى البيع والشراء حتي يمسوا .. ثم يعودون إلي مدينتهم فى سلام وأمان ..

    جريمة قتل

    كان فى بني إسرائيل شيخ كبير اسمه عاميل ، يملك الكثير من المال .. وليس عنده إلا ابنة واحدة ..وكان هذا الرجل شديد البخل والحرص .. يتعامل بالربا ..

    ولا ينفق من ماله أبداً .. وكان بنو أخيه فقراء ، لا مال لهم .. فكان لا يعطيهم شيئاً وكان أحدهم اسمه أحيحة ، وكان يحب ابنة عمه عاميل وهي تحبه وكان يريد أن يتزوجها

    ولكن عاميل رفض أن يزوجها له ، وطرده من بيته وأهانه ، فاغتاظ أحيحة وحقد علي عمه ، زتمني موته .. فوسوس له الشيطان بأن يقتله وزين له ذلك وأوحي إليه أنه إذا قتله

    سوف يرث ماله ويتزوج ابنته .. فراح يدبر كيف يقتله دون أن يعلم أحد ..فذهب إليه ذات ليلة وطلب منه أن يذهب معه إلي المدينة المجاورة لأن بعض التجار ينتظرونه

    هناك وسيعطيه نظير ذلك الأموال التي يأخذها منهم ليتاجر لهم فيها .. فوافق عاميل طمعاً فى المال .. وخرج معه .. فلما اقتربوا من مدينة الصالحين قتله أحيحة

    ووضعه علي باب تلك المدينة الصالحة .. وذلك ليتحملوا ديته ..واختفي هو خلف شجرة ..فلما جاء الصباح فتح أهل المدينة الصالحة باب المدينة ، فوجدوا القتيل

    علي الباب .. ففزعوا .. وانتشر الخبر .. فأسرع أحيحة وأخوته إلي مكان عمهم عاميل .. واتهموا أهل المدينة الصالحة بأنهم قتلوه .. ولكن اهل القرية

    أقسموا بالله انهم لم يقتلوه .. فزاد النقاش والإتهام بينهم .. وكادت أن تكون فتنة كبيرة .. وحمل الجميع السلاح .. وكادوا ان يقتتلوا .. فقام شيخ كبير من بني

    إسرائيل وحجز بين الفريقين .. ومنعهم من القتال وقال لهم : ياقوم ضعوا السلاح ، لا يقتل بعضكم بعضاً ، إن بيننا كليم الله موسي عليه السلام فلنذهب إليه ، ونطلب منه

    أن يكلم ربه ليخبرنا بمن قتل عاميل . فوافق أهل المدينة علي ذلك الرأي وحاول أحيحة أن يرفض ذلك الرأي ، وقال : لن يعلم موسي شيئاً ولن يعرف القاتل ، ولاشك أن أهل

    هذه المدينة هم الذين قتلوا عمي ، فقد وجدناه مقتولاً علي باب مدينتهم ، ولكن الرجل الحكيم قال له : بل نذهب إلي نبي الله موسي عليه السلام ، فرب موسي يعلم ويعرف القاتل

    وموسي لا يكذب فلم يستطع أحيحة أن يفعل شيئاً ، ووافق جميع الحاضرين علي ذلك ، فاصطحبهم الشيخ إلي حيث يوجد نبي الله موسي عليه السلام ليطلبوا منه أن يدلهم علي قاتل

    عاميل حتي تنتهي هذه الفتنة الكبيرة ..

    الغلام اليتيم

    حينما حدثت فتنة قتل عاميل كانت هناك أسرة مؤمنة من بني إسرائيل تتكون من غلام يتيم وأمه وكان والد الغلام قد توفي .. وترك زوجته ليس عندها غير بقرة كانت ترعي في

    المراعي والحدائق .. فقد اشتراها الرجل قبل موته ، وقال لزوجته :لقد اشتريت هذه العجلة لابننا نربيها له ، فإذا ما كبرت انتفع بها فلما شعر الرجل بدنو أجله قال لزوجته:

    إنني أشعر أني سأموت وأنت لن تستطيعي أن ترعي العجلة بعدي فأري أن تذهبي بها إلي المراعي البعيدة وتتركيها وديعة عند الله الذي لا تضيع ودائعه وسوف يحفظها الله لابننا

    حتي يكبر فإذا كبر فأبلغيه بأمر البقرة واطلبي منه أن يبحث عنها ، فسوف يجدها إن شاء الله ..

    فلما كبر الغلام قالت له أمه : يابني تعال .. اجلس بجواري فجلس الشاب بجوارها فضمته إليها ومسحت علي رأسه وقالت له : يابني إن أباك قد اشتري لك عجلة وأنت

    صغير قبل أن يموت وأخذ يرعاها حتي تقدمت به السن ولم يستطع أن يرعاها وشعر بدنو اجله فتركها لك وديعة عند الله وأطلقها فى الحدائق والمراعي ، وسأل الله أن يحفظها لك

    فاذهب يابني وابحث عنها ، فقد تجدها ببركة والدك وبركة رضاى عنك فقال لها الشاب : وماذا كان لون هذه العجلة ياأمي ..؟ فقالت له : كانت صفراء لامعة فخرج

    الشاب إلي المراعي والوديان يبحث عن بقرته الصفراء ..

    جدل .. ومراوغة

    سار الشيخ الكبير مع بني إسرائيل إلي موسي عليه السلام ليطلبوا منه أن يخبرهم عن قاتل عاميل فلما وصلوا إليه قال أهل القتيل : يانبي الله إن وجدنا عمنا مقتولاً عند باب مدينة

    هؤلاء القوم .. فلابد ان نأخذ ديته منهم . فقال أهل المدينة : يانبي الله ، قد عرفت أننا اعتزلنا الناس ، وابتعدنا عن المعاصي والشرور ، والله ماقتلناه ولا علمنا من قتله

    فقال الشيخ الكبير : ياموسي انت نبي الله وكليمه فسل لنا ربك ان يبين لنا القاتل ..فقام موسي عليه السلام ودعا الله عز وجل أن يخبره عن القاتل فأوحي الله إليه أن يأمرهم

    بذبح بقرة قال تعالي : وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ .. البقرة 67 .

    فلما أمرهم موسي عليه السلام بذلك اعترضوا وقالوا : ياموسي نسألك أن تدعو ربك يخبرنا عمن قتل عاميل وأنت تأمرنا بذبح بقرة أتسخر منا ياموسي ..؟

    فقال موسي عليه السلام : ياقوم إني رسول الله إليكم لا يجوز لي أن أسخر بكم . فقالوا: إذا كان ربك يأمرنا بذبح بقرة ، فما هي هذه البقرة إن البقر كثير فاطلب

    من ربك ان يحدد لنا البقرة التي يريد أن يذبحها .

    وهنا عرف موسي عليه السلام ان قومه يريدون الجدال والمراوغة ويحاولون العصيان والهروب من أمر الله لأنهم لو أرادوا الطاعة لذبحوا أي بقرة فكان يكفيهم ذلك ولكنهم كعادتهم

    دائماً ..أهل غدر وجدال ومراوغة .. وتأكد موسي عليه السلام أنهم بذلك يشددون علي أنفسهم .. وبالتالي فسوف يشدد الله عليهم فذهب موسي عليه السلام وسأل الله

    أن يحدد لهم البقرة المراد ذبحها فأخبره الله عز وجل أنها بقرة متوسطة العمر ليست كبيرة السن ولا صغيرة السن ، قال تعالي : قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرُونَ ..البقرة 68 ..

    فلما أخبرهم موسي عليه السلام بذلك وجدوا ان البقر المتوسط العمر كثير فوقعوا فى حيرة شديدة ، وسألوا أنفسهم : أي بقرة تكون فى هذا الكم الهائل من البقر المتوسط ..؟

    ثم عادوا يسألون موسي عليه السلام ويقولون له : ياموسي إننا وقعنا فى حيرة كبيرة نريد تحديداً أكثر من ذلك أسأل ربك يبين لنا ما لون البقرة المقصودة ..

    البقرة الصفراء

    سأل موسي عليه السلام ربه للمرة الثالثة أن يحدد لهم لون البقرة ، فاخبره الله عز وجل أنها صفراء اللون .. فلما أخبرهم بذلك وجدوا البقر الأصفر كثير أيضاً فإزدادت

    حيرتهم وأحسوا بالندم وعادوا يسألون موسي عليه السلام أن يحدد لهم البقرة تحديداً أكثر من ذلك وقالوا :قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ .. البقرة 70 .

    فلما قالوا : إن شاء الله . حدد الله عز وجل لهم البقرة تحديداً دقيقاً لا ينطبق إلا علي بقرة واحدة فأخبرهم أنها بقرة لا تعمل ، فلا تحرث الأرض ولا تسقي الزرع سالمة

    من العيوب ، ليس لديها فيها لون يخالف لونها الأصفر ، قال تعالي : قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ .. البقرة 71

    فلما حدد لهم ذلك قالوا الآن جئت بالحق ثم قاموا يبحثون فى المراعي والوديان عن هذه البقرة ..

    وأثناء ذلك كان الشاب يبحث عن بقرته .. فرأي بقرة صفراء واقفة لا تتحرك .. وفيها نفس المواصفات التي ذكرتها له أمه .. فاقترب منها .. فلم تخف ولم تهرب

    وظلت مكانها كأنه صاحبها الذي تأنس به .. فأمسك بقرنها .. وسار بها .. فسارت معه حتي وصل بها البيت ، فرأتها أم الغلام وعرفتها ، وقالت : الحمدلله الذي

    رد علينا وديعتنا هذه بقرتك وبقرة أبيك وفى اليوم التالي .. خرج الغلام بالبقرة إلي المراعي .. فرآها بنو إسرائيل .. ووجدوا الأوصاف تنطبق عليها تماماً فأسرعوا

    إلي الغلام وطلبوا منه ان يعطوه أحسن بقرة يختارها علي أن يترك لهم هذه البقرة ، ولكن الغلام رفض فطلبوا منه أن يذهب معهم إلي نبي الله موسي عليه السلان فوافق ، وذهبوا

    جميعاً إلي موسي عليه السلام ومعهم بقرة الغلام الصفراء ..

    إحياء القتيل


    وجد موسي عليه السلام أن بقرة الغلام هي صاحبة الأوصاف المطلوبة فقال للغلام : أعطهم بقرتك .. فقال الغلام : يانبي الله أنا يتيم ، وهذه البقرة هي كل مالى وأنا أحق

    بمالي .. فقال له موسي عليه السلام : صدقت . ثم قال للقوم : أرضوا الغلام . فلم يرضي الغلام إلا بوزن البقرة ذهباً فغرم بنو إسرائيل ذلك المال جزاء عنادهم

    وجدالهم .. واخذ الغلام الذهب مكافأة من الله علي طاعته وطاعة والدية الصالحين ..

    ثم أوحي الله عز وجل إلي موسي عليه السلام ان يذبحوا البقرة ويأخذوا منها جزءاً ويضربوا به القتيل ، ففعلوا فأحيا الله عز وجل القتيل .. فقام والدم يسيل منه وأخبرهم أن

    الذي قتله هو ابن أخيه طمعاً فى ماله والزواج من ابنته .. ثم مات مرة أخري .. فأمسك بنو إسرائيل بالقاتل ، ورجموه بالحجارة حتي قتلوه ..وكانت قصة البقرة هذه

    معجزة عظيمة من المعجزات ، تدل علي قدرة الله عز وجل الذي يحيي الموتي وهو علي كل شئ قدير قال تعالي :

    وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ

    فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .. البقرة 72-73 ..

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( سـٍُلـيـمـان عـلـيـه ـآ‘لـسـلام )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 18:44

    استمر نبي الله سليمان عليه السلام يحكم مملكة بني إسرائيل ،بما آتاه اللع تعالي من الملك والنبوة ويدعو قومه إلي عبادة الله الواحد القهار ، وتطبي شريعة الله ،ونشر دينه فى الأرض

    ماشاء الله تعالي له أن يحيا حتي حضرته الوفاة ،فتوفاه الله تعالي وكما كانت حياة سليمان عليه السلام مليئة بالغرائب والمعجزات ،والخوارق االتي سخرها الله تعالي له ، مثل تسخير الجن

    لخدمته ،وتسخير الرياح لحمله إلي أى مكان شاء الذهاب إليه ، وفهمه لغة الطيور والحيوانات وحديثه معها ، وغيرها ، كذلك كانت وفاة سليمان عليه السلام آية وعبرة .. فد أراد الله

    تعالي أن يموت سليمان عليه السلام بطريقة معينة لحكمة عليا اقتضتها مشيئته سبحانه ، وهي إبطال اعتقاد خاطئ سيطر على الناس فى عهد سليمان عليه السلام وهي أن فى استطاعته الجن

    الاطلاع على الغيب ،ومعرفته والذي كادت أن تقع بينهم فتنه بسببه.. وقد كان الجن يوهمون الناس بأن فى مقدورهم الاطلاع علي الغيب ..

    وقد زاد فى اعتقاد الناس بقدرة الجن على معرفة الغيب والاطلاع عليه ماكانوا يرونه من الأعمال الخارقة ، التي يقوم بها الجن والتي كان نبي الله سليمان عليه السلام يكلفهم أداءها مثل بناء

    القصور والدور والمحاريب والغوص فى أعماق البحار واستخراج اللؤلؤ والمرجان وغيرهما من الأحجار الكريمة ..

    كما أن الجن كانوا يقومون بغير ذلك من الأعمال الخارقة ولذلك كان من السهل علي الناس أن يصدقوا أن الجن يمكن لهم الاطلاع علي الغيب ومعرفته ..

    اعتقد الناس ذلك فى زمن النبي سليمان عليه السلام ونسوا أن الغيب أمر لا يعلمه إلا الله وحده ..نسوا أن معرفة الغيب أمر يستحيل لأي مخلوق الاطلاع عليه ..

    الغيب أمر مستحيل علي الإنس والجن الأنبياء حتي سليمان عليه السلام لم يكن ليعلم الغيب فكيف تعلمه الجن ولذلك جاء موت سليمان عليه السلام كما سنعرف من قليل ليكذب هذا الاعتقاد

    ويوضح للناس أن الغيب سر من أسرار الله تعالي والذي لا يمكن أن يطلع عليه أحد من خلقه ..

    قال الله تعالي : فلما قضينا عليه الموت مادلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين .. سبأ 14

    روي ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم قال ،قال صلي الله عليه وسلم : كان سليمان نبي الله عليه السلام إذا صلي رأي شجرة نابته بين يديه فيقول لها :مااسمك؟ فتقول كذا فيقول

    لأي شئ أنت؟! فإن كانت لغرس غرست ، وإن كانت لدواء أنبتت ، فبينما هو يصلي ذات يوم إذ شجرة بين يديه ، فقال لها : مااسمك ؟! قالت : الخروب قال لأي شئ أنت؟!

    قالت لخراب هذا البيت فقال سليمان عليه السلام : اللهم عم علي الجن موتي ، حتي تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب ، فنحتها عصاً فتوكأ عليها حولاً عاماً والجن تعمل فأكلتها الأرضة

    فتبينت الإنس ن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين فشكرت الجن للأرضة فكانت تأتيها بالماء ..

    لما انقضي عمر سليمان عليه السلام فى الدنيا وحان وقت موته دخل محرابة للصلاة والاعتكاف لله تعالي وكان المحراب مبنياً من الزجاج الثمين بحيث يري من خارجة من بداخله .

    وقف نبي الله سليمان عليه السلام متكئاً علي عصاه وأخذ يصلي لله .. وقد كان من عادة سليمان عليه السلام إذا دخل محرابه ألا يدخل عليه أحد من إنس أو جن ليقطع صلاته واعتكافه

    حتي يخرج هو إليهم ..

    وكانت الجن والشياطين يرون سليمان عليه السلام فى أثناء اعتكافه وصلاته ولذلك كانوا يستمرون فى أداء الأعمال الشاقة التي كلفهم سليمان عليه السلام أدائها خوفاً من عقابه لهم وتعذيبه

    إياهم ..

    وانقضي عمر سليمان عليه السلام فهبط له ملك الموت وقبض روحه ..

    وظل سليمان عليه السلام مستنداً إلي عصاه والجن والشياطين ينظرون إليه يطنون أنه لم يزل حياً ، ولذلك استمروا فى اداء أعمالهم الشاقة التي كلفهم إياها سليمان عليه السلام .

    واستمر سليمان عليه السلام مستنداً إلي عصاه عاماً كاملاً والجن ومردة الشياطين يظنون أنه لم يزل حياً ..

    أراد الله تعالي كشف ادعاء الجن بمعرفة الغيب واعتقاد الإنس فى ذلك ..

    أرسل الله تعالي دابة الأرض وي نوع من النمل يقال له الأرضة علي عصا سليمان عليه السلام التي يتكي عليها فأخذت تأكلها ..

    وبمرور الأيام أكلت دابة الأرض جزءاً من العصا حتي أضعفتها وتحت ثقل جسم سليمان عليه السلام كسرت العصا ..وسقط جسد سليمان عليه السلام علي أرض المحراب ، محدثاً صوتاً

    وأسرع الناس يستطلعون ماحدث داخل المحراب فوجدوا سليمان عليه السلام قد مات منذ فتره .. ويقال إنهم قد حسبوا الجزء الذي تأكله دابة الأرض فى اليوم الواحد ، فعرفوا أن سليمان

    عليه السلام قد مكث ميتاً عاماً كاملاً قبل أن يكتشفوا موته ..

    وأيقن الناس أن الجن كانوا يكذبون عليهم حينما كانوا يوهمونهم بقدرتهم علي معرفة الغيب ولو كانوا صادقين فى ادعائهم لعلموا بموت سليمان عليه الله فى حينه ، ولما ظلوا طول هذا الوقت

    مقيدين فى الأغلال وهم يؤدون الأعمال الشاقة التي كلفهم سليمان عليه السلام بأداءها وهم يظنون أنه يراقبهم..

    ويقال إن الجن قد قالوا للأرضة بعد أن علموا أنها كانت السبب فى كشف موت سليمان عليه السلام : لو كنت تأكلين الطعام لأتيناك بأطيب الطعام ولو كنت تشربين الشراب سقيناك أطيب

    الشراب ولكننا سننقل إليك الماء والطين ..

    ومما يروي فى موت سليمان أن سليمان عليه السلام قال لملك الموت : إذا أردت أن تقبض روحي فأعلمني ..

    فقال ملك الموت : ما أنا أعلم بذاك منك إنما هي كتب يلقي إلي فيها تسميه من يموت ..

    وهذا يؤكد أن الغيب أمر من اختصاص الله تعالي لا يطلع عليه أحد من خلقة حتي الملائكة والأنبياء وقد سئل رسولنا صلي الله عليه وسلم عن الساعة فقال : ما المسئول عنها بأعلم من

    السائل ..

    مات نبي الله سليمان عليه السلام كمان مات من سبقه من الأنبياء وكما تموت الأحياء فالموت هو نهاية كل حي ..

    ويقال أنه عاش اثنين وخمسين عاماً .. وشيع إلي مثواه الأخير فى موكب جليل يليق به كنبي وملك وقد حزن لموته الإنس والطير والوحوش .. ولم لا تحزن الطيور والوحوش علي

    موته ، وقد كان سليمان عليه السلام هو الوحيد على الأرض الذي كان يفهم لغاتها ويتحدث إليها فتفهم منه ويأمرها فتطيعه وقد تولي ملك بني إسرائيل بعد سليمان عليه السلام ابنه رحبعم

    ويقال إن مدة حكمه قد امتدت سبعة عشر عاماً ثم تفرق ملك بني إسرائيل فتولي كل سبط منهم ملك ..

    فكان إبيا بن رحبعم ملكاً علي سبط يهوذا وبنيامين دون سائر الأسباط ..

    أما سائر أسباط بني إسرائيل فقد تولي أمر ملكهم يوربعم بن نابط بن سليمان ..

    وكان ذلك بداية تفرق ملك بني إسرائيل وشتات أمرهم ، كما سنري بعد ذلك ..
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( عـٍيـٍسـيَ عـلـيـه ـآ‘لـسـلام )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 18:45

    كانت حنة بنت فاقوذا زوجة الشيخ عمران ، امرأة عاقراً لا يتلد أطفالاًُ وكانت تتمني أن يرزقها الله طفلاً تسعد به ، وتسعد به زوجها ...

    وأخيراً استجاب الله دعاء حنة وجاءتها البشارة . لقد حملت وبدأ الجنين يتحرك فى بطنها فرحت حنة فرحاً شديداً ، وغمرتها السعادة . لقد حقق الله لها أمنيتها رغم أنها

    تقدمت فى السن ، وزوجها شيخ كبير . ونذرت أن تهب مافي بطنها لخدمة بيت الله (بيت المقدس (

    ومرت الأيام وحين وضعت حنة مولودها حزنت حزناً شديداً لأن المولود كان أنثي ، والأنثي لا تصلح لخدمة بيت الله وقالت : فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ .. آل عمران 36

    رحم الله ضعف هذه الأم ، وقبل نذرها فى أن تكون ابنتها خادمة لبيت الله .

    أسرعت حنة ولفت ابنتها مريم فى ثيابها وحملتها إلي بيت المقدس ثم أعطتها للأحبار فيه ، وقالت لهم : هذه ابنتي ، وقد نذرتها لخدمة بيت الله . وعادت إلي بيتها مطمئنة

    القلب ، ومرتاحة البال . فقد أدت ماعليها من نذر لله .

    وتسابق الأحبار ، كل منهم يريد أن يتولي أمر مريم وتربيتها فقال لهم زكريا : أنا أحق منكم جميعاً بتربيتها لقد مات أبوها (عمران)وأنا زوج خالتها ..

    لكن كل واحد منهم أصر علي موقفه وأخيراً اتفقوا علي عمل قرعة وهي أن يذهبوا جميعاً إلي النهر وكل واحد يلقي بقلمه فيه فمن يطفو قلمه علي سطح الماء هو الذي يتولي أمر

    مريم .

    وهناك علي شاطئ النهر وقفوا وألقي كل واحد قلمه فى الماء فغاصت الأقلام كلها فى النهر إلا قلم سيدنا زكريا عليه السلام فقد طفا علي سطح الماء : ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ .. آل عمران 44 .

    تولي سيدنا زكريا عليه السلام أمر مريم وتربيتها وبني لها غرفة عاليه فى بيت المقدس وظل يخدمها ويوفر لها كل حاجاتها ، نشأت مريم فى محرابها ، تعبد الله فى خشوع وضراعة

    وتخدم فى بيته وفاءاً لنذر أمها حنة .

    وذات يوم دخل عليها زكريا المحراب فدهش لما رآه .. لقد وجد عندها طعاماً لم يحضره لها ، فسألها فى استغراب : من أين لك هذا ..؟ من الذي أحضر لك هذا الطعام ،

    وأنت فى مكان لا يدخل عليك أحد ..؟! قالت مريم : هو من عند الله ، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب .

    كان زكريا كلما دخل علي مريم المحراب يجد عندها طعاماً لم يحضره لها وفى الشتاء يجد عندها فاكهة الصيف وفى الصيف يجد عندها فاكهة الشتاء أدرك زكريا أن الله سبحانه

    وتعالي قد اختص مريم بمنزلة كريمة ، وأنه قد اصطفاها دون سائر النساء .

    كانت الملائكة تأتي إلي مريم فى محرابها ، تبشرها بأن الله منحها منزلة عالية وفضلاً عظيماً وعليها ان تقابل ذلك بشكر الله وحمده وأن تكثر من عبادته فكانت كل وقتها فى عبادة

    الله وخدمة بيته حتي كبرت وأصبحت شابة ناضجة ..

    وذات يوم وبينما مريم تعبد الله فى خشوع ظهر أمامها ملك من السماء فى صورة إنسان وقال لها : أنا رسول ربك جئت أبشرك بأن الله سيهب لك ولداً زكياً .

    دهشت مريم من كلام الملك ، وتساءلت : كيف يكون لي ولد وأنا فتاة لم أتزوج ..؟ قال الملك : قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا .. مريم 21 .

    جلست مريم حائرة تفكر فيما قاله الملك ، وتخيلت ماسيقوله الناس عنها .. عن فتاة تحمل وتلد من غير أن يكون لها زوج . لا شك أنهم سوف يتهمونها بسوء الخلق ويشكون

    فى سلوكها .

    لقد أصبحت مريم من يومها تحب العزلة وتميل إلي الجلوس وحدها ، كئيبة حزبنة تفكر فى هذا السر الرهيب فى بطنها . لا تهنأ بطعام أو شراب حتي أحست بالجنين يتحرك فى

    بطنها فخافت من الفضيحة والعار ..!! عندئذ ذهبت مريم إلي واد للرعاة مهجور وجلست فيه وحدها بعيداً عن أعين الناس إلي أن حانت ساعة الولادة فاتكأت علي جذع

    نخلة وقالت : فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا .. مريم 23

    ثم وضعت مولودها عيسي عليه السلام ولم يكن معها أحد يساعدها فى مثل هذه الحالة التي تحتاج فيها المرأة إلي المساعدة . لكن الله كان معها وهو كافيها .

    حملت مريم وليدها ، وعادت إلي قريتها وحين رآها أهل القرية أصابتهم الدهشة والعجب وصرخوا فى وجهها بعضهم يتهمها فى شرفها وعرضها وبعضهم مشفق عليها ويقول لها

    يا مريم لقد كان أبوك رجلاً عالماً وصالحاً وكانت أمك امرأة فاضلة فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا

    يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا .. مريم 27-28

    لقد تعرضت الأم مريم لمحنة قاسية ، لم تتعرض لها أم شريفة عفيفة ولكنها واجهتها وتحملتها مؤمنة بربها راضية بأمره وقضائه ..

    ولم تجد مريم جواباً علي اتهامات الناس غير ان لجأت إلي الله وأشارت إلي ابنها الرضيع وقالت : إسألوه . تعجب القوم من مريم كيف يسألون طفلاً رضيعاً لا يستطيع الكلام

    لكن الجواب جاءهم عن لسان هذا الوليد حين أنطقه الله وقال لهم : قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا .. مريم 30

    ذهل القوم من هول المفاجأة وآمنوا بأن لهذا الطفل شأناً عظيماً وإن كلامه وهو فى المهد آية من الله علي براءة مريم من كل شك أو سوء خلق ..

    لكن بعض الناس ممن لم يسمعوا عيسي يتكلم ظنوا أن هذه حيلة من اهل مريم لتبرئتها من تهمتها وظلوا يتهمونها بسوء الخلق .

    فى وسط كل هذه الاتهامات والشكوك عاشت مريم ولا هم لها إلا تربية ابنها ورعايته كانت تتحمل نظرات الشك فى عيونهم بنفسية المؤمن الواثق بطهارته والمطمئن لحكمة ربه .

    ولما شب عيسي عليه السلام أرسلته الأم مريم ليتعلم فأقبل عيسي علي التعليم وأحبه حتي عرف بين زملائه بالذكاء وحسن الخلق وكان مضرب الأمثال فى فهمه وتصرفاته وحين

    علم اليهود بأمر هذا الغلام المبارك خافوا منه وحقدوا عليه وتوعدوه بالإيذاء والسوء خافت الأم مريم علي ابنها من اليهود فهي تعلم غدرهم وسوء نياتهم فأخذته وفرت به إلي مصر

    لتحميه منهم .

    وهناك فى مصر أقامت مريم تعمل وتكدح لتربي ولدها وتوفر له كل أسباب الراحة كانت تغزل الكتان وتبيعه وتلتقط سنابل القمح فى أيام الحصاد وهي تحمل عيسي علي كتفها

    وعلي الكتف الآخر تضع الوعاء الذي تجمع فيه السنابل ، ولما بلغ عمر عيسي ثلاث عشر سنه عادت به إلي القدس وأقامت فى بلده تسمي الناصرة .

    كانت دائماً تلاحظ عيسي وتراقبه وتخاف عليه من اليهود وتبذل كل جهدها فى تربيته وتعليمه ، كانت تعده لليوم الموعود الذي ينتظره حتي بلغ عمره ثلاثين عاماً ..

    وفى أحد الأيام صعد عيسي مع أمه جبل الزيتون وبينما هو يصلي ، إذا بنور يملأ المكان من حوله وجاءه وحي الله يخبره بأن الله اختاره نبياً مرسلاً إلي بني إسرائيل لينشر بينهم

    رسالة المحبة ويعيدهم إلي طريق الله الحق .

    جلس عيسي مع امه التي تولت رعايته وتربيته وحدها وتحملت فى سبيل ذلك العناء والمشقة حتي صار رجلاً بين الرجال ..

    وقص عليها أمر الوحي الذي جاءه من ربه وأصبح عليه من الآن أن يستحمل عبء الرسالة ومشقة الدعوة إلي طريق الله الصحيح وتبليغها إلي الناس وأنه لم يعد قادراً علي البقاء

    معها إن مسئوليات الرسالة التي كلفها ستشغله عن كل شئ حتي أمه .

    كانت مريم تسمع حديث ابنها وقلبها يرفرف من الفرحة والسعادة إن ابنها الذي اتهمها الناس فى شرفها عندما ولدته والذي تولت تربيته والعناية به أصبح اليوم رسولاً من الله إلي

    الناس فقالت له : يابني .. إني علمت ذلك قبل أن تولد ، اذهب يابني لتبليغ دعوة الله ونشر دينه .

    فارق عيسي أمه بعد أن عاش معها ثلاثين عاماً قامت خلالها بإعداده للعمل العظيم الذي ينتظره .. بدأ سيدنا عيسي عليه السلام يدعو إلي عبادة الله الواحد ، وأخذ يدعو بني

    إسرائيل إلي الإيمان وقال لهم :- إني رسول الله إليكم أدعوكم إلي طاعة الله الواحد القهار ، وترك المعاصي التي تغضب الله لكن القوم لم يستمعوا إليه وسخروا منه فأحس

    عيسي عليه السلام بالحزن علي قومه وأراد لهم الهداية فقال لهم : هل تؤمنون بالله إن جئتكم بمعجزة ..؟

    قالوا له وما هي هذه المعجزة ..؟ قال عيسي : وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ .. آل عمران 49

    فقالوا له : إن فعلت ماتقول سنؤمن بك ، ونصدق ماتقول فأخذ عيسي عليه السلام الطين ، وشكله علي هيئة طائر ثم نفخ فيه ، فصار طائراً بإذن وطار أمامهم فى الفضاء .

    فقال أحدهم : والله إنه لساحر .. وقال آخر : هل تستطيع ياعيسي يابن مريم أن ترد البصر إلي هذا الرجل الأعمي ..؟

    رد عيسي : نعم .. بإذن الله .. فتقدم إليه الرجل الإعمي ، فمرر سيدنا عيسي يديه علي عينيه ، ففتح الرجل عينيه وأبصر بإذن الله .

    لكن القلوب إذا تحجرت عميت عن الحق ، وضلت وأضلت . ولم يؤمن قوم عيسي ولم يتبعوه ، بل قالوا له : لن نؤمن بك حتي تحيي الموتي .

    سبحان الله .. كل هذه المعجزات تحدث أمامهم ، ويطالبون رسول الله بمعجزة أخري !! فما كان من عيسي إلا أن ذهب إلي قبر رجل وأمره أن يقوم بإذن الله ، فقام الميت

    وخرج من قبره ، وهو ينفض رأسه من التراب ..

    ومع كل هذا لم يؤمن بنو إسرائيل ، ولم يصدقوا عيسي عليه السلام ، بل قالوا حجة الكفر الأبدية : إنك سحرتنا ولن نصدقك أبداً وانصرفوا من حوله وتركوه وحيداً لم ييئس عيسي

    عليه السلام من بني إسرائيل ، وظل يدعوهم إلي عبادة الله ويقول لهم : وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ .. الصف 6

    فسأله أحد الرجال : ياعيسي هل تستطيع أن تخبرني ، ماذا أدخر فى بيتي ..؟ .. قال عيسي : تدخر فى بيتك كذا وكذا .. وذكر له مايدخره فى منزله .. فما

    كان من الرجل إلا أن سكت ولم ينطق بكلمة ، فكل ماقاله عيسي عليه السلام صحيح ..

    وأقبل العميان والمرضي إلي عيسي عليه السلام جماعات جماعات ، فكان عليه السلام يرد إلي العميان أبصارهم ويشفي المرضي من أمراضهم بإذن الله معجزات كثيرة أجراها

    الحق علي يد سيدنا عيسي عليه السلام ليؤمن به بنو إسرائيل ، ولكنهم سدوا آذانهم عن سماع دعوة الحق ، فقال لهم عيسي : وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ

    إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ .. آل عمران 50-51 .

    فقالوا له : لن نؤمن بك ياعيسي إن هذا سحر عظيم ..

    فقال عيسي : مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ .. آل عمران 52 .

    قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ .. آل عمران 52 ،، ثم نظروا إلي السماء وقالوا : رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ
    آل عمران 53 ..

    وأود هنا أن أقول لكم يا أصدقاء أنه إذا جاء إنسان يقول : إنني رسول من عند الله . فهل يصدقه الناس أم يطالبونه بدليل قاطع علي أنه رسول ..؟ هكذا كان الناس يفعلون

    مع الرسل الذين يرسلهم الله إليهم ، يدعونهم إلي عبادة الله الواحد ، وترك معتقداتهم الخاطئة . كانوا يطالبون الرسل بأدلة تثبت أنهم فعلاً مرسلون من الله وأنهم صادقون فيما

    يبلغونه عن ربهم ولذلك شاءت إرادة الله أن يخص رسله بفعل أشياء يعجز الناس عن فعلها مهما أوتوا من علم وخبرة ومهارة ..

    يفعلون أشياء غير مألوفة يستحيل علي غيرهم فعلها حتي تكون دليلاً قاطعاً علي أنهم فعلاً رسل الله .

    هذه الأشياء التي يفعلها الرسل تسمي معجزات لأن الناس يعجزون عن فعل مثلها ولا يستطيع فعلها إلا الله عز وجل والذي يخص بها رسله وانبياءه ..

    كما كان الله يخص كل رسول بمعجزة من جنس مانبغ فيه قومه ، حتي يعجزوا عن فعلها علي الرغم من نبوغهم وتكون دليلاً علي صدقه .

    إن قوم سيدنا عيسي عليه السلام نبغوا فى الطب وعلاج المرضي ، وتقدموا فى هذا المجال جداً لذلك كانت معجزته من نفس مانبغ فيه قومه كان عليه السلام كما ذكرت لكم يشفي

    المرضي الذين عجز الأطباء فى شفائهم ، بل ويستحيل عليهم فعل ذلك ، رغم تقدمهم فى الطب كان يشفي من ولد أعمي فيعيد إليه بصره ويستحيل علي الأطباء شفاؤه حتي فى

    عصرنا هذا رغم تقدم الطب والعلم .

    بل إنه كان يحيي الموتي بإذن الله ، فكان الميت يخرج من قبره حين يدعوه ويتكلم ويراه من يعرفه ويعرفونه ثم يموت بعد ذلك ويعيدون دفنه هذه معجزة أيده الله بها ويستحيل علي

    العلم والطب أن يحيي من مات مرة أخري لأن الله سبحانه هو الذي يحيي ويميت وهو علي كل شئ قدير ..

    هكذا كان كل رسول يأتي إلي قومه ، تكون معجزته مقصورة علي القوم الذين أرسل إليهم ، وتنتهي بعد حدوثها ولا يراها إلا من كان موجوداً فهي لا تحدث إلا مرة واحدة عدا سيدنا

    محمد صلي الله عليه وسلم فقد أيده الله بنوعين من المعجزات كما سنري فى قصة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ..

    ولنعد الآن إلي سيدنا عيسي عليه السلام وبني إسرائيل ونري ماذا سيحدث بينه وبين قومه ..

    ذات يوم خرج سيدنا عيسي عليه السلام ومعه مجموعة من المؤمنين برسالته المخلصين لدعوته وهم الحواريون خرجوا يدعون الناس إلي الإيمان بالله .. ينتقلون من قرية

    إلي أخري وكانوا يتحملون مشقة السفر وقلة الطعام والماء وإيذاء الكفار لهم واستهزاءهم بهم .

    وانتهي بهم المطاف يوماً إلي صحراء واسعة لا زرع فيها ولا ماء فجلسوا يستريحون وقد ظهر عليهم التعب والإجهاد كانوا جائعين جداً وليس معهم طعام ولا شراب .

    جلسوا يتدارسون فى الدين ويسألون نبي الله عيسي ويتعلمون منه ويفكرون فى أحسن الوسائل لنشر دين الله وإقناع الكافرين .

    وخطر ببال الحواريون سؤال ، لكنهم ترددوا فى إلقائه علي سيدنا عيسي وأخيرا وبعد تردد شديد قالوا : يانبي الله : هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء ..؟

    دهش سيدنا عيسي عليه السلام وتعجب من سؤالهم هذا وقال لهم : أتشكون فى أني رسول الله ..؟ لقد رأيتم أمام اعينكم المعجزات التي أجراها الله علي يدي رأيتم كيف

    أحييت الموتي بإذن الله وجعلت الأعمي يبصر وشفي الله الأبرص بيدي كل ذلك دليل علي قدرة الله وأني حقاً رسوله يؤيدني بالمعجزات .

    قال الحواريون : نحن صادقون فى إيماننا بالله ورسالتك وكل ما نريد هو أن يزداد إيماننا ولتكون المائدة دليلاً جديداً علي صدق دعوتك أمام أعين الناس ثم إننا جائعون ونريد أن

    نأكل لنقوي علي مواصلة السير لنشر الدعوة .

    فكر سيدنا عيسي عليه السلام فيما قالوا : وتأكد له أنهم صادقون فى إيمانهم وأنهم لم يسألوا عن شك فى الله أو فى أنه رسول الله من عنده ورفع عيسي وجهه إلي السماء ودعا

    الله أن ينزل عليهم مائدة من السماء قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ .. المائدة 114 ..

    استجاب الله لدعاء رسوله وقال : قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ..المائدة 115 .

    ونزلت المائدة من السماء تنحدر بين غمامتين وصارت تهبط شيئاً فشيئاً وسيدنا عيسي عليه السلام يدعو الله أن يجعلها خيراً وبركة لا شراً أو نقمة حتي استقرت المائدة علي

    الأرض بين يدي سيدنا عيسي عليه السلام فأكلوا منها باسم الله خير الرازقين .

    قال تعالي : إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ

    قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ

    قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ

    قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ .. المائدة 112-115 ..

    وذات يوم خرج عيسي عليه السلام والحواريون من حوله فلما رآه اليهود قالوا : جاء الساحر .. ابن الساحرة وشتموه وقذفوه بالحجارة وارتفعت أصوات اليهود تقول :

    اقتلوه .. اقتلوا هذا الساحر وهجموا عليه فالتف حوله الحواريون وأخذوا سيدنا عيسي وانطلقوا به إلي دار أحدهم وكان من بين تلاميذه رجل خائن يدعي يهوذا الاسخريوطي

    وهو أحد الحواريون المنافقين الذي أشار إليه المسيح بقوله إن بعضكم ممن يأكل ويشرب معي يسلمني كان هذا الرجل يعرف الموضع الذي اختبأ فيه المسيح فدل عليه وعلي مكانه

    طمعاً فى المكافأه التي سيأخذها إن دل علي مكان عيسي ، وكانت ثلاثين درهماً فأسرع اليهود إلي المكان الذي يختبأ فيه عيسي عليه السلام وكسروا الباب علي عيسي وأصحابه

    ولما دخلوا ألقي الله شبه عيسي علي ذلك الخائن يهوذا فأخذه اليهود وهو يظنون أنه عيسي فقتلوه وصلبوه ورفع الله سيدنا عيسي عليه السلام إليه . يقول الحق عز وجل :

    وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا .. النساء 157 ..

    كان عمر سيدنا عيسي عليه السلام حين رفعه الله إليه ثلاثة وثلاثون سنه ، فتكون مدة دعوته لبني إسرائيل ثلاثة سنوات لأن بعثته كانت فى الثلاثين من عمره .

    إن عقيدتنا نحن المسلمون فى موضوع صلب المسيح هي العقيدة الصحيحة التي أخبرنا بها القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهي أن الله نجي عيسي من اليهود

    ورفعه إليه حياً بجسده وروحه وألقي شبهه علي الخائن يهوذا الذي دل اليهود علي مكانه فصلبوه وهم يعتقدون أنه عيسي بن مريم أراد الله أن يكرم عبده ورسوله عيسي ويرد عليه

    كيد اليهود (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ) ...

    أصدقائي الأعزاء لم تنته مهمة المسيح عيسي بن مريم بعد وسينزل الأرض ليتمم رسالته ويبلغ دعوته فهو حي فى السماء رفعه الله إليه بروحه وجسده وقد أخبرنا سيدنا محمد صلي

    الله عليه وسلم بذلك ونحن نؤمن بما أخبر به القرآن وبما حدث عنه الصادق المصدوق فقال صلي الله عليه وسلم : يوشك أن ينزل فيكم عيسي بن مريم حكماً مقسطاً فيكسر

    الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ..

    وسيحكم بشريعة القرآن فلا يقبل من أحد إلا الإسلام صلوات ربي وسلامه عليه وعلي سيدنا محمد وعلي سائر الأنبياء والمرسلين .

    ذلك عيسي بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون .. صدق الله العظيم
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 من قـصـص ـآ‘لـقـرآن ( لـوٍوٍط عـلـيـه ـآ‘لـسـلام )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 26 أكتوبر 2009 - 18:46

    لـوٍط عـلـيـه ـآ‘لـسـلام

    * نشأة لوط عليه السلام : فى أرض بابل العراق ولد لوط بن هاران بن آزر ، فهو بن أخي سيدنا إبراهيم عليه السلام ، ونشأ لوط

    فوجد والده يصنع الأصنام ويعبدها هو وقومه إلا عمه إبراهيم عليه السلام فإنه كان يعبد الله الواحد الأحد ولا يعبد هذه الأصنام التي يعلم

    أنها لا تنفع لا تضر ، وكان لوط يجد الحب والعطف والأمان في بيت عمه إبراهيم عليه السلام فكان يمكث فى منزله فترات كثيرة وكانت

    زوجة عمه إبراهيم السيدة سارة تعطف عليه وتعامله بحنان وخاصة أنها لم ترزق بأولاد فكانت تعتبره ابناً لها فنشأ لوط وتعلم أخلاق النبوة

    في بيت عمه إبراهيم وشاهد بعينه هذه الآيه التي حدثت لعمه عندما ألقاه قومه فى النار ونجاه الله منها .

    فزاد إيمان لوط بقدرة الله وتصديق نبوة عمه سيدنا إبراهيم عليه السلام .

    * الدعوة وتبليغ الرسالة : وأراد إبراهيم أن يترك أرض العراق بعد أن عاند قومه ولم يؤمن معه أحد إلا ابن أخيه لوط عليه السلام

    فأمر سيدنا إبراهيم عليه السلام ابن أخيه لوط بأن يستعد للهجرة من هذه البلاد إلي أرض الشام لكي يدعو أهلها فخرج لوط مع عمه

    وزوجته وعندما دخل نبي الله ابراهيم عليه السلام أرض فلسطين المباركة أوحي الله إلي لوط عليه السلام أنه قد اصطفاه وجعله نبياً من

    الأنبياء وامره بدعوة اهل سدوم .

    فذهب لوط عليه السلام فاستأذن من عمه إبراهيم في الذهاب ليؤدي رسالة الله ودعوة أهل سدوم لعبادة الله وترك المنكرات وفعل الخيرات

    والبعد عن الموبقات .

    * معصية أهل سدوم : ذهب لوط إلي أهل سدوم فوجدهم علي معاصي كثيرة ويفعلون أمور غريبة وعجيبة فكانوا يقطعون الطريق علي

    الغرباء والمسافرين ويسرقون وأموالهم ويأخذون كل مامعهم ، ومن يعترض عليهم قتلوه ..

    وكان أهل سدوم أول من قاموا بارتكاب معصية عظيمة لم يسبقهم أحد في فعلها ، وجدهم يرتكبون الزنا ولكن ليس مع النساء ، بل مع

    الرجال وهذا مايسمي اللواط فإنهم يتركون قضاء الشهوة مع النساء ويقعون فى اللواط مع الرجال وهذا عجيب جداً لم يقع حتي فى الحيوانات

    فضلاً عن الإنسان فإن الله قد جعل أمراً طبيعياً بين المخلوقات أن الذكر يتزوج الأنثي ويقضي شهوته منها فقط ..

    وقد ذكر الله هذا الفعل القبيح وخطاب سيدنا لوط لهم فقال عز وجل : وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ

    إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ .. الأعراف 80-81 ..

    * نصيحة لوط لقومه : ظل سيدنا لوط عليه السلام فى نصيحة قومه مراراً في محاولة منه أن يصلح ما هم عليه من الفساد واللواط

    والأفعال القبيحة التي لم يسبقهم إليها أحد ، وحذرهم من غضب الله عليهم فإن غضبه شديد أليم وأعاد لوط النصيحة علي قومه مرة بعد

    مرة ولكنهم عاندوه واستكبروا وكرهوا الاستماع إلي كلامه لأنه ينهاهم عن أمور يحبونها ولن يتركوها لكلامه مهما فعل ، ثم قرروا فيما بينهم

    أن يهددوه بإخراجه من بينهم لأنه يخالفهم فيما يفعلون .

    فقال الله عز وجل : وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ .. الأعراف 82

    وفى هذه الآيه يخبرنا الله أنهم يعتبرون الطهر والعفاف الذي يدعوهم إليه لوط عليه السلام يعتبر عندهم جريمة وعيب كبير ، فكان هذا

    هو جوابهم علي دعوة سيدنا لوط لهم ، فقرروا إخراجه من قريتهم ، وعزموا امرهم علي ذلك .

    لأنه أصبح المنكر عندهم معروفاًُ ، والمعروف منكراً بل كان لهم مجالس يفعلون فيها كل منكر وقبيح وذكر مساوئ الناس وعيوبهم ..

    وقد ذكر الله ذلك أيضاً فى كتابه فقال تعالي : وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ

    أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ .. العنكبوت :28-29 ..

    فأعاد سيدنا لوط نصيحتهم وتحذيرهم من عذاب الله عقاباً لهم معاصيهم وأفعالهم القبيحة فعاندوا واستكبروا وقالوا له : يالوط إنك تخوفنا

    بعذاب الله كثيراً فأت به إن كنت صادقاً .

    فذكر الله ذلك فى كتابه فقال : فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ .. العنكبوت : 29

    * دعاء لوط علي قومه : بعد أن ظل لوط عليه السلام يدعو قومه وينهاهم ويحذرهم من عذاب الله علي أفعالهم القبيحة وخاصة فعل

    اللوط لم يستجيبوا له ، فغضب عليهم واعتزلهم ودعا عليهم أن يرسل الله عليهم العذاب ، لأنهم أكثروا من فعل الشر ولم يقبلوا دعوته

    إلي الخير والفلاح ، ولم يدعو عليهم إلا بعد عنادهم واستكبارهم وقد جهروا بالمعصية وفعلوها علانية دون خجل أو خوف من الله أو من الناس

    وقد ذكر الله دعاء سيدنا لوط علي قومه قائلاً : قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ .. العنكبوت : 30

    * زيارة الملائكة لسيدنا لوط : وفى هذه الأحوال دخل قرية سدوم ثلاثة من الملائكة هم : جبريل وميكائيل وإسرافيل ..

    وكانوا فى هيئة رجال ذو مناظر جميلة لزيارة سيدنا لوط فلما رآهم خاف عليهم من فعل قومه بالرجال فطلبوا منه أن يكونوا ضيوفه هذه الليلة ..

    فحاول سيدنا لوط أن يخبرهم أن أهل هذه القرية قوم سوء وحاول معهم لكي يخرجوا من القرية ولكن الضيوف الثلاثة أصروا علي أن يضيفهم لوط .

    فما كان من لوط عليه السلام إلا أن وافق وهو خائف عليهم أن يشعر بهم أحد فما كان من زوجة لوط عليه السلام وكانت علي دين قومها

    إلا أن أسرعت بالخروج وأخبرت قومها وقالت : إن فى بيت لوط رجال مارأيت أحسن منهم منظراً ..

    فجاء القوم مسرعين إلي بيت لوط يريدون هؤلاء الأضياف .

    فقال لهم لوط عليه السلام : قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ

    وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ .. الحجر 68-69 ..

    وقال لهم : عندكم النساء فى القرية فتزوجوا بهم واتركوا ضيوفي ولا تمسوهم بسوء أليس منكم رجل حكيم رشيد .

    ولكن قومه رفضوا إلا أن يدخلوا علي ضيوفه ، فما كان منه إلا أن شكا إلي الله موقفه هذا وأنه ليس له أحد ينقذه مما هو فيه .

    * بداية العذاب : فلما أصر قوم لوط علي رأيهم كشف الضيوف عن حقيقة أمرهم وأنهم ملائكة وليسوا بشراً قد أرسلهم الله بالعذاب علي

    قوم لوط .

    ودخل قوم لوط البيت بالقوة يريدون ضيوفه بالسوء فإنهم يظنونهم أنهم رجال ، فضرب جبريل عليه السلام وجوههم فأعمي أبصارهم وكان ذلك

    بداية العذاب وطلبت الملائكة من لوط عليه السلام أن يخرج هو والذين آمنوا معه ليلاً لأن العذاب سيقع بقومه صباحاً ولا يلتفت أحد خلفه

    إلا زوجته فإنها ستكون من الهالكين ، لأنها كانت تخبر قومها عن ضيوف لوط وتفشي أسراره إليهم .


    * تدمير القرية : وفي الليل خرج لوط عليه السلام ومن آمن معه وتركوا القرية كما أمره بذلك الملائكة الكرام .

    وفي الصباح أرسل الله العذاب الشديد علي القوم الكافرين فبدأت السماء تنزل ماءً عبارة عن حجارة من النار هدمت البيوت وأهلكت الناس

    وقام سيدنا جبريل برفع القرية بالكامل بطرف جناحه إلي السماء الأولي حتي سمعت الملائكة فى السماء أصوات الكلاب ، وقلبها علي الأرض

    فدمر الله القريو بأكملها وأهلكهم .

    فقال الله تعالي فى كتابه : قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ .. هود:28

    فأصبحت قرية سدوم عبرة للناس أجمعين من بعدهم ونجي الله سيدنا لوط ومن آمن معه برحمته وفضله بسبب إيمانهم وخشيتهم لله عز وجل
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 مـن قـصـص ـآ‘لـقـرٍآن ( ـأصـحـاب ـآ‘لـسـبـت )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 21 ديسمبر 2009 - 11:31

    قصة أصحاب السبت



    موقع القصة في القرآن الكريم:

    ورد ذكر القصة في سورة البقرة. كما ورد ذكرها بتفصيل أكثر في سورة الأعرف الآيات 163-166.

    قال الله تعالى، في سورة "الأعراف":

    "وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ .
    وقال تعالى في سورة "البقرة": وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ" .

    وقال تعالى في سورة "النساء":

    " أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا"

    القصة:

    أبطال هذه الحادثة، جماعة من اليهود، كانوا يسكنون في قرية ساحلية. اختلف المفسّرون في اسمها، ودار حولها جدل كثير. أما القرآن الكريم، فلا يذكر الاسم ويكتفي بعرض القصة لأخذ العبرة منها.

    وكان اليهود لا يعملون يوم السبت، وإنما يتفرغون فيه لعبادة الله. فقد فرض الله عليهم عدم الانشغال بأمور الدنيا يوم السبت بعد أن طلبوا منه سبحانه أن يخصص لهم يوما للراحة والعبادة، لا عمل فيه سوى التقرب لله بأنواع العبادة المختلفة.

    وجرت سنّة الله في خلقه. وحان موعد الاختبار والابتلاء. اختبار لمدى صبرهم واتباعهم لشرع الله. وابتلاء يخرجون بعده أقوى عزما، وأشد إرادة. تتربى نفوسهم فيه على ترك الجشع والطمع، والصمود أمام المغريات.

    لقد ابتلاهم الله عز وجل، بأن جعل الحيتان تأتي يوم السبت للساحل، وتتراءى لأهل القرية، بحيث يسهل صيدها. ثم تبتعد بقية أيام الأسبوع. فانهارت عزائم فرقة من القوم، واحتالوا الحيل –على شيمة اليهود- وبدوا بالصيد يوم السبت. لم يصطادوا السمك مباشرة، وإنما أقاموا الحواجز والحفر، فإذا قدمت الحيتان حاوطوها يوم السبت، ثم اصطادوها يوم الأحد. كان هذا الاحتيال بمثابة صيد، وهو محرّم عليهم.

    فانقسم أهل القرية لثلاث فرق. فرقة عاصية، تصطاد بالحيلة. وفرقة لا تعصي الله، وتقف موقفا إيجابيا مما يحدث، فتأمر بالمعروف وتنهى عن المكر، وتحذّر المخالفين من غضب الله. وفرقة ثالثة، سلبية، لا تعصي الله لكنها لا تنهى عن المكر.

    وكانت الفرقة الثالثة، تتجادل مع الفرقة الناهية عن المنكر وتقول لهم: ما فائدة نصحكم لهؤلاء العصاة؟ إنهم لن يتوفقوا عن احتيالهم، وسيصبهم من الله عذاب أليم بسبب أفعالهم. فلا جدة من تحذيرهم بعدما كتب الله عليهم الهلاك لانتهاكهم حرماته.

    وبصرامة المؤمن الذي يعرف واجباته، كان الناهون عن المكر يجيبون: إننا نقوم بواجبنا في الأمر بالمعروف وإنكار المنكر، لنرضي الله سبحانه، ولا تكون علينا حجة يوم القيامة. وربما تفيد هذه الكلمات، فيعودون إلى رشدهم، ويتركون عصيانهم.

    بعدما استكبر العصاة المحتالوا، ولم تجد كلمات المؤمنين نفعا معهم، جاء أمر الله، وحل بالعصاة العذاب. لقد عذّب الله العصاة وأنجى الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. أما الفرقة الثالثة، التي لم تعص الله لكنها لم تنه عن المكر، فقد سكت النصّ القرآني عنها. يقول سيّد قطب رحمه الله: "ربما تهوينا لشأنها -وإن كانت لم تؤخذ بالعذاب- إذ أنها قعدت عن الإنكار الإيجابي, ووقفت عند حدود الإنكار السلبي. فاستحقت الإهمال وإن لم تستحق العذاب" (في ظلال القرآن).

    لقد كان العذاب شديدا. لقد مسخهم الله، وحوّلهم لقردة عقابا لهم لإمعانهم في المعصية.

    وتحكي بعض الروايات أن الناهون أصبحوا ذات يوم في مجالسهم ولم يخرج من المعتدين أحد. فتعجبوا وذهبوا لينظرون ما الأمر. فوجودا المعتدين وقد أصبحوا قردة. فعرفت القردة أنسابها من الإنس, ولم تعرف الإنس أنسابهم من القردة; فجعلت القردة تأتي نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي; فيقول: ألم ننهكم! فتقول برأسها نعم.

    الروايات في هذا الشأن كثيرة، ولم تصح الكثير من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنها. لذا نتوقف هنا دون الخوض في مصير القردة، وكيف عاشوا حياتهم بعد خسفهم
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 مـن قـصـص ـآ‘لـقـرٍآن ( ـآ‘لـخـضـرٍ )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 21 ديسمبر 2009 - 11:33

    قصة الخضر

    موقع القصة في القرآن الكريم:
    ورد ذكر القصة في سورة الكهف الآيات 60-82.


    قال تعالى:

    وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) (الكهف)

    كان لموسى -عليه السلام- هدف من رحلته هذه التي اعتزمها،, وأنه كان يقصد من ورائها امرا، فهو يعلن عن تصميمه على بلوغ مجمع البحرين مهما تكن المشقة، ومهما يكن الزمن الذي ينفه في الوصول. فيعبر عن هذا التصميم قائلا (أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا).

    نرى أن القرآن الكريم لا يحدد لنا المكان الذي وقت فيه الحوادث، ولا يحدد لنا التاريخ، كما أنه لم يصرح بالأسماء. ولم يبين ماهية العبد الصالح الذي التقاه موسى، هل هو نبي أو رسول؟ أم عالم؟ أم ولي؟

    اختلف المفسرون في تحديد المكان، فقيل إنه بحر فارس والروم، وقيل بل بحر الأردن أو القلزم، وقيل عند طنجة، وقيل في أفريقيا، وقيل هو بحر الأندلس.. ولا يقوم الدليل على صحة مكان من هذه الأمكنة، ولو كان تحديد المكان مطلوبا لحدده الله تعالى.. وإنما أبهم السياق القرآني المكان، كما أبهم تحديد الزمان، كما ضبب أسماء الأشخاص لحكمة عليا.

    إن القصة تتعلق بعلم ليس هو علمنا القائم على الأسباب.. وليس هو علم الأنبياء القائم على الوحي.. إنما نحن أمام علم من طبيعة غامضة أشد الغموض.. علم القدر الأعلى، وذلك علم أسدلت عليه الأستار الكثيفة.. مكان اللقاء مجهول كما رأينا.. وزمان اللقاء غير معروف هو الآخر.. لا نعرف متى تم لقاء موسى بهذا العبد.

    وهكذا تمضي القصة بغير أن تحدد لك سطورها مكان وقوع الأحداث، ولا زمانه، يخفي السياق القرآني أيضا اسم أهم أبطالها.. يشير إليه الحق تبارك وتعالى بقوله: (عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ) هو عبد أخفى السياق القرآني اسمه.. هذا العبد هو الذي يبحث عنه موسى ليتعلم منه.

    لقد خص الله تعالى نبيه الكريم موسى -عليه السلام- بأمور كثيرة. فهو كليم الله عز وجل، وأحد أولي العزم من الرسل، وصاحب معجزة العصا واليد، والنبي الذي أنزلت عليه التوراة دون واسطة، وإنما كلمه الله تكليما.. هذا النبي العظيم يتحول في القصة إلى طالب علم متواضع يحتمل أستاذه ليتعلم.. ومن يكون معلمه غير هذا العبد الذي يتجاوز السياق القرآني اسمه، وإن حدثتنا السنة المطهرة أنه هو الخضر -عليه السلام- كما حدثتنا أن الفتى هو يوشع بن نون، ويسير موسى مع العبد الذي يتلقى علمه من الله بغير أسباب التلقي الني نعرفها.
    ومع منزلة موسى العظيمة إلا أن الخضر يرفض صحبة موسى.. يفهمه أنه لن يستطيع معه صبرا.. ثم يوافق على صحبته بشرط.. ألا يسأله موسى عن شيء حتى يحدثه الخضر عنه.

    والخضر هو الصمت المبهم ذاته، إنه لا يتحدث، وتصرفاته تثير دهشة موسى العميقة.. إن هناك تصرفات يأتيها الخضر وترتفع أمام عيني موسى حتى لتصل إلى مرتبة الجرائم والكوارث.. وهناك تصرفات تبدو لموسى بلا معنى.. وتثير تصرفات الخضر دهشة موسى ومعارضته.. ورغم علم موسى ومرتبته، فإنه يجد نفسه في حيرة عميقة من تصرفات هذا العبد الذي آتاه الله من لدنه علما.

    وقد اختلف العلماء في الخضر: فيهم من يعتبره وليا من أولياء الله، وفيهم من يعتبره نبيا.. وقد نسجت الأساطير نفسها حول حياته ووجوده، فقيل إنه لا يزال حيا إلى يوم القيامة، وهي قضية لم ترد بها نصوص أو آثار يوثق فيها، فلا نقول فيها إلا أنه مات كما يموت عباد الله.. وتبقى قضية ولايته، أو نبوته.. وسنرجئ الحديث في هذه القضية حتى ننظر في قصته كما أوردها القرآن الكريم.

    قام موسى خطيبا في بني إسرائيل، يدعوهم إلى الله ويحدثهم عن الحق، ويبدو أن حديثه جاء جامعا مانعا رائعا.. بعد أن انتهى من خطابه سأله أحد المستمعين من بني إسرائيل: هل على وجه الأرض أحد اعلم منك يا نبي الله؟
    قال موسى مندفعا: لا..

    وساق الله تعالى عتابه لموسى حين لم يرد العلم إليه، فبعث إليه جبريل يسأله: يا موسى ما يدريك أين يضع الله علمه؟
    أدرك موسى أنه تسرع.. وعاد جبريل، عليه السلام، يقول له: إن لله عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك.

    تاقت نفس موسى الكريمة إلى زيادة العلم، وانعقدت نيته على الرحيل لمصاحبة هذا العبد العالم.. سأل كيف السبيل إليه.. فأمر أن يرحل، وأن يحمل معه حوتا في مكتل، أي سمكة في سلة.. وفي هذا المكان الذي ترتد فيه الحياة لهذا الحوت ويتسرب في البحر، سيجد العبد العالم.. انطلق موسى -طالب العلم- ومعه فتاه.. وقد حمل الفتى حوتا في سلة.. انطلقا بحثا عن العبد الصالح العالم.. وليست لديهم أي علامة على المكان الذي يوجد فيه إلا معجزة ارتداد الحياة للسمكة القابعة في السلة وتسربها إلى البحر.

    ويظهر عزم موسى -عليه السلام- على العثور على هذا العبد العالم ولو اضطره الأمر إلى أن يسير أحقابا وأحقابا. قيل أن الحقب عام، وقيل ثمانون عاما. على أية حال فهو تعبير عن التصميم، لا عن المدة على وجه التحديد.

    وصل الاثنان إلى صخرة جوار البحر.. رقد موسى واستسلم للنعاس، وبقي الفتى ساهرا.. وألقت الرياح إحدى الأمواج على الشاطئ فأصاب الحوت رذاذ فدبت فيه الحياة وقفز إلى البحر.. (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا).. وكان تسرب الحوت إلى البحر علامة أعلم الله بها موسى لتحديد مكان لقائه بالرجل الحكيم الذي جاء موسى يتعلم منه.

    نهض موسى من نومه فلم يلاحظ أن الحوت تسرب إلى البحر.. ونسي فتاه الذي يصحبه أن يحدثه عما وقع للحوت.. وسار موسى مع فتاه بقية يومهما وليلتهما وقد نسيا حوتهما.. ثم تذكر موسى غداءه وحل عليه التعب.. (قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا).. ولمع في ذهن الفتى ما وقع.
    ساعتئذ تذكر الفتى كيف تسرب الحوت إلى البحر هناك.. وأخبر موسى بما وقع، واعتذر إليه بأن الشيطان أنساه أن يذكر له ما وقع، رغم غرابة ما وقع، فقد اتخذ الحوت (سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا).. كان أمرا عجيبا ما رآه يوشع بن نون، لقد رأى الحوت يشق الماء فيترك علامة وكأنه طير يتلوى على الرمال.
    سعد موسى من مروق الحوت إلى البحر و(قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ).. هذا ما كنا نريده.. إن تسرب الحوت يحدد المكان الذي سنلتقي فيه بالرجل العالم.. ويرتد موسى وفتاه يقصان أثرهما عائدين.. انظر إلى بداية القصة، وكيف تجيء غامضة أشد الغموض، مبهمة أعظم الإبهام.

    أخيرا وصل موسى إلى المكان الذي تسرب منه الحوت.. وصلا إلى الصخرة التي ناما عندها، وتسرب عندها الحوت من السلة إلى البحر.. وهناك وجدا رجلا.

    يقول البخاري إن موسى وفتاه وجدا الخضر مسجى بثوبه.. وقد جعل طرفه تحت رجليه وطرف تحت رأسه.
    فسلم عليه موسى، فكشف عن وجهه وقال: هل بأرضك سلام..؟ من أنت؟
    قال موسى: أنا موسى.
    قال الخضر: موسى بني إسرائيل.. عليك السلام يا نبي إسرائيل.
    قال موسى: وما أدراك بي..؟
    قال الخضر: الذي أدراك بي ودلك علي.. ماذا تريد يا موسى..؟
    قال موسى ملاطفا مبالغا في التوقير: (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا).
    قال الخضر: أما يكفيك أن التوراة بيديك.. وأن الوحي يأتيك..؟ يا موسى (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا).
    نريد أن نتوقف لحظة لنلاحظ الفرق بين سؤال موسى الملاطف المغالي في الأدب.. ورد الخضر الحاسم، الذي يفهم موسى أن علمه لا ينبغي لموسى أن يعرفه، كما أن علم موسى هو علم لا يعرفه الخضر.. يقول المفسرون إن الخضر قال لموسى: إن علمي أنت تجهله.. ولن تطيق عليه صبرا، لأن الظواهر التي ستحكم بها على علمي لن تشفي قلبك ولن تعطيك تفسيرا، وربما رأيت في تصرفاتي ما لا تفهم له سببا أو تدري له علة.. وإذن لن تصبر على علمي يا موسى.

    احتمل موسى كلمات الصد القاسية وعاد يرجوه أن يسمح له بمصاحبته والتعلم منه.. وقال له موسى فيما قال إنه سيجده إن شاء الله صابرا ولا يعصي له أمرا.
    تأمل كيف يتواضع كليم الله ويؤكد للعبد المدثر بالخفاء أنه لن يعصي له أمرا.
    قال الخضر لموسى -عليهما السلام- إن هناك شرطا يشترطه لقبول أن يصاحبه موسى ويتعلم منه هو ألا يسأله عن شيء حتى يحدثه هو عنه.. فوافق موسى على الشرط وانطلقا..
    انطلق موسى مع الخضر يمشيان على ساحل البحر.. مرت سفينة، فطلب الخضر وموسى من أصحابها أن يحملوهما، وعرف أصحاب السفينة الخضر فحملوه وحملوا موسى بدون أجر، إكراما للخضر، وفوجئ موسى حين رست السفينة وغادرها أصحابها وركابها.. فوجئ بأن الخضر يتخلف فيها، لم يكد أصحابها يبتعدون حتى بدأ الخضر يخرق السفينة.. اقتلع لوحا من ألواحها وألقاه في البحر فحملته الأمواج بعيدا.
    فاستنكر موسى فعلة الخضر. لقد حملنا أصحاب السفينة بغير أجر.. أكرمونا.. وها هو ذا يخرق سفينتهم ويفسدها.. كان التصرف من وجهة نظر موسى معيبا.. وغلبت طبيعة موسى المندفعة عليه، كما حركته غيرته على الحق، فاندفع يحدث أستاذه ومعلمه وقد نسي شرطه الذي اشترطه عليهقَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا).

    وهنا يلفت العبد الرباني نظر موسى إلى عبث محاولة التعليم منه، لأنه لن يستطيع الصبر عليه (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)، ويعتذر موسى بالنسيان ويرجوه ألا يؤاخذه وألا يرهقه (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا).

    سارا معا.. فمرا على حديقة يلعب فيها الصبيان.. حتى إذا تعبوا من اللعب انتحى كل واحد منهم ناحية واستسلم للنعاس.. فوجئ موسى بأن العبد الرباني يقتل غلاما.. ويثور موسى سائلا عن الجريمة التي ارتكبها هذا الصبي ليقتله هكذا.. يعاود العبد الرباني تذكيره بأنه أفهمه أنه لن يستطيع الصبر عليه ([color=red]قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا).. ويعتذر موسى بأنه نسي ولن يعاود الأسئلة وإذا سأله مرة أخرى سيكون من حقه أن يفارقه (قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا).
    ومضى موسى مع الخضر.. فدخلا قرية بخيلة.. لا يعرف موسى لماذا ذهبا إلى القرية، ولا يعرف لماذا يبيتان فيها، نفذ ما معهما من الطعام، فاستطعما أهل القرية فأبوا أن يضيفوهما.. وجاء عليهما المساء، وأوى الاثنان إلى خلاء فيه جدار يريد أن ينقض.. جدار يتهاوى ويكاد يهم بالسقوط.. وفوجئ موسى بأن الرجل العابد ينهض ليقضي الليل كله في إصلاح الجدار وبنائه من جديد.. ويندهش موسى من تصرف رفيقه ومعلمه، إن القرية بخيلة، لا يستحق من فيها هذا العمل المجاني (قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ).. انتهى الأمر بهذه العبارة.. قال عبد الله لموسى: (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ).
    لقد حذر العبد الرباني موسى من مغبة السؤال. وجاء دور التفسير الآن..
    إن كل تصرفات العبد الرباني التي أثارت موسى وحيرته لم يكن حين فعلها تصدر عن أمره.. كان ينفذ إرادة عليا.. وكانت لهذه الإرادة العليا حكمتها الخافية، وكانت التصرفات تشي بالقسوة الظاهرة، بينما تخفي حقيقتها رحمة حانية.. وهكذا تخفي الكوارث أحيانا في الدنيا جوهر الرحمة، وترتدي النعم ثياب المصائب وتجيد التنكر، وهكذا يتناقض ظاهر الأمر وباطنه، ولا يعلم موسى، رغم علمه الهائل غير قطرة من علم العبد الرباني، ولا يعلم العبد الرباني من علم الله إلا بمقدار ما يأخذ العصفور الذي يبلل منقاره في البحر، من ماء البحر..
    كشف العبد الرباني لموسى شيئين في الوقت نفسه.. كشف له أن علمه -أي علم موسى- محدود.. كما كشف له أن كثيرا من المصائب التي تقع على الأرض تخفي في ردائها الأسود الكئيب رحمة عظمى.
    إن أصحاب السفينة سيعتبرون خرق سفينتهم مصيبة جاءتهم، بينما هي نعمة تتخفى في زي المصيبة.. نعمة لن تكشف النقاب عن وجهها إلا بعد أن تنشب الحرب ويصادر الملك كل السفن الموجودة غصبا، ثم يفلت هذه السفينة التالفة المعيبة.. وبذلك يبقى مصدر رزق الأسرة عندهم كما هو، فلا يموتون جوعا.
    أيضا سيعتبر والد الطفل المقتول وأمه أن كارثة قد دهمتهما لقتل وحيدهما الصغير البريء.. غير أن موته يمثل بالنسبة لهما رحمة عظمى، فإن الله سيعطيهما بدلا منه غلاما يرعاهما في شيخوختهما ولا يرهقهما طغيانا وكفرا كالغلام المقتول.
    وهكذا تختفي النعمة في ثياب المحنة، وترتدي الرحمة قناع الكارثة، ويختلف ظاهر الأشياء عن باطنها حتى ليحتج نبي الله موسى إلى تصرف يجري أمامه، ثم يستلفته عبد من عباد الله إلى حكمة التصرف ومغزاه ورحمة الله الكلية التي تخفي نفسها وراء أقنعة عديدة.
    أما الجدار الذي أتعب نفسه بإقامته، من غير أن يطلب أجرا من أهل القرية، كان يخبئ تحته كنزا لغلامين يتيمين ضعيفين في المدينة. ولو ترك الجدار ينقض لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أن يدفعا عنه.. ولما كان أبوهما صالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتهما وضعفهما، فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته.
    ثم ينفض الرجل يده من الأمر. فهي رحمة الله التي اقتضت هذا التصرف. وهو أمر الله لا أمره. فقد أطلعه على الغيب في هذه المسألة وفيما قبلها، ووجهه إلى التصرف فيها وفق ما أطلعه عليه من غيبه.
    واختفى هذا العبد الصالح.. لقد مضى في المجهول كما خرج من المجهول.. إلا أن موسى تعلم من صحبته درسين مهمين:
    تعلم ألا يغتر بعلمه في الشريعة، فهناك علم الحقيقة.
    وتعلم ألا يتجهم قلبه لمصائب البشر، فربما تكون يد الرحمة الخالقة تخفي سرها من اللطف والإنقاذ، والإيناس وراء أقنعة الحزن والآلام والموت.
    هذه هي الدروس التي تعلمها موسى كليم الله عز وجل ورسوله من هذا العبد المدثر بالخفاء.
    والآن من يكون صاحب هذا العلم إذن..؟ أهو ولي أم نبي..؟
    يرى كثير من الصوفية أن هذا العبد الرباني ولي من أولياء الله تعالى، أطلعه الله على جزء من علمه اللدني بغير أسباب انتقال العلم المعروفة.. ويرى بعض العلماء أن هذا العبد الصالح كان نبيا.. ويحتج أصحاب هذا الرأي بأن سياق القصة يدل على نبوته من وجوه:

    1. أحدها قوله تعالى:

    (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) (الكهف)
    2. والثاني قول موسى له:

    قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (6 قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) (الكهف)

    فلو كان وليا ولم يكن نبي، لم يخاطبه موسى بهذه المخاطبة، ولم يرد على موسى هذا الرد. ولو أنه كان غير نبي، لكان هذا معناه أنه ليس معصوما، ولم يكن هناك دافع لموسى، وهو النبي العظيم، وصاحب العصمة، أن يلتمس علما من ولي غير واجب العصمة.

    3. والثالث أن الخضر أقدم على قتل ذلك الغلام بوحي من الله وأمر منه.. وهذا دليل مستقل على نبوته، وبرهان ظاهر على عصمته، لأن الولي لا يجوز له الإقدام على قتل النفوس بمجرد ما يلقى في خلده، لأن خاطره ليس بواجب العصمة.. إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق.. وإذن ففي إقدام الخضر على قتل الغلام دليل نبوته.
    4. والرابع قول الخضر لموسى:

    رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي
    يعني أن ما فعلته لم أفعله من تلقاء نفسي، بل أمر أمرت به من الله وأوحي إلي فيه.
    فرأى العلماء أن الخضر نبيا، أما العباد والصوفية رأوا أنه وليا من أولياء الله.
    ومن كلمات الخضر التي أوردها الصوفية عنه.. قول وهب بن منبه: قال الخضر: يا موسى إن الناس معذبون في الدنيا على قدر همومهم بها. وقول بشر بن الحارث الحافي.. قال موسى للخضر: أوصني.. قال الخضر: يسر الله عليك طاعته.
    ونحن نميل إلى اعتباره نبيا لعلمه اللدني، غير أننا لا نجد نصا في سياق القرآن على نبوته، ولا نجد نصا مانعا من اعتباره وليا آتاه الله بعض علمه اللدني.. ولعل هذا الغموض حول شخصه الكريم جاء متعمدا، ليخدم الهدف الأصلي للقصة.. ولسوف نلزم مكاننا فلا نتعداه ونختصم حول نبوته أو ولايته.. وإن أوردناه في سياق أنبياء الله، لكونه معلما لموسى.. وأستاذا له فترة من الزمن.
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 مـن قـصـص ـآ‘لـقـرٍآن ( قابيـل وٍ هابيـل )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 21 ديسمبر 2009 - 11:38

    قصة قابيل و هابيل


    موقع القصة في القرآن الكريم:

    ورد ذكر القصة في سورة المائدة الآيات 27-31.

    القصة:

    يروي لنا القرآن الكريم قصة ابنين من أبناء آدم هما هابيل وقابيل. حين وقعت أول جريمة قتل في الأرض. وكانت قصتهما كالتالي.

    كانت حواء تلد في البطن الواحد ابنا وبنتا. وفي البطن التالي ابنا وبنتا. فيحل زواج ابن البطن الأول من البطن الثاني.. ويقال أن قابيل كان يريد زوجة هابيل لنفسه.. فأمرهما آدم أن يقدما قربانا، فقدم كل واحد منهما قربانا، فتقبل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل. قال تعالى في سورة (المائدة):

    وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَإِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (2 (المائدة)

    لاحظ كيف ينقل إلينا الله تعالى كلمات القتيل الشهيد، ويتجاهل تماما كلمات القاتل. عاد القاتل يرفع يده مهددا.. قال القتيل في هدوء:

    إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ (29) (المائدة)

    انتهى الحوار بينهما وانصرف الشرير وترك الطيب مؤقتا. بعد أيام.. كان الأخ الطيب نائما وسط غابة مشجرة.. فقام إليه أخوه قابيل فقتله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل". جلس القاتل أمام شقيقه الملقى على الأرض. كان هذا الأخ القتيل أول إنسان يموت على الأرض.. ولم يكن دفن الموتى شيئا قد عرف بعد. وحمل الأخ جثة شقيقه وراح يمشي بها.. ثم رأى القاتل غرابا حيا بجانب جثة غراب ميت. وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحته إلى جواره وبدأ يحفر الأرض بمنقاره ووضعه برفق في القبر وعاد يهيل عليه التراب.. بعدها طار في الجو وهو يصرخ.

    اندلع حزن قابيل على أخيه هابيل كالنار فأحرقه الندم. اكتشف أنه وهو الأسوأ والأضعف، قد قتل الأفضل والأقوى. نقص أبناء آدم واحدا. وكسب الشيطان واحدا من أبناء آدم. واهتز جسد القاتل ببكاء عنيف ثم أنشب أظافره في الأرض وراح يحفر قبر شقيقه.

    قال آدم حين عرف القصة: (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبينٌ ) وحزن حزنا شديدا على خسارته في ولديه. مات أحدهما، وكسب الشيطان الثاني. صلى آدم على ابنه، وعاد إلى حياته على الأرض: إنسانا يعمل ويشقى ليصنع خبزه. ونبيا يعظ أبنائه وأحفاده ويحدثهم عن الله ويدعوهم إليه، ويحكي لهم عن إبليس ويحذرهم منه. ويروي لهم قصته هو نفسه معه، ويقص لهم قصته مع ابنه الذي دفعه لقتل شقيقه.

    و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    مجاهدة فى سبيل الله
    مجاهدة فى سبيل الله
    عضو مميز
    عضو مميز


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 248

    122 قـصص ـآ‘لـقـرٍآن ( ـأصـحـاب ـآ‘لـجـنـة )

    مُساهمة من طرف مجاهدة فى سبيل الله الإثنين 21 ديسمبر 2009 - 11:41

    قـصص ـآ‘لـقـرٍآن ( ـأصـحـاب ـآ‘لـجـنـة )


    مفتاح قصتنا انهاردة هو : الرسائل الربانية

    حياتي وحياة حضرتك .. وحياة البشر مليانة بالرسائل .. طيب هو لية ربنا بيرسلها ؟؟؟
    لما تكون ناس ماشية فى طريق غلط وربنا يريد لها الرجوع إليه سبحانه وتعالي فيبعتلها رسائل ربانية فى 3 صور اما تكون عقابية أو رسايل رحمة أو إصلاح والسؤال ... ماذا يريد الله عز وجل منا .؟؟؟

    - الجواب فى آية جميلة أوي :
    " والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً 27 يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً ..

    تعالوا نبدأ القصة :- الأيات من سورة القلم من الآية 17 وحتي الآية 33 ..
    - إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة .. الإبتلاء هنا هو الغني .. مش بس الفقر هو الاختبار والغنى كمان ..

    ** رٍســالـتـنـا ـآ‘لـأوٍلــي :- يارجال الأعمال ياأغنياء فى كل العالم العربي والإسلامي اسمعوني .. زكاة المال والصدقة في العالم العربي والإسلامي تأكل كل الغلابة وتسد حاجات الفقراء
    اسمعواا !! .. دي رسالة ربانية لكم النهاردة " إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة " ..
    هما كانوا 3 اخوات ذكور ورثوا أرض زراعية .. الأرض دي علي بعد 8 كم من صنعاء اليمن هي ارض معروفة جدا وموجودة بمخطوطات .. موجودة فعلاً .
    ورثوها من ابوهم رجل الأعمال الناجح ، كانت الأرض زراعية خصبة وكانت عاملة زي الجنه وعشان كدة ربنا سمي القصة اصحاب الجنة من شدة جمالها وخصوبتها .
    كان رجل الاعمال الناجح عامل الارض دي للفقراء وكان عايش ينميها ويكبرها .. كان عايش عشانهم .
    مات الاب وترك الأرض وأولاده أقسموا انهم لن يعطوا الفقراء منها ولا ثمرة .. أصلهم كانوا مش راضيين علي اللي بيعمله الأب ..

    بدأت قصة الأب أنه كان رجل فقير .. عصامي بني نفسه بنفسه .. ولما اغتني بدأت علاقته بالصدقة وتطورت علاقته بيها لأنه حبها أوي.

    ** رٍسـالـتـنـا ـآ‘لـثـانـيـة :- بتسألك .. أخبارك إيه مع الصدقة .؟؟ أخر مرة تصدقت امتي ؟؟؟
    تعالوا نكمل ..الرجل انتقل مع الصدقة خمس مراحل .. اصل فهم رسايل ربنا ليه .. كان عنده بصيرة

    - ـآ‘لـمـرٍحـلـة ـآ‘لأوٍلـــي :- الصدقة حق ربنا .. الصدقـة والزكاة واجب وفرض لأنه كان بيخاف من ربنا " وفي أموالهم حق للسائل والمحروم " فهم الرسايل وانتقل من المرحلة الأولي ..

    - للـمـرٍحـلـة ـآ‘لـتـانـيـة :- المال يزيد بالإنفاق .. كان كل ماينفق تزيد أمواله فينفق أكتر فتزيد أكتر " وماأنفقتم من شئ فهو يخلفه"
    فهم حديث النبي " مانقص مال من صدقة "
    - من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفة له أضعافاً كثيرة .. لما سمعها أبو بكر بكي وقال :- ربنا يعلم بخلنا فلم يقل صدقة وقال قرض ، لأن القرض بيرجع .

    ** وٍرٍسـالـتـنـا ـآ‘لـثـالـثـة :- .... أنت مصدق إنها هترجع .؟؟ مين جربها وشافها ؟؟ والله ياجماعة أنا جربتها طيب عارف ليه سميت الصدقة .. صدقة .. والصدقة برهان .؟؟
    أصل دة دليل علي صدقك لتصديق كلام ربنا .. هذا الرجل صدق كلام الله .. أنت فين .؟ انت فى أي مرحلة .؟؟

    - أقولك قصة تصدق بيها أكتر ؟؟؟ جاءت القصة فى الصحيحين ..
    بينما رجل يمشي فى السحر فسمع صوت يقول : اسق حديقة فلان فالسحابة اتجمعت ، فقرر أنه يمشي يشوف هي هتروح فين لمين ومشي معاها فوجدها تسقي حديقة ، فنظر فى الحديقة ، فرأي رجل يزرع فسأله : انت فلان .؟ قال: نعم ، فحكي له أنه سمع صوت كذا ، وسأله انت بتعمل ايه .؟؟ فأخبره أنه يزرع الأرض ، ويقسم المحصول ثلاثة أثلاث أول ثلث للفقراء وتاني ثلث لأولادي والتالت استثمره فى الأرض عشان تطلع محصول تاني .. سبحا الله توازن .

    ياشباب .. طلع من مصروفك ومتقولش ان دة للأغنياء بس .. تصدق ولو بشق تمرة .

    وانتقل الرجل للمرحلة الثالثة : لذة إسعاد الفقير .. لذة ارمله تدعي له لذة الحنان علي طفل يتيم لذة فتح البيوت .. لذة العطاء أحلي بكثير من لذة الأخذ ...

    لما بنعيش لنفسنا بنتولد صغيرين ونعيش ونموت صغيرين ولما نعيش للناس عمرنا بيمتد بعمر كل واحد دخلنا الإبتسامة علي قلبه وبدأ الرجل يشعر بحلاوة في قلبه مبسوط كأنه صلي ألف ركعة قيام ..

    - وإنـتـقـل للـمـرٍحـلـة ـآ‘لـرٍابـعـة : المال مال الله .. الفلوس مش بتاعتى دي بتاعته هو وأنا مستأمن عليها .

    جامدة أووووي ... وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه .. بعدها انتقل للمـرحلـة ـآ‘لـخـامـسـة : أنا هعيش للعمل الخيري .. هعمل مشروع للفقراء وأعيش ليه وعمل زي سيدنا عثمان لما جهز جيش العسرة فقال النبي صلي الله عليه وسلم " ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم ..

    وعملها بردوا بيل جيتس ... للأسف يامسلمين بيل جيتس عمل مشروع للغلابة وعاش عشانه بينما كتير من المسلمين قرأوا الآيات والأحاديث ومعملوش حاجة .. خسارة يامسلمين .
    خلينا نرجع تاني .. حصل بعد كدة أن أولاده التلاتة مش عاجبهم الي أبوهم بيعمله فقرروا انهم بعد مايموت مش هيعملوا زيه ، وبدأوا يطردوا الفقراء ..

    كان أوسطهم قريب من أبوه شوية لكن اخواته مش بيسمعوا كلامه ، وبدأ الأب يتكلم مع ابنه وقرر الأب قرار عظيم .. قرر يجعل أمواله كلها فى أرض زراعية ضخمة مساحتها 20 فدان (أرض ـآ‘لـجـنـه ) ، وقرر يشغل أهل البلد الفقراء فيها ، ويوم الحصاد يبقي يوم عيد علي أهل صنعاء كلهم ، لكن مات الأب قبل الحصاد بمدة بسيطة ، وقرر الأولاد أنهم لن يكملوا مابدأه أبوهم .. يعني خانوا أبوهم .

    حطوا خطة وقالوا لو انتظرنا ليوم الحصاد أهل القرية هيتجمعوا ومش هنعرف نعمل اللى احنا عايزينه فقرروا انهم يحصدوا الزرع قبل النضج ويتركوه لينضج ويبيعوه هو والأرض ويقسموا التركة عليهم .

    ** وٍرٍسـالـتـنـا ـآ‘لـرٍابـعـة :- ياشباب إياكم وخيانة أبوكم .

    وحاول أوسطهم اللي كان قريب من ابوهم يردهم عن تخطيطهم لكنه فشل وانساق وراهم و دة زي اللى بيحصل مع الصحبة السيئة .. اياك تقول انا مرتبي كويس ومهما كنت في وسط صحبة سيئة هتبقي زيهم .

    إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين * ولا يستثنون * فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون ... فأصبحت كالصريم .

    سبحانه الله أقسموا انهم هيحصدوا كل الثمر ومش هيخلوا ولا ثمرة حتي لا يعطوا الفقراء فجعلها الله سبحانه وتعالي كالصريم .. اتحولت من أرض زراعية إلي أرض صخرية .. حريق شب فى الأرض وغير خواصها فتحولت إلي يوم الدين أرض صخرية ..الصريم دة آية من ربنا إياكم وخيانة أبوكم .. اياكم وحقوق الفقراء .. دي رسالة ربانية .

    يارجال الأعمال .. مصنعك ممكن يبقي بكرة صريم .. إياك وحقوق الفقراء .
    ياشباب تركتك وميراثك ممكن يبقي كالصريم إياك تخون أبوك .
    الصريم دة هيشهد علينا يوم القيامة .. هيبقي حجة علينا .. لا نقول إلا لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . طيب ليه "وهم نائمون" .. لأنهم يبتوا الخيانة والغدر فبيت الله لهم العقاب ..

    ** ـآ‘لـرٍسـالــة ـآ‘لـخــامـســة :- اياكم وذنوب الليل ياشباب .. ربنا مطلع وشايف ولو الناس مش شايفة .. عقوبة شديدة

    " فتنادوا مصبحين * أن اغدوا علي حرثكم إن كنتم صارمين * فانطلقوا وهم يتخافتون * أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين * وغدوا علي حرد قادرين * فلما رأوها قالوا إنا لضالون * بل نحن محرومون "

    سبحان الله قاموا الصبح ينادوا علي بعضهم بصوت منخفض ، لينفذوا اتفاقهم فلما اقتربوا منها لم يعرفوها .. دي مش أرضنا .. أكيد أخطأنا الطريق .. نرجع تاني .. لا تاني .. ولا تالت .. حتي اكتشفوا واستوعبوا انها هي ، فندموا لأنهم أرادوا حرمان الفقراء منها ، فحرمهم الله منها .

    تفتكروا ياجماعة فى رسالة ربانية أقوي من كدة ؟؟؟ .... متخيل ذلهم والأرض طالع منها الدخان .. تخيل حسرتهم والناس بيقولوا : كان أبوكم بيعطي وكانت جنة وأنتم حرمتم وأصبحت رماد .

    - خلاص كدة ... مفيش أمل .؟؟؟؟ لاء .. في أمل .. القرآن كله بيعلمنا معني جميل أوي .. دائماً في أمل .

    ألم أقل لكم لولا تسبحون * قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين * فأقبل بعضهم علي بعض يتلأومون * قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغيين * عسي ربنا أن يبدلنا خيراً منها ...

    أخوهم الأوسط رجع تاني ينصحهم علشان يعودوا لنهج أبوهم .. سبحوا الله واستغفروه ... وندموا وتابوا وتعلموا الدرس ، وفهموا رسالة ربنا ليهم .. فبدأوا العمل من جديد ولكن بعطاء أكثر ، فزاد الجزاء من الله ، وأبدلهم الله خيراً منها .

    ** رٍسـالـتـنـا ـآ‘لـسـادســة :- .. يـا آباء ازرعوا فى أولادكم القيم والمبادئ والخير ، وتأكدوا انها لن تضيع ... ابذر البذرة وارويها ومتخافش ...

    ويا شباب لو أخطأتم ، عملتم كبير لا تيأسوا ارجعوا وتوبوا إلي الله .. ربنا هيقبلكم بإذن الله ...

    - سأل عبدالله بن رواحة النبي صلي الله عليه وسلم فقال :- أوصني يارسول الله ، فقال له :- ياعبد الله لا تيأس وان أسأت تسعا أن تحسن واحدة فالحسنة بعشر أمثالها فيقبلك الله عز وجل .... ياتواب يارحيم .

    تعالوا نتعاهد ... نخليها ليلة توبة النهاردة .. نتعاهد بصدق ... نشتغل ونتعب زي ماآباءنا تعبوا .

    ابدأوا ياشباب .. ولا تعتمدوا علي آبائكم .. ربنا مش هيضيع تعبكم .

    وفي النهاية .. لنا سؤال ...

    - ياتري الرسالة الربانية دي كانت من أي نوع .؟؟ عقابية ولا رحمة .؟ ولا إصلاح .؟

    هي رسالة رحمة لأنهم تعلموا منها وأصلحوا من أنفسهم وتقول الآية الأخيرة .. " كذلك العذاب " والمقصود ان دة مفهوم العذاب الحقيقي فى الأرض .. وهو عذاب التصحيح لا عذاب الغضب وتكمل الآيات " ولعذا الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون" ..

    وأخيراً وصـيـة لرجال الأعمال :- حصنوا أموالكم بالزكاة زي ماحبيبك صلي الله عليه وسلم أخبرنا .. لو أغنياء العالم الإسلامي طلعوا زكاتهم مش هيبقي في فقير مسلم ..

    - حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة ...

    - وصية ياشباب .... تصدقوا ولو بشق تمرة ... خلوها من السبع الذين يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله .

    كام قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتي لا تعلم شماله ما انفقت يمينه ..

    - اياك تخون أهلك .

    - افهم الرسائل الربانية من ربنا وحاول تعيشها .

    - كن صاحب رسالة وعيش للفقراء .

    - اقض حاجات الناس ولا تبخل .
    ٱζـــًـًـًڵےّ ڦــڷـﭓ
    ٱζـــًـًـًڵےّ ڦــڷـﭓ
    المشـــرفه العـامـــــه
    المشـــرفه العـامـــــه


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 5616

    122 رد: مـــَع قــَصـص ـآ‘لــقـــرٍـآن ...!!

    مُساهمة من طرف ٱζـــًـًـًڵےّ ڦــڷـﭓ الثلاثاء 22 ديسمبر 2009 - 19:34

    تسلم ايدك ومجهودك
    يا مجاهده
    وجعله الله في ميزان حسناااااااااااااااتك
    love_story
    love_story
    نائــب المديـــر
    نائــب  المديـــر


    الجنس: : انثى
    المساهمات: : 3270

    122 رد: مـــَع قــَصـص ـآ‘لــقـــرٍـآن ...!!

    مُساهمة من طرف love_story الأحد 27 ديسمبر 2009 - 0:56

    جعله الله فى ميزان حسناتك مجاهدة

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 28 أبريل 2024 - 22:39